البحث
صوم القلب
يقول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: 11]، وهداية القلب أساس كل هداية ومبدأ كل توفيق وأصل كل عمل ورأس كل فعل. صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» [رواه البخاري ومسلم]. فصلاح قلبك سعادتك في الدنيا والآخرة ، وفساده هلاك محقق لا يعلم مداه إلا الله عز وجل، يقول الله عز وجل: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [قّ: 37].
ولكل مخلوق قلب... ولكنهما قلبان، قلب حي نابض بالنور مشرق بالإيمان ممتلئ باليقين عامر بالتقوى، وقلب ميت مندثر سقيم فيه كل خراب ودمار. يقول سبحانه وتعالى عن قلوب المعرضين اللاهين: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً} [البقرة:10]، فالقلوب تمرض ويطبع عليها، وتقفل وتموت. إن قلوب أعداء الله عز وجل معهم في صدورهم، ولكن لهم قلوب لا يفقهون بها، لذلك كان يقول عليه الصلاة والسلام كما صح عنه: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» [رواه الترمذي وصححه الألباني].
قلب المؤمن يصوم في رمضان وغيره وصيام القلب يكون تفريغه من المادة الفاسدة من شركيات مهلكة، من اعتقاد باطل، ومن وساوس سيئة، ومن نوايا خبيثة، ومن خطرات موحشة ومن كل شيء يشغله عن الله سبحانه وتعالى، فيجب أن تكون قلوبنا عامرة بحب الله، فقلب المؤمن عامر بحب الله، يعرف ربه بأسمائه وصفاته، كما وصف الله سبحانه وتعالى لنفسه؛ فهذا القلب يطالع بعين البصيرة سطور الأسماء والصفات، وصفحات صنع الله في الكائنات، ودفاتر إبداع الله في المخلوقات.
قلب المؤمن فيه نور وهاج لا تبقى معه ظلمة نور الرسالة الخالدة والتعاليم السماوية والتشريع الرباني، يضاف هذا إلى نور الفطرة التي فطر الله عليها العبد، فيجتمع نوران عظيمان {نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور: 35]