1. المقالات
  2. الجزء الثاني_زاد المعاد
  3. سياق حجته 4

سياق حجته 4

3531 2007/11/25 2024/03/19


سياق حجته 4

فصل


عدنا إلى سياق حجته فلما غربت الشمس واستحكم غروبها بحيث ذهبت الصفرة أفاض من عرفة وأردف أسامة بن زيد خلفه وأفاض بالسكينة وضم إليه زمام ناقته حتى إن رأسها ليصيب طرف رحله وهو يقول أيها الناس عليكم السكينة فإن البر ليس بالإيضاع أي ليس بالإسراع أفاض من طريق المازمين ودخل عرفة من طريق ضب


وهكذا كانت عادته صلوات الله عليه وسلامه في الأعياد أن يخالف الطريق وقد تقدم حكمه ذلك عند الكلام على هديه في العيد ثم جعل يسير العنق وهو ضرب من السير ليس بالسريع ولا البطيء فإذا وجد فجوة وهو المتسع نص سيره أي رفعه فوق ذلك وكلما أتى ربوة من تلك الربى أرخى للناقة زمامها قليلا حتى تصعد وكان يلبي في مسيره ذلك لم يقطع التلبية فلما كان في أثناء الطريق نزل صلوات الله وسلامه عليه فبال وتوضأ وضوءا خفيفا فقال له أسامة الصلاة يا رسول الله فقال الصلاة أو المصلى أمامك ثم سار حتى أتى المزدلفة فتوضأ وضوء الصلاة ثم أمر بالأذان فأذن المؤذن ثم أقام فصلى المغرب قبل حط الرحال وتبريك الجمال فلما حطوا رحالهم أمر فأقيمت الصلاة ثم صلى عشاء الآخرة بإقامة بلا أذان ولم يصل بينهما شيئا وقد روي أنه صلاهما بأذانين وإقامتين وروي بإقامتين بلا أذان والصحيح أنه صلاهما بأذان وإقامتين كما فعل بعرفة ثم نام حتى أصبح ولم يحي تلك الليلة ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء


وأذن في تلك الليلة لضعفة أهله أن يتقدموا إلى منى قبل طلوع الفجر وكان ذلك عند غيبوبة القمر وأمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس حديث صحيح صححه الترمذي وغيره وأما حديث عائشة رضي الله عنها أرسل رسول الله بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله تعني عندها رواه أبو داود


فحديث منكر أنكره الإمام أحمد وغيره ومما يدل على إنكاره أن فيه أن رسول الله أمرها أن توافي صلاة الصبح يوم النحر بمكة وفي رواية توافيه بمكة وكان يومها فأحب أن توافيه وهذا من المحال قطعا .. قال الأثرم قال لي أبو عبد الله حدثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة أن النبي أمرها أن توافيه يوم النحر بمكة لم يسنده غيره وهو خطأ وقال وكيع عن أبيه مرسلا إن النبي أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة أو نحو هذا وهذا أعجب أيضا أن النبي يوم النحر وقت الصبح ما يصنع بمكة ينكر ذلك قال فجئت إلى يحيى بن سعيد فسألته فقال عن هشام عن أبيه أمرها أن توافي وليس توافيه قال وبين ذين فرق قال وقال لي يحيى سل عبد الرحمن عنه فسألته فقال هكذا سفيان عن هشام عن أبيه قال الخلال سها الأثرم في حكايته عن وكيع توافيه وإنما قال وكيع توافي منى وأصاب في قوله توافي كما قال أصحابه وأخطأ في قوله منى

 


قال الخلال أنبأنا علي بن حرب حدثنا هارون بن عمران عن سليمان بن أبي داود عن هشام بن عروة عن أبيه قال أخبرتني أم سلمة قالت قدمني رسول الله فيمن قدم من أهله ليلة المزدلفة قالت فرميت بليل ثم مضيت إلى مكة فصليت بها الصبح ثم رجعت إلى منى قلت سليمان بن أبي داود هذا هو الدمشقي الخولاني ويقال ابن داود قال أبو زرعة عن أحمد رجل من أهل الجزيرة ليس بشيء وقال عثمان بن سعيد ضعيف قلت ومما يدل على بطلانه ما ثبت في الصحيحين عن القاسم ابن محمد عن عائشة قالت استأذنت سودة رسول الله ليلة المزدلفة أن تدفع قبله وقبل حطمة الناس وكانت امرأة ثبطة قالت فأذن لها فخرجت قبل دفعه وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه ولأن أكون استأذنت رسول الله كما استأذنته سودة أحب إلي من مفروح به فهذا الحديث الصحيح يبين أن نساءه غير سودة إنما دفعن معه فإن قيل فما تصنعون بحديث عائشة الذي رواه الدارقطني وغيره عنها أن رسول الله أمر نساءه أن يخرجن من جمع ليلة جمع فيرمين الجمرة ثم تصبح في منزلها وكانت تصنع ذلك حتى ماتت قيل يرده محمد بن حميد أحد رواته كذبه غير واحد ويرده أيضا    حديثها الذي في الصحيحين وقولها وددت أني كنت استأذنت رسول الله كما استأذنته سودة وإن قيل فهب أنكم يمكنكم رد هذا الحديث فما تصنعون بالحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أم حبيبة أن رسول الله بعث بها من جمع بليل قيل قد ثبت في الصحيحين أن رسول الله قدم تلك الليلة ضعفة أهله وكان ابن عباس فيمن قدم وثبت أنه قدم سودة وثبت أنه حبس نساءه عنده حتى دفعن بدفعه وحديث أم حبيبة انفرد به مسلم فإن كان محفوظا فهي إذا من الضعفة التي قدمها فإن قيل فما تصنعون بما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس أن النبي بعث به مع أهله إلى منى يوم النحر فرموا الجمرة مع الفجر

 

 قيل نقدم عليه حديثه الآخر الذي رواه أيضا الإمام أحمد والترمذي وصححه أن النبي قدم ضعفة أهله وقال لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس ولفظ أحمد فيه قدمنا رسول الله أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات لنا من جمع فجعل يلطح أفخاذنا ويقول أي بني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس لأنه أصح منه وفيه نهى النبي عن رمي الجمرة قبل طلوع الشمس وهو محفوظ بذكر القصة فيه والحديث الآخر إنما فيه أنهم رموها مع الفجر ثم تأملنا فإذا أنه لا تعارض بين هذه الأحاديث فإنه أمر الصبيان أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس فإنه لا عذر لهم في تقديم الرمي أما من قدمه من النساء فرمين قبل طلوع الشمس للعذر والخوف عليهن من مزاحمة الناس وحطمهم وهذا الذي دلت عليه السنة جواز الرمي قبل طلوع الشمس للعذر بمرض أو كبر يشق عليه مزاحمة الناس لأجله وأما القادر الصحيح فلا يجوز له ذلك وفي المسألة ثلاثة مذاهب أحدها الجواز بعد نصف الليل مطلقا للقادر والعاجز كقول الشافعي وأحمد رحمهما الله والثاني لا يجوز إلا بعد طلوع الفجر كقول أبي حنيفة رحمه الله والثالث لا يجوز لأهل القدرة إلا بعد طلوع الشمس كقول جماعة من أهل العلم والذي دلت عليه السنة إنما هو التعجيل بعد غيبوبة القمر لا نصف الليل وليس مع من حده بالنصف دليل والله أعلم


فصل


فلما طلع الفجر صلاها في أول الوقت لا قبله قطعا بأذان وإقامة يوم النحر وهو يوم العيد وهو يوم الحج الأكبر وهو يوم الأذان ببراءة الله ورسوله من كل مشرك ثم ركب حتى أتى موقفه عند المشعر الحرام فاستقبل القبلة وأخذ في الدعاء والتضرع والتكبير والتهليل والذكر حتى أسفر جدا وذلك قبل طلوع الشمس وهنالك سأله عروة بن مضرس الطائي فقال يا رسول الله إني جئت من جبلي طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال رسول الله من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد أتم حجه وقضى تفثه قال الترمذي حديث حسن صحيح وبهذا احتج من ذهب إلى أن الوقوف بمزدلفة والمبيت بها ركن كعرفة وهو مذهب اثنين من الصحابة ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهما وإليه ذهب إبراهيم النخعي والشعبي وعلقمة والحسن البصري وهو مذهب الأوزاعي وحماد بن أبي سليمان وداود الظاهري وأبي عبيد القاسم بن سلام واختاره المحمدان ابن جرير وابن خزيمة وهو أحد الوجوه للشافعية ولهم ثلاث حجج هذه إحداها والثانية قوله تعالى (   فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) ( البقرة 198 ) والثالثة فعل رسول الله الذي خرج مخرج البيان لهذا الذكر المأمور به واحتج من لم يره ركنا بأمرين أحدهما أن النبي مد وقت الوقوف بعرفة إلى طلوع الفجر وهذا يقتضي أن من وقف بعرفة قبل طلوع الفجر بأيسر زمان صح حجه ولو كان الوقوف بمزدلفة ركنا لم يصح حجه


الثاني أنه لو كان ركنا لاشترك فيه الرجال والنساء فلما قدم رسول الله النساء بالليل علم أنه ليس بركن وفي الدليلين نظر فإن النبي إنما قدمهن بعد المبيت بمزدلفة وذكر الله تعالى بها لصلاة عشاء الآخرة والواجب هو ذلك وأما توقيت الوقوف بعرفة إلى الفجر فلا ينافي أن يكون المبيت بمزدلفة ركنا وتكون تلك الليلة وقتا لهما كوقت المجموعتين من الصلوات وتضييق الوقت لأحدهما لا يخرجه عن أن يكون وقتا لهما حال القدرة

 


فصل


وقف في موقفه وأعلم الناس أن مزدلفة كلها موقف ثم سار من مزدلفة مردفا للفضل بن عباس وهو يلبي في مسيرة وانطلق أسامة بن زيد على رجليه في سباق قريش وفي طريقه ذلك أمر ابن عباس أن يلقط له حصى الجمار سبع حصيات ولم يكسرها من الجبل تلك الليلة كما يفعل من لا علم عنده ولا التقطها بالليل فالتقط له سبع حصيات من حصى الخذف فجعل ينفضهن في كفه ويقول بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين وفي طريقه تلك عرضت له امرأة من خثعم جميلة فسألته عن الحج عن أبيها وكان شيخا كبيرا لا يستمسك على الراحلة فأمرها أن تحج عنه وجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فوضع يده على وجهه وصرفه إلى الشق الآخر وكان الفضل وسيما فقيل صرف وجهه عن نظرها إليه وقيل صرفه عن نظره إليها والصواب أنه فعله للأمرين فإنه في القصة جعل ينظر إليها وتنظر إليه وسأله آخر هنالك عن امه فقال إنها عجوز كبيرة فإن حملتها لم تستمسك وإن ربطتها خشيت أن أقتلها فقال أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضية قال نعم قال فحج عن أمك فلما أتى بطن محسر حرك ناقته وأسرع السير وهذه كانت عادته في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه فإن هنالك أصاب أصحاب الفيل ما قص الله علينا ولذلك سمي ذلك الوادي وادي محسر لأن الفيل حسر فيه أي أعيى وانقطع عن الذهاب إلى مكة وكذلك فعل في سلوكه الحجر ديار ثمود فإنه تقنع بثوبه وأسرع السير ومحسر برزخ بين منة وبين مزدلفة لا من هذه ولا من هذه وعرنة برزخ بين عرفة والمشعر الحرام فبين كل مشعرين برزخ ليس منهما فمنى من الحرم وهي مشعر ومحسر من الحرم وليس بمشعر ومزدلفة حرم ومشعر وعرنة ليست مشعرا وهي من الحل وعرفة حل ومشعر وسلك الطريق الوسطى بين الطريقين وهي التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى منى فأتى جمرة العقبة فوقف في أسفل الوادي وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه واستقبل الجمرة وهو على راحلته فرماها راكبا بعد طلوع الشمس واحدة بعد واحدة يكبر مع كل حصاة وحينئذ قطع التلبية وكان في مسيرة ذلك يلبي حتى شرع في الرمي ورمى وبلال وأسامة معه أحدهما آخذ بخطام ناقته والآخر يظلله بثوب من الحر وفي هذا دليل على جواز استظلال المحرم بالمحمل ونحو إن كانت قصة هذا الإظلال يوم النحر ثابتة وإن كانت بعده في أيام منى فلا حجة فيها وليس في الحديث بيان في أي زمن كانت والله أعلم

 

 


فصل


ثم رجع إلى منى فخطب الناس خطبة بليغة أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر وتحريمه وفضله عند الله وحرمة مكة على جميع البلاد وأمرهم بالسمع والطاعة لمن قادهم بكتاب الله وأمر الناس بأخذ مناسكهم عنه وقال لعلي لا أحج بعد عامي هذا وعلمهم مناسكهم وأنزل المهاجرين والأنصار منازلهم وأمر الناس أن لا يرجعوا بعده كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض وأمر بالتبليغ عنه وأخبر أنه رب مبلغ أوعى من سامع وقال في خطبته لا يجني جان إلا على نفسه وأنزل المهاجرين عن يمين القبلة والأنصار عن يسارها والناس حولهم وفتح الله له أسماع الناس حتى سمعها أهل منى في منازلهم وقال في خطبته تلك اعبدوا ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم وودع حينئذ الناس فقالوا حجة الوداع وهناك سئل عمن حلق قبل أن يرمي وعمن ذبح قبل أن يرمي فقال لا حرج قال عبدالله بن عمرو ما رأيته سئل يومئذ عن شيء إلا قال افعلوا ولا حرج قال ابن عباس إنه قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال لا حرج وقال أسامة بن شريك خرجت مع النبي حاجا وكان الناس يأتونه فمن قائل يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف أو قدمت شيئا أو أخرت شيئا فكان يقول لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم فذلك الذي حرج وهلك وقوله سعيت قبل أن أطوف في هذا الحديث ليس بمحفوظ والمحفوظ تقديم الرمي والنحر والحلق بعضها على بعض وثم انصرف إلى المنحر بمنى فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده وكان ينحرها قائمة معقولة يدها اليسرى وكان عدد هذا الذي نحره عدد سني عمره ثم أمسك وأمر عليا أن ينحر ما غبر من المائة ثم أمر عليا رضي الله عنه أن يتصدق بجلالها ولحومها وجلودها في المساكين وأمره أن لا يعطي الجزار في جزارتها شيئا منها وقال نحن نعطيه من عندنا وقال من شاء اقتطع فإن قيل فكيف تصنعون بالحديث الذي في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال صلى رسول الله الظهر بالمدينة أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين فبات بها فلما أصبح ركب راحلته فجعل يهلل ويسبح فلما علا على البيداء لبى بهما جميعا فلما دخل مكة أمرهم أن يحلوا ونحر رسول الله بيده سبع بدن قياما وضحى بالمدينة كبشين أملحين فالجواب أنه لا تعارض بين الحديثين

 

 

 قال أبو محمد ابن حزم مخرج حديث أنس على أحد وجوه ثلاثة أحدها أنه لم ينحر بيده أكثر من سبع بدن كما قال أنس وأنه أمر من ينحر ما بعد ذلك إلى تمام ثلاث وستين ثم زال عن ذلك المكان وأمر عليا رضي الله عنه فنحر ما بقي .. الثاني أن يكون أنس لم يشاهد إلا نحره سبعا فقط بيده وشاهد جابر تمام نحره للباقي فأخبر كل منهما بما رأى وشاهد الثالث أنه نحر بيده منفردا سبع بدن كما قال أنس ثم أخذ هو وعلي الحربة معا فنحرا كذلك تمام ثلاث وستين كما قال غرفة بن الحارث الكندي أنه شاهد النبي يومئذ قد أخذ بأعلى الحربة وأمر عليا فأخذ بأسفلها ونحرا بها البدن ثم انفرد علي بنحر الباقي من المائة كما قال جابر والله أعلم فإن قيل فكيف تصنعون بالحديث الذي وراه الإمام أحمد وأبو داود عن علي قال لما نحر رسول الله بدنه فنحر ثلاثين بيده وأمرني فنحرت سائرها قلنا هذا غلط انقلب على الرواي فإن الذي نحر ثلاثين هو علي فإن النبي نحر سبعا بيده لم يشاهده علي ولا جابر ثم نحر ثلاثا وستين أخرى فبقي من المائة ثلاثون فنحرها علي فانقلب على الراوي عدد ما نحره علي بما نحره النبي فإن قيل فما تصنعون بحديث عبدالله بن قرط عن النبي قال إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر وهو اليوم الثاني قال وقرب لرسول الله بدنات خمس فطفقن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ فلما وجبت جنوبها قال فتكلم بكلمة خفية لم أفهمها فقلت ما قال قال من شاء اقتطع قيل نقبله ونصدقه فإن المائة لم تقرب إليه جملة وإنما كانت تقرب إليه أرسالا فقرب منهن إليه خمس بدنات رسلا وكان ذلك الرسل يبادرن ويتقربن إليه ليبدأ بكل واحدة منهن فإن قيل فما تصنعون بالحديث الذي في الصحيحين من حديث أبي بكرة في خطبة النبي يوم النحر بمنى وقال في آخره ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا لفظه لمسلم ففي هذا أن ذبح الكبشين كان بمكة وفي حديث أنس أنه كان بالمدينة قيل في هذا طريقتان للناس إحداهما أن القول قول أنس وأنه ضحى بالمدينة بكبشين أملحين أقرنين وأنه صلى العيد ثم انكفأ إلى كبشين ففصل أنس وميز بين نحره بمكة للبدن وبين نحره بالمدينة للكبشين وبين أنهما قصتان ويدل على هذا أن جميع من ذكر نحر النبي بمنى إنما ذكروا أنه نحر الإبل وهو الهدي الذي ساقه وهو أفضل من نحر الغنم هناك بلا سوق وجابر قد قال في صفة حجة الوداع إنه رجع من الرمي فنحر البدن وإنما اشتبه على بعض الرواة أن قصة الكبشين كانت يوم عيد فظن أنه كان بمنى فوهم الطريقة الثانية طريقة ابن حزم ومن سلك مسلكه أنهما عملان متغايران وحديثان صحيحان فذكر أبو بكرة تضحيته بمكة وأنس تضحيته بالمدينة قال وذبح يوم النحر الغنم ونحر البقر والإبل كما قالت عائشة ضحى رسول الله يومئذ عن أزواجه بالبقر وهو في الصحيحين

 

 


وفي صحيح مسلم ذبح رسول الله عن عائشة بقرة يوم النحر وفي السنن أنه نحر عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة ومذهبه أن الحاج شرع له التضحية مع الهدي والصحيح إن شاء الله الطريقة الأولى وهدي الحاج له بمنزلة الأضحية للمقيم ولم ينقل أحد أن النبي ولا أصحابه جمعوا بين الهدي والأضحية بل كان هديهم هو أضاحيهم فهو هدي بمنى وأضحية بغيرها وأما قول عائشة ضحى عن نسائه بالبقر فهو هدي أطلق عليه اسم الأضحية وأنهن كن متمتعات وعليهن الهدي فالبقر الذي نحره عنهن هو الهدي الذي يلزمهن ولكن في قصة نحر البقرة عنهن وهن تسع إشكال وهو إجزاء البقرة عن أكثر من سبعة وأجاب أبو محمد ابن حزم عنه بجواب على أصله وهو أن عائشة لم تكن معهن في ذلك فإنها كانت قارنة وهن متمتعات وعنده لا هدي على القارن وأيد قوله بالحديث الذي رواه مسلم من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة خرجنا مع رسول الله موافين لهلال ذي الحجة فكنت فيمن أهل بعمرة فخرجنا حتى قدمنا مكة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض لم أحل من عمرتي فشكوت ذلك إلى النبي فقال دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج قالت ففعلت فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني وخرج إلى التنعيم فأهللت بعمرة فقضى الله حجنا وعمرتنا ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم وهذا مسلك فاسد تفرد به ابن حزم عن الناس والذي عليه الصحابة والتابعون ومن بعدهم أن القارن يلزمه الهدي كما يلزم المتمتع بل هو متمتع حقيقة في لسان الصحابة كما تقدم وأما هذا الحديث فالصحيح أن هذا الكلام الأخير من قول هشام بن عروة جاء ذلك في صحيح مسلم مصرحا به فقال حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع حدثنا هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها فذكرت الحديث وفي آخره قال عروة في ذلك إنه قضى الله حجها وعمرتها قال هشام ولم يكن في ذلك هدي ولا صيام ولا صدقة قال أبو محمد إن كان وكيع جعل هذا الكلام لهشام فابن نمير وعبدة أدخلاه في كلام عائشة وكل منهما ثقة فوكيع نسبه إلى هشام لأنه سمع هشاما يقوله وليس قول هشام إياه بدافع أن تكون عائشة قالته فقد يروي المرء حديثا يسنده ثم يفتي به دون أن يسنده فليس شيء من هذا بمتدافع وإنما يتعلل بمثل هذا من لا ينصف ومن اتبع هواه والصحيح من ذلك أن كل ثقة فمصدق فيما نقل فإذا أضاف عبدة وابن نمير القول إلى عائشة صدقا لعدالتهما وإذا أضافه وكيع إلى هشام صدق أيضا لعدالته وكل صحيح وتكون عائشة قالته وهشام قاله قلت هذه الطريقة هي اللائقة بظاهريته وظاهرية أمثاله ممن لا فقه له في علل الأحاديث كفقه الأئمة النقاد أطباء علله وأهل العناية بها وهؤلاء لا يلتفتون إلى قول من خالفهم ممن ليس له ذوقهم ومعرفتهم بل يقطعون بخطئه بمنزلة الصيارف النقاد الذين يميزون بين الجيد والرديء ولا يلتفتون إلى خطإ من لم يعرف ذلك ومن المعلوم أن عبدة وابن نمير لم يقولا في هذا الكلام

 

قالت عائشة وإنما أدرجاه في الحديث إدراجا يحتمل أن يكون من كلامهما أو من كلام عروة أو من هشام فجاء وكيع ففصل وميز ومن فصل وميز فقد حفظ وأتقن ما أطلقه غيره نعم لو قال ابن نمير وعبدة قالت عائشة وقال وكيع قال هشام لساغ ما قال أبو محمد وكان موضع نظر وترجيح وأما كونهن تسعا وهي بقرة واحدة فهذا قد جاء بثلاثة ألفاظ أحدها أنها بقرة واحدة بينهن والثاني أنه ضحى عنهن يومئذ بالبقر والثالث دخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت ما هذا فقبل ذبح رسول الله عن أزواجه وقد اختلف الناس في عدد من تجزىء عنهم البدنة والبقرة فقيل سبعة وهو قول الشافعية وأحمد في المشهور عنه وقيل عشرة وهو قول إسحاق وقد ثبت أن رسول الله قسم بينهم المغانم فعدل الجزور بعشر شياة وثبت هذا الحديث أنه ضحى عن نسائه وهن تسع ببقرة وقد روى سفيان عن أبي الزبير عن جابر أنهم نحروا البدنة في حجهم مع رسول الله عن عشرة وهو على شرط مسلم ولم يخرجه وإنما أخرج قوله خرجنا مع رسول الله مهلين بالحج معنا النساء والولدان فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت وبالصفا والمروة وأمرنا رسول الله أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة وفي المسند من حديث ابن عباس كنا مع النبي في سفر فحضر الأضحى فاشتركنا في البقرة سبعة وفي الجزور عشرة ورواه النسائي والترمذي وقال حسن غريب وفي الصحيحين عنه نحرنا مع رسول الله عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة وقال حذيفة شرك رسول الله في حجته بين المسلمين في البقرة عن سبعة ذكره الإمام أحمد رحمه الله وهذه الأحاديث تخرج على أحد وجوه ثلاثة إما أن يقال أحاديث السبعة أكثر وأصح وإما أن يقال عدل البعير بعشرة من الغنم تقويم في الغنائم لأجل تعديل القسمة وأما كونه عن سبعة في الهدايا فهو تقدير شرعي وإما أن يقال إن ذلك يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والإبل ففي بعضها كان البعير يعدل عشر شياه فجعله عن عشرة وفي بعضها يعدل سبعة فجعله عن سبعة والله أعلم وقد قال أبو محمد إنه ذبح عن نسائه بقرة للهدي وضحى عنهن ببقرة وضحى عن نفسه بكبشين ونحر عن نفسه ثلاثا وستين هديا وقد عرفت ما في ذلك من الوهم ولم تكن بقرة الضحية غير بقرة الهدي بل هي هي وهدي الحاج بمنزلة ضحية الآفاقي

 

 


فصل


ونحر رسول الله بمنحره بمنى وأعلمهم أن منى كلها منحر وأن فحاج مكة طريق ومنحر وفي هذا دليل على أن النحر لا يختص بمنى بل حيث نحر من فجاج مكة أجزأه كما أنه لما وقف بعرفة قال وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ووقف بمزدلفة وقال وقفت هاهنا ومزدلفة كلها موقف وسئل أن يبنى له بمنى بناء يظله من الحر فقال لا منى مناخ لمن سبق إليه وفي هذا دليل على اشتراك المسلمين فيها وأن من سبق إلى مكان منها فهو أحق به حتى يرتحل عنه ولا يملكه بذلك

 

 


فصل


فلما أكمل رسول الله نحره استدعى بالحلاق فحلق رأسه فقال للحلاق وهو معمر بن عبدالله وهو قائم على رأسه بالموسى ونظر في وجهه وقال يا معمر أمكنك رسول الله من شحمة أذنه وفي يدك الموسى فقال معمر أما والله يا رسول الله إن ذلك لمن نعمة الله علي ومنه قال أجل إذا أقر لك ذكر ذلك الإمام أحمد رحمه الله وقال البخاري في صحيحه وزعموا أن الذي حلق للنبي معمر بن عبدالله بن نضلة بن عوف انتهى فقال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن فلما فرغ منه قسم شعره بين من يليه ثم أشار إلى الحلاق فحلق جانبه الأيسر ثم قال هاهنا أبو طلحة فدفعه إليه هكذا وقع في صحيح مسلم وفي صحيح البخاري عن ابن سيرين عن أنس أن رسول الله لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ من شعره

 


وهذا لا يناقض رواية مسلم لجواز أن يصيب أبا طلحة من الشق الأيمن مثل ما أصاب غيره ويختص بالشق الأيسر لكن قد روى مسلم في صحيحه أيضا من حديث أنس قال لما رمى رسول الله الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه ثم ناوله الشق الأيسر فقال احلق فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال اقسمه بين الناس ففي هذه الرواية كما ترى أن نصيب أبي طلحة كان الشق الأيمن وفي الأولى أنه كان الأيسر قال الحافظ أبو عبدالله محمد بن عبدالواحد المقدسي رواه مسلم من رواية حفص بن غياث وعبد الأعلى بن عبد الأعلى عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس أن النبي دفع إلى أبي طلحة شعر شقه الأيسر ورواه من رواية سفيان بن عيينة عن هشام بن حسان أنه دفع إلى أبي طلحة شعر شقه الأيمن قال ورواية ابن عون عن ابن سيرين أراها تقوي رواية سفيان والله أعلم قلت يريد برواية ابن عون ما ذكرناه عن ابن سيرين من طريق البخاري وجعل الذي سبق إليه أبو طلحة هو الشق الذي اختص به والله أعلم والذي يقوى أن نصيب أبي طلحة الذي اختص به كان الشق الأيسر وأنه عم ثم خص وهذه كانت سنته في عطائه وعلى هذا أكثر الروايات فإن في بعضها أنه قال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن فقسم شعره بين من يليه ثم أشار إلى الحلاق إلى الجانب الأيسر فحلقه فأعطاه أم سليم ولا يعارض هذا دفعه إلى أبي طلحة فإنها امرأته وفي لفظ آخر فبدأ بالشق الأيمن فوزعه الشعرة والشعرتين بين الناس ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك ثم قال هاهنا أبو طلحة فدفعه إليه وفي لفظ ثالث دفع إلى أبي طلحة شعر شق رأسه الأيسر ثم قلم أظفاره وقسمها بين الناس وذكر الإمام أحمد رحمه الله من حديث محمد بن عبدالله بن زيد أن أباه حدثه أنه شهد النبي عند المنحر ورجل من قريش وهو يقسم أضاحي فلم يصبه شيء ولا صاحبه فحلق رسول الله رأسه في ثوبه فأعطاه فقسم منه على رجال وقلم أظفاره فأعطاه صاحبه قال فإنه عندنا مخضوب بالحناء والكتم يعني شعره ودعا للمحلقين بالمغفرة ثلاثا وللمقصرين مرة وحلق كثير من الصحابة بل أكثرهم وقصر بعضهم وهذا مع قوله تعالى (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين ) ( الفتح 27 ) ومع قول عائشة رضي الله عنها طيبت رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم ولإحلاله قبل أن يحل دليل على أن الحلق نسك وليس بإطلاق من محظور

 

 


فصل


ثم أفاض إلى مكة قبل الظهر راكبا فطاف طواف الإفاضة وهو طواف الزيارة وهو طواف الصدر ولم يطف غيره ولم يسع معه هذا هو الصواب وقد خالف في ذلك ثلاث طوائف طائفة زعمت أنه طاف طوافين طوافا للقدوم سوى طواف الإفاضة ثم طاف للإفاضة وطائفة زعمت أنه سعى مع هذا الطواف لكونه كان قارنا وطائفة زعمت أنه لم يطف في ذلك اليوم وإنما أخر طواف الزيارة إلى الليل فنذكر الصواب في ذلك ونبين منشأ الغلط وبالله التوفيق قال الأثرم قلت لأبي عبدالله فإذا رجع أعني المتمتع كم يطوف ويسعى قال يطوف ويسعى لحجه ويطوف طوافا آخر للزيارة عاودناه في هذا غير مرة فثبت عليه قال الشيخ أبو محمد المقدسي في المغني وكذلك الحكم في القارن والمفرد إذا لم يكونا أتيا مكة قبل يوم النحر ولا طافا للقدوم فإنهما يبدآن بطواف القدوم قبل طواف الزيارة نص عليه أحمد رحمه الله واحتج بما روت عائشة رضي الله عنها قالت فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا فحمل أحمد رحمه الله قول عائشة على أن طوافهم لحجهم هو طواف القدوم قال ولأنه قد ثبت أن طواف القدوم مشروع فلم يكن طواف الزيارة مسقطا له كتحية المسجد عند دخوله قبل التلبس بالصلاة المفروضة وقال الخرقي في مختصره وإن كان متمتعا فيطوف بالبيت سبعا وبالصفا والمروة سبعا كما فعل للعمرة ثم يعود فيطوف بالبيت طوافا ينوي به الزيارة وهو قوله تعالى (وليطوفوا بالبيت العتيق ) ( الحج 29 ) فمن قال إن النبي كان متمتعا كالقاضي وأصحابه عندهم هكذا فعل والشيخ أبو محمد عنده أنه كان متمتعا التمتع الخاص ولكن لم يفعل هذا

 

 

 قال ولا أعلم أحدا وافق أبا عبدالله على هذا الطواف الذي ذكره الخرقي بل المشروع طواف واحد للزيارة كمن دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة فإنه يكتفى بها عن تحية المسجد ولأنه لم ينقل عن النبي ولا أصحابه الذين تمتعوا معه في حجة الوداع ولا أمر النبي به أحدا قال وحديث عائشة دليل على هذا فإنها قالت طافوا طوافا واحدا بعد أن رجعوا من منى لحجهم وهذا هو طواف الزيارة ولم تذكر طوافا آخر ولو كان هذا الذي ذكرته طواف القدوم لكانت قد أخلت بذكر طواف الزيارة الذي هو ركن الحج الذي لا يتم إلا به وذكرت ما يستغنى عنه وعلى كل حال فما ذكرت إلا طوافا واحدا فمن أين يستدل به على طوافين وأيضا فإنها لما حاضت فقرنت الحج إلى العمرة بأمر النبي ولم تكن طافت للقدوم لم تطف للقدوم ولا أمرها به النبي ولأن طواف القدوم لو لم يسقط بالطواف الواجب لشرع في حق المعتمر طواف القدوم مع طواف العمرة لأنه أول قدومه إلى البيت فهو به أولى من المتمتع الذي يعود إلى البيت بعد رؤيته وطوافه به انتهى كلامه قلت لم يرفع كلام أبي محمد الإشكال وإن كان الذي أنكره هو الحق كما أنكره والصواب في إنكاره فإن أحدا لم يقل إن الصحابة لما رجعوا من عرفة طافوا للقدوم وسعوا ثم طافوا للإفاضة بعده ولا النبي هذا لم يقع قطعا ولكن كان منشأ الإشكال أن أم المؤمنين فرقت بين المتمتع والقارن فأخبرت أن القارنين طافوا بعد أن رجعوا من منى طوافا واحدا وأن الذين أهلوا بالعمرة طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم وهذا غير طواف الزيارة قطعا فإنه يشترك فيه القارن والمتمتع فلا فرق بينهما فيه ولكن الشيخ أبا محمد لما رأى قولها في المتمتعين إنهم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوامن منى

 

 

قال ليس في هذا ما يدل على أنهم طافوا طوافين والذي قاله حق ولكن لم يرفع الإشكال فقالت طائفة هذه الزيادة من كلام عروة أو ابنه هشام أدرجت في الحديث وهذا لا يتبين ولو كان فغايته أنه مرسل ولم يرتفع الإشكال عنه بالإرسال فالصواب أن الطواف الذي أخبرت به عائشة وفرقت به بين المتمتع والقارن هو الطواف بين الصفا والمروة لا الطواف بالبيت وزال الإشكال جملة فأخبرت عن القارنين أنهم اكتفوا بطواف واحد بينهما لم يضيفوا إليه طوافا آخر يوم النحر وهذا هو الحق وأخبرت عن المتمتعين أنهم طافوا بينهما طوافا آخر بعد الرجوع من منى للحج وذلك الأول كان للعمرة وهذا قول الجمهور وتنزيل الحديث على هذا موافق لحديثها الآخر وهو قول النبي يسعك طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة لحجك وعمرتك وكانت قارنة ويوافق قول الجمهور ولكن يشكل عليه حديث جابر الذي رواه مسلم في صحيحه لم يطف النبي وآله وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول هذا يوافق قول من يقول يكفي المتمتع سعي واحد كما هو إحدى الروايتين عن أحمد رحمه الله نص عليها في رواية ابنه عبدالله وغيره وعلى هذا فيقال عائشة أثبتت وجابر نفى والمثبت مقدم على النافي أو يقال مراد جابر من قرن مع النبي وساق الهدي كأبي بكر وعمر وطلحة وعلى رضي الله عنهم وذوي اليسار فإنهم إنما سعوا سعيا واحدا وليس المراد به عموم الصحابة أو يعلل حديث عائشة بأن تلك الزيادة فيه مدرجة من قول هشام وهذه ثلاث طرق للناس في حديثها والله أعلم وأما من قال المتمتع يطوف ويسعى للقدوم بعد إحرامه بالحج قبل خروجه إلى منى وهو قول أصحاب الشافعي ولا أدري أهو منصوص عنه أم لا قال أبو محمد فهذا لم يفعله النبي ولا أحد من الصحابة البتة ولا أمرهم به ولا نقله أحد قال ابن عباس لا أرى لأهل مكة أن يطوفوا ولا أن يسعوا بين الصفا والمروة بعد إحرامهم بالحج حتى يرجعوا من منى وعلى قول ابن عباس قول الجمهور ومالك أحمد وأبي حنيفة وإسحاق وغيرهم وأبي حنيفة وإسحاق وغيرهم والذين استحبوه قالوا لما أحرم بالحج صار كالقادم فيطوف ويسعى للقدوم قالوا ولأن الطواف الأول وقع عن العمرة فيبقى طواف القدوم ولم يأت به فاستحب له فعله عقيب الإحرام بالحج وهاتان الحجتان واهيتان فإنه إنما كان قارنا لما طاف للعمرة فكان طوافه للعمرة مغنيا عن طواف القدوم كمن دخل المسجد فرأى الصلاة قائمة فدخل فيها فقامت مقام تحية المسجد وأغنته عنها

 


وأيضا فإن الصحابة لما أحرموا بالحج مع النبي لم يطوفوا عقيبه وكان أكثرهم متمتعا وروى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة أنه إن أحرم يوم التروية قبل الزوال طاف وسعى للقدوم وإن أحرم بعد الزوال لم يطف وفرق بين الوقتين بأنه بعد الزوال يخرج من فوره إلى منى فلا يشتغل عن الخروج بغيره وقبل الزوال لا يخرج فيطوف وقول ابن عباس والجمهور هو الصحيح الموافق لعمل الصحابة وبالله التوفيق


فصل


والطائفة الثانية قالت إنه سعى مع هذا الطواف وقالوا هذا حجة في أن القارن يحتاج إلى سعيين كما يحتاج إلى طوافين وهذا غلط عليه كما تقدم والصواب أنه لم يسع إلا سعيه الأول كما قالته عائشة وجابر ولم يصح عنه في السعيين حرف واحد بل كلها باطلة كما تقدم فعليك بمراجعته


فصل


والطائفة الثالثة الذين قالوا أخر طواف الزيارة إلى الليل وهم طاووس ومجاهد وعروة ففي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه من حديث أبي الزبير المكي عن عائشة وابن عباس أن النبي أخر طوافه يوم النحر إلى الليل وفي لفظ طواف الزيارة قال الترمذي حديث حسن وهذا الحديث غلط بين خلاف المعلوم من فعله الذي لا يشك فيه أهل العلم بحجته فنحن نذكر كلام الناس فيه قال الترمذي في كتاب العلل له سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث وقلت له أسمع أبو الزبير من عائشة وابن عباس قال أما من ابن عباس فنعم وفي سماعه من عائشة نظر وقال أبو الحسن القطان عندي أن هذا الحديث ليس بصحيح إنما طاف النبي يومئذ نهارا وإنما اختلفوا هل صلى الظهر بمكة أو رجع إلى منى فصلى الظهر بها بها بعد أن فرغ من طوافه فابن عمر يقول إنه رجع إلى منى فصلى الظهر بها وجابر يقول إنه صلى الظهر بمكة وهو ظاهر حديث عائشة من غير رواية أبي الزبير هذه التي فيها أنه أخر الطواف إلى الليل وهذا شيء لم يرو إلا من هذا الطريق وأبو الزبير مدلس لم يذكر هاهنا سماعا من عائشة وقد عهد أنه يروي عنها بواسطة ولا عن ابن عباس أيضا فقد عهد كذلك أنه يروي عنه بواسطة وإن كان قد سمع منه فيجب التوقف فيما يرويه أبو الزبير عن عائشة وابن عباس مما لا يذكر فيه سماعه منهما لما عرف به من التدليس لو عرف سماعه منها لغير هذا فأما ولم يصح لنا أنه من عائشة فالأمر بين في وجوب التوقف فيه وإنما يختلف العلماء في قبول حديث المدلس إذا كان عمن قد علم لقاؤه له وسماعه منه هاهنا يقول قوم يقبل ويقول آخرون يرد ما يعنعنه عنهم حتى يتبين الاتصال في حديث حديث وأما ما يعنعنه المدلس عمن لم يعلم لقاؤه له ولا سماعه منه فلا أعلم الخلاف فيه بأنه لا يقبل ولو كنا نقول بقول مسلم بأن معنعن المتعاصرين محمول على الاتصال ولو لم يعلم التقاؤهما فإنما ذلك في غير المدلسين وأيضا فلما قدمناه من صحة طواف النبي يومئذ نهارا والخلاف في رد حديث المدلسين حتى يعلم اتصاله أو قبوله حتى يعلم انقطاعه إنما هو إذا لم يعارضه ما لا شك في صحته وهذا قد عارضه ما لا شك في صحته انتهى كلامه ويدل على غلط أبي الزبير على عائشة أن أبا سلمة بن عبدالرحمن روى عن عائشة أنها قالت حججنا مع رسول الله فأفضنا يوم النحر

 

 

 وروى محمد بن إسحاق عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عنها أن النبي أذن لأصحابه فزاروا البيت يوم النحر ظهيرة وزار رسول الله مع نسائه ليلا وهذا غلط أيضا قال البيهقي وأصح هذه الروايات حديث نافع عن ابن عمر وحديث جابر وحديث أبي سلمة عن عائشة يعني أنه طاف نهارا قلت إنما نشأ الغلط من تسمية الطواف فإن النبي أخر طواف الوداع إلى الليل كما ثبت فيالصحيحين من حديث عائشة قالت خرجنا مع النبي فذكرت الحديث إلى أن قالت فنزلنا المحصب فدعاعبدالرحمن بن أبي بكر فقال اخرج بأختك من الحرم ثم افرغا من طوافكما ثم ائتياني هاهنا بالمحصب قالت فقضى الله العمرة وفرغنا من طوافنا في جوف الليل فأتيناه بالمحصب فقال فرغتما قلنا نعم فأذن في الناس بالرحيل فمر بالبيت فطاف به ثم ارتحل متوجها إلى المدينة فهذا هو الطواف الذي أخره إلى الليل بلا ريب فغلط فيه أبو الزبير أو من حدثه به وقال طواف الزيارة والله الموفق ولم يرمل في هذا الطواف ولا في طواف الوداع وإنما رمل في طواف القدوم


فصل


ثم أتى زمزم بعد أن قضى طوافه وهم يسقون فقال لولا أن يغلبكم الناس لنزلت فسقيت معكم ثم ناولوه الدلو فشرب وهو قائم فقيل هذا نسخ لنهيه عن الشرب قائما وقيل بل بيان منه أن النهي على وجه الاختيار وترك الأولى وقيل بل للحاجة وهذا أظهر وهل كان في طوافه هذا راكبا أو ماشيا فروى مسلم في صحيحه عن جابر قال طاف رسول الله بالبيت في حجة الوداع على راحلته يستلم الركن بمحجنه لأن يراه الناس وليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه وفي الصحيحين عن ابن عباس قال طاف النبي في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن وهذا الطواف ليس بطواف الوداع فإنه كان ليلا وليس بطواف القدوم لوجهين أحدهما أنه قد صح عنه الرمل في طواف القدوم ولم يقل أحد قط رملت به راحلته وإنما قالوا رمل نفسه والثاني قول الشريد بن سويد أفضت مع رسول الله فما مست قدماه الأرض حتى أتى جمعا وهذا ظاهره أنه من حين أفاض معه ما مست قدماه الأرض إلى أن رجع ولا ينتقض هذا بركعتي الطواف فإن شأنهما معلوم   قلت والظاهر أن الشريد بن سويد إنما أراد الإفاضة معه من عرفة ولهذا قال حتى أتى جمعا وهي مزدلفة ولم يرد الإفاضة إلى البيت يوم النحر ولا ينتقض هذا بنزوله عند الشعب حين بال ثم ركب لأنه ليس بنزول مستقر وإنما مست قدماه الأرض مسا عارضا والله أعلم


فصل


ثم رجع إلى منى واختلف أين صلى الظهر يومئذ ففي الصحيحين عن ابن عمر أنه أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى وفي صحيح مسلم عن جابر أنه صلى الظهر بمكة وكذلك قالت عائشة واختلف في ترجيح أحد هذين القولين على الآخر فقال أبو محمد ابن حزم قول عائشة وجابر أولى وتبعه على هذا جماعة ورجحوا هذا القول بوجوه أحدها أنه رواية اثنين وهما أولى من الواحد الثاني أن عائشة أخص الناس به ولها من القرب والاختصاص به والمزية ما ليس لغيرها

 


الثالث أن سياق جابر لحجة النبي من أولها إلى آخرها أتم سياق وقد حفظ القصة وضبطها حتى ضبط جزئياتها حتى ضبط منها أمرا لا يتعلق بالمناسك وهو نزول النبي ليلة جمع في الطريق فقضى حاجته عند الشعب ثم توضأ وضوءا خفيفا فمن ضبط هذا القدر فهو بضبط مكان صلاته يوم النحر أولى الرابع أن حجة الوداع كانت في آذار وهو تساوي الليل والنهار وقد دفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس إلى منى وخطب بها الناس ونحر بدنا عظيمة وقسمها وطبخ له من لحمها وأكل منه ورمى الجمرة وحلق رأسه وتطيب ثم أفاض فطاف وشرب من ماء زمزم ومن نبيذ السقاية ووقف عليهم وهم يسقون وهذه أعمال تبدو في الأظهر أنها لا تنقضي في مقدار يمكن معه الرجوع إلى منى بحيث يدرك وقت الظهر في فصل آذار الخامس أن هذين الحديثين جاريان مجرى الناقل والمبقي فقد كانت عادته في حجته الصلاة في منزله الذي هو نازل فيه بالمسلمين فجرى ابن عمر على العادة وضبط جابر وعائشة رضي الله عنهما الأمر الذي هو خارج عن عادته فهو أولى بأن يكون هو المحفوظ ورجحت طائفة أخرى قول ابن عمر لوجوه أحدها أنه لو صلى الظهر بمكة لم تصل الصحابة بمنى وحدانا وزرافات بل لم يكن لهم بد من الصلاة خلف إمام يكون نائبا عنه ولم ينقل هذا أحد قط ولا يقول أحد إنه استناب من يصلي بهم ولولا علمه أنه يرجع إليهم فيصلي بهم لقال إن حضرت الصلاة ولست عندكم فليصل بكم فلان وحيث لم يقع هذا ولا هذا ولا صلى الصحابة هناك وحدانا قطعا ولا كان من عادتهم إذا اجتمعوا أن يصلوا عزين عزين علم أنهم صلوا معه على عادتهم الثاني أنه لو صلى بمكة لكان خلفه بعض أهل البلد وهم مقيمون وكان يأمرهم أن يتموا صلاتهم ولم ينقل أنهم قاموا فأتموا بعد سلامه صلاتهم وحيث لم ينقل هذا ولا هذا بل هو معلوم الانتفاء قطعا علم أنه لم يصل حينئذ بمكة

 

 

وما ينقله بعض من لا علم عنده أنه قال يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر فإنما قاله عام الفتح لا في حجته الثالث أنه من المعلوم أنه لما طاف ركع ركعتي الطواف ومعلوم أن كثيرا من المسلمين كانوا خلفه يقتدون به في أفعاله ومناسكه فلعله لما ركع ركعتي الطواف والناس خلفه يقتدون به ظن الظان أنها صلاة الظهر ولا سيما إذا كان ذلك في وقت الظهر وهذا الوهم لا يمكن رفع احتماله بخلاف صلاته بمنى فإنها لا تحتمل غير الفرض الرابع أنه لا يحفظ عنه في حجه أنه صلى الفرض بجوف مكه بل إنما كان يصلي بمنزله بالأبطح بالمسلمين مدة مقامه كان يصلي بهم أين نزلوا لا يصلي في مكان آخر غير المنزل العام الخامس أن حديث ابن عمر متفق عليه وحديث جابر من أفراد مسلم فحديث ابن عمر أصح منه وكذلك هو في إسناده فان رواته أحفظ وأشهر وأتقن فأين يقع حاتم بن إسماعيل من عبيدالله ابن عمر العمري وأين يقع حفظ جعفر من حفظ نافع السادس أن حديث عائشة قد اضطرب في وقت طوافه فروي على في ثلاثة أوجه أحدها أنه طاف نهارا الثاني أنه أخر الطواف إلى الليل الثالث أنه أفاض من آخر يومه فلم يضبط فيه وقت الإفاضة ولا مكان الصلاة بخلاف حديث ابن عمر السابع أن حديث ابن عمر اصح منه بلا نزاع فإن حديث عائشة من رواية محمد بن إسحاق عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عنها وابن إسحاق مختلف في الاحتجاج به ولم يصرح بالسماع بل عنعنه فكيف يقدم على قول عبيدالله حدثني نافع عن ابن عمر

 


الثامن أن حديث عائشة ليس بالبين أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمكة فإن لفظه هكذا أفاض رسول الله من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات فأين دلالة هذا الحديث الصريحة على أنه صلى الظهر يومئذ بمكة وأين هذا في صريح الدلالة إلى قول ابن عمر أفاض يوم النحر ثم صلى الظهر بمنى يعني راجعا وأين حديث اتفق أصحاب الصحيح على إخراجه إلى حديث اختلف في الاحتجاج به والله أعلم


فصل


قال ابن حزم وطافت أم سلمة في ذلك اليوم على بعيرها من وراء الناس وهي شاكية استأذنت النبي في ذلك اليوم فأذن لها واحتج عليه بما رواه مسلم في صحيحه من حديث زينب بنت أم سلمة (وكتاب مسطور ) ولا يتبين أن هذا الطواف هو طواف الإفاضة لأن النبي لم يقرأ في ركعتي ذلك الطواف بالطور ولا جهر بالقراءة بالنهار بحيث تسمعه أم سلمة من وراء الناس وقد بين أبو محمد غلط من قال إنه أخره إلى الليل فأصاب في ذلك وقد صح من حديث عائشة أن النبي أرسل بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت فكيف يلتئم هذا مع طوافها يوم النحر وراء الناس ورسول الله إلى جانب البيت يصلي ويقرأ في صلاته (  والطور وكتاب مسطور) هذا من المحال فإن هذه الصلاة والقراءة كانت في صلاة الفجر أو المغرب أو العشاء وأما أنها كانت يوم النحر ولم يكن ذلك الوقت رسول الله بمكة قطعا فهذا من وهمه رحمه الله
فطافت عائشة في ذلك اليوم طوافا واحدا وسعت سعيا واحدا أجزأها عن حجها وعمرتها وطافت صفية ذلك اليوم ثم حاضت فأجزأها طوافها ذلك عن طواف الوداع ولم تودع فاستقرت سنته في المرأة الطاهرة إذا حاضت قبل الطواف أو قبل الوقوف أن تقرن وتكتفي بطواف واحد وسعي واحد وإن حاضت بعد طواف الإفاضة اجتزأت به عن طواف الوداع

 

 


فصل


ثم رجع إلى منى من يومه ذلك فبات بها فلما أصبح انتظر زوال الشمس فلما زالت مشى من رحله إلى الجمار ولم يركب فبدأ بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الخيف فرماها بسبع حصيات واحدة بعد واحدة يقول مع كل حصاة الله أكبر ثم تقدم على الجمرة أمامها حتى أسهل فقام مستقبل القبلة ثم رفع يديه ودعا دعاء طويلا بقدر سورة البقرة ثم أتى إلى الجمرة الوسطى فرماها كذلك ثم انحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فوقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو قريبا من وقوفه الأول ثم أتى الجمرة الثالثة وهي جمرة العقبة فاستبطن الوادي واستعرض الجمرة فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه فرماها بسبع حصيات كذلك ولم يرمها من أعلاها كما يفعل الجهال ولا جعلها عن يمينه واستقبل البيت وقت الرمي كما ذكره غير واحد من الفقهاء فلما أكمل الرمي رجع من فوره ولم يقف عندها فقيل لضيق المكان بالجبل وقيل وهو أصح إن دعاءه كان في نفس العبادة قبل الفراغ منها فلما رمى جمرة العقبة فرغ الرمي والدعاء في صلب العبادة قبل الفراغ منها أف

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day