البحث
التعليم بالتكرار
من الأساليب التربوية الناجحة التي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم تكرار الكلمة أكثر من مرة ليفهم السامع ويدرك تلك الكلمة فهماً واستيعاباً ، والتكرار قد يكون في الجُمل ، وقد يكون في الأسماء ، وقد يكون في غيرها ، ومما جاء في تكرار الكلمات ما رواه أنس بن مالك (( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاُ حتى تُفهم عنه ، وإذا أتى على قوم فسلّم عليهم سلّم عليهم ثلاثاُ )) ]رواه البخاري [
وعند الترمذي من حديث أنس : (( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثاً لتُعقل عنه )) .
قال المباركفوري : (( والمراد أنه كان صلى الله عليه وسلم يكرر الكلام ثلاثاً إذا اقتضى المقام ذلك ، لصعوبة المعنى ، أو غرابته ، أو كثرة السامعين ، لا دائماً فإن تكرير الكلام من غير حاجة ليس من البلاغة ))
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( رغم أنف ، ثم رغم أنف ، ثم رغم أنف من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخلاه الجنة )) ]مسلــم [ فالرسول صلى الله عليه وسلم كرر كلمة رغم أنف ثلاث مرات ليجذب الانتباه ويهيئ النفوس للكلمة التي بعدها توكيداً لأهميتها .
ويقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه البخاري : (( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر – ثلاثاً - )) قالوا : بلى يارسول الله . قال : (( الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين )) وكان متكئاً فجلس فقال : (( ألا وقول الزور )) قال : فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت )) ]البخاري [.
(( وقد كرر الرسول صلى الله عليه وسلم قول الزور ؛ لأن قول الزور وشهادة الزور يقع ضررها على الفرد نفسه وعلى المجتمع مما قد يسبب ضياع حقوق الناس مما ينتج عنه الحقد والبغضاء ، وبالتالي يؤدي إلى تفكك المجتمع )) .
ومما ورد في تكراره صلى لله عليه وسلم للأسم ما رواه أنس بن مالك من قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم : (( يا معاذ ابن جبل )) قال : لبيك يارسول الله وسعديك – ثلاثاً )) قال : (( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صادقاً من قلبه إلا حرّمه الله على النار .. )) الحديث ..
وقد كرر الرسول صلى الله عليه وسلم نداءه لمعاذ بن جبل تهيئة للخبر العظيم الذي سوف يحمله ، والتكرار من أهم الطرائق التي يجب أن يتبعها المعلم والمربي ، فإن السامع قد يفوته بعض الكلام أو يعجز عن فهمه للمرة الأولى ، وقد يشرد ذهنه أو يسترعي انتباهه بعض ما حوله ، فيصرفه عن إدراك ما يسمع ، فيأتي التكرار إسعافاً له ومعونة ترده إلى المعنى ، وتوصل المعنى إليه .