1. المقالات
  2. يوم في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم_ عبد الملك القاسم
  3. مزاح رسول الله

مزاح رسول الله

الكاتب : عبد الملك القاسم

النبي القائد  مهموم بأمر أمته، وبجيوشه، وقواده، وبأهل بيته، وبالوحي تارة وبالعبادة أخرى، وهناك هموم أخرى، إنها أعمال عظيمة تجعل أي رجل عاجزًا عن الوفاء بمتطلبات الحياة وبث الروح فيها، ولكنه عليه الصلاة والسلام أعطى كل ذي حق حقه فلم يقصر في حق على حساب آخر وفي جانب دون غيره، فهو  مع كثرة أعبائه وأعماله جعل للصغار في قلبه مكانًا، فقد كان عليه الصلاة والسلام يداعب الصغار ويمازحهم ويتقرب إلى قلوبهم ويدخل السرور على نفوسهم كما يمازح الكبار أحيانًا.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا يا رسول الله: إنك تداعبنا([1])، قال: «نعم. غير أني لا أقول إلا حقًا»([2]).

ومن مزاحه  ما رواه أنس بن مالك قال: «إن النبي  قال له: يا ذا الأذنين»([3]).

وعن أنس رضي الله عنه قال: «كان ابن لأم سليم يقال له أبو عمير كان النبي  ربما مازحه إذا جاء فدخل يومًا يمازحه، فوجده حزينًا، فقال: «مالي أرى أبا عمير حزينًا» فقالوا: يا رسول الله مات نغره الذي كان يلعب به، فجعل يناديه: «يا أبا عمير، ما فعل النغير؟»([4]).

ومع الكبار كان للرسول r مواقف يروي أحدها أنس بن مالك رضي الله عنه فيقول: إن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حرام، قال: وكان النبي يحبه وكان دميمًا، فأتاه النبي  يومًا يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصر: فقال: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي فجعل لا يألو ما ألزق ظهره بصدر النبي r حين عرفه، وجعل النبي  يقول: «من يشتري العبد» فقال: يا رسول الله إذا والله تجدني كاسدًا، فقال النبي: «لكن عند الله أنت غال»([5]).

إنه حسن خلق من كريم سجاياه وشريف خصاله عليه الصلاة والسلام.

ومع تبسط الرسول r مع أهله وقومه فإن لضحكه حدًا فلا تراه إلا مبتسمًا كما قالت عائشة رضي الله عنها: «ما رأيت رسول الله مستجمعًا قط ضاحكًا حتى ترى منه لهواته([6])، وإنما كان يبتسم»([7]).

ومع هذه البشاشة وطيب المعشر إلا أنه  يتمعر وجهه إذا انتهكت محارم الله قالت عائشة رضي الله عنها: قدم رسول الله  من سفر، وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله r هتكه وتلون وجهه وقال: «يا عائشة: أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله»([8]).

 فدل هذا على تحريم اتخاذ الصور في البيت إذا كانت بارزة، وأشد منه تحريمًا الصور المعلقة في الجدار أو التماثيل المنصوبة في الأركان وعلى الأرفف والمناضيد، فإن ذلك مع الإثم المترتب عليه يحرم أهل البيت من دخول ملائكة الرحمة في ذلك البيت.

 



([1]) تداعبنا: يعني تمازحنا.

([2]) رواه أحمد.

([3]) رواه أبو داود.

([4])  متفق عليه.

([5]) رواه أحمد.

([6]) اللهوات: جمع لهات: وهي اللحم التي في أقصى سقف الفم.

([7]) متفق عليه.

([8]) متفق عليه، والسهوة كالصفة بين يدي البيت، والقرام، ستر رقيق هتكه: أي أفسد الصورة التي فيه.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day