البحث
إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
قد يلحَنُ بالحجة فيأكل مال غيره، وقد يكذب في الأعذار فيقبل اعتذاره في الدنيا ليفلت من عقوبةٍ أو من عملٍ كان مفروضاً عليه، ولكن أمام الله يوم القيامة من سيحتج له أو يلحَنُ في الحجة ليدافع عنه أو يعتذر له بلا عذر؟
تأمل :
{عَفَا اللَّـهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ*لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [التوبة 43 - 45] .
قال السعدي في تفسيره :
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {عَفَا اللَّـهُ عَنكَ} أي: سامحك وغفر لك ما أجريت.
{لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} في التخلف {حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} بأن تمتحنهم، ليتبين لك الصادق من الكاذب، فتعذِر من يستحق العذر ممن لا يستحق ذلك، ثم أخبر أن المؤمنين باللّه واليوم الآخر، لا يستأذنون في ترك الجهاد بأموالهم وأنفسهم، لأن ما معهم من الرغبة في الخير والإيمان، يحملهم على الجهاد من غير أن يحثهم عليه حاث، فضلاً عن كونهم يستأذنون في تركه من غير عذر،
{وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} فيجازيهم على ما قاموا به من تقواه، ومن علمه بالمتقين، أنه أخبر، أن من علاماتهم، أنهم لا يستأذنون في ترك الجهاد.
{إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ} [التوبة جزء من الآية: 45] أي: ليس لهم إيمانٌ تامٌ، ولا يقينٌ صادق، فلذلك قلَّتْ رغبتهم في الخير، وجبنوا عن القتال، واحتاجوا أن يستأذنوا في ترك القتال، {فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} [التوبة جزء من الآية: 45] أي: لا يزالون في الشك والحيرة.