البحث
مـقدمـة عن حقوق آل البيت والصحابة
بسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ
مـقدمـة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن أعلام كل أمة فخرها وعزها ومجدها، وهم الذين ترتقي بهم الأمة وتسعد، وبتضحياتهم وآمالهم وآلامهم تمهد الطريق للأجيال إلى الرفعة والسؤدد، وإن الأمة الإسلامية لتفخر على الأمم وتتيه عليها بوجود أعلام خالدين فيها، فهم من الكثرة والجودة بحيث إنه ليس لأمة من أمم الأرض عشر معشارهم، وهذا أقوله بالتتبع والاستقراء والمعرفة التامة، إن شاء الله تعالى.
هذا وإن مما اتفق عليه عظماء الملة ومقدمو الأمة أن أعظم هؤلاء الأعلام، وأشدهم تأثيراً، وأكثرهم آثاراً هم الصدر الأول أهل القرون الثلاثة الأولى الفاخرة، فهم الذين لم يتكرروا بمجموعهم في تاريخ الأمة ولن يتكرروا.
هذا وإن واسطة عقِدهم، وأحسنهم وأفضلهم هم الصحابة الغر الميامين – آل بيت وغيرهم – ثم يتتابع بعدهم أجيال ساروا على طريقهم ونسجوا على منوالهم، وأفضلهم طريقة من كان ألصقهم بسيرة العظماء وأتبعهم لطريقتهم.
أما آل بيت رسول الله – صحابة وغير صحابة – فهم في الذروة من النسب والحسب ومن الجلال بمكان عظيم، تحبهم الأمة وتتعلق بهم، وترى فيهم امتداداً للسيرة العطرة لسيدهم ومهما كانوا عليه من حسن السيرة وجمال السريرة فإن القلوب تتعلق بهم أكثر وترمقهم الأبصار على وجه أجل وأعظم.
ولقد كان لكثير من آل بيت رسول الله وآثار جليلة وعظيمة في تاريخ الإسلام فرضي الله عنهم ورحمهم.
وأما الصحابة – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – فهم الجيل الذهبي الفريد في تاريخ البشرية، الذي لم ولن يتكرر بمجموعة أبداً، وهم خير القرون بشهادة رسول الله فقد قال "خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي"، وفي رواية "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي".
وقد زكاهم الله تعالى بقوله {وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلْأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَٰجِرِينَ وَٱلْأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَٰنٍۢ رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍۢ تَجْرِى تَحْتَهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ} [التوبة: 100], واختارهم وارتضاهم لصحبة نبيه فكانوا خير صحب لخير رسول ورضي عنهم.
وهؤلاء الغر الميامين بذلوا النفس والنفيس في سبيل نشر هذا الدين وإيصاله – عضاً طرياً كما أُنزل – لمن بعدهم، ونشروا الضياء في الخافقين، وضحوا بالأوقات والأرواح والأهل والأولاد فلم يلتفتوا – في سبيل نصرة الإسلام – لشي من ذلك فلله دَرّهم، ما أحسن عملهم، وما أعظم آثارهم، وما أفضل أفعالهم، لا جرم – إذن – أن يكونوا هم الفخر الذي نفخر به، والجيل الذي نعتز به.
ولما كان الصحابة – آل بيت وغيرهم – وكثير من آل بيت رسول الله من بعد الصحابة لما كانوا كذلك فإن لهم علينا حقوقاً كثيرة، لابد من معرفتها، وهذه المعرفة تورثنا أموراً منها:
1- أن نعبد الله بأداء حقوقهم، ونتقرب إليه سبحانه بالوفاء لهم.
2- الإنضباط في العواطف والمشاعر نحوهم فلا نغلو فيهم ولا نجفو عنهم.
3- معرفة عظمة قدرهم، وعظيم تضحياتهم فتصبح سيرتهم مثلاً أعلى للمسلمين، وقدوة للمقتدين، وضياء للسالكين.
وقد حاولت في هذا البحث الموجز أن أبين شيئاً من حقوقهم علينا، وبعض ما يجب لهم في أعناق الأمة.
هذا، وإني شاكر لله تعالى أن قدر إقامة هذا المؤتمر، ثم إني شاكر لمن قام عليه، وبذل الجهد لإنجاحه، وأعد مثل هذه الأعمال من أعظم القربات وأحسن العبادات.
وحبذا لو صاحب هذا الجهد جهد آخر لتفيذ توصيات المؤتمر وقراراته، وجعلها واقعاً معاشاً في الأرض يستفيد منه المسلمون ويتربي عليه الناشئة.
والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.