البحث
عثمان بن مظعون
|
هو عثمان بن مظعون ابن حبيب بن وهب بن حذافة بن كعب الجمحي، أبو السائب. <154> وكان من سادة المهاجرين.. حاله في الجاهلية: وكان عثمان بن مظعون أحد من حرم الخمر في الجاهلية وقال: لا أشرب شرابا يذهب عقلي ويضحك بي من هو أدنى مني ويحملني على أن أنكح كريمتي. فلما حرمت الخمر أتى وهو بالعوالي. فقيل له: يا عثمان. قد حرمت الخمر. فقال: تبا لها قد كان بصري فيها ثاقب. وفي هذا نظر لأن تحريم الخمر عند أكثرهم بعد أحد. إسلامه: انطلق عثمان بن مظعون، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد، وأبو عبيدة بن الجراح، حتى أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعَرَض عليهم الإسلام، وأنبأهم بشرائعه، فأسلموا جميعاً في ساعةٍ واحدةٍ، وذلك قبل دخول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دار الأرقم، وقبل أن يدعو فيها000 وهاجر الهجرة الأولى إلى الحبشة في السنة الخامسة للبعثة. أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته: لقد ربى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على الاهتمام بالمسلمين ومعايشة آلامهم وكان عثمان بن مظعون ممن تأثرت نفسه بذلك فرد جوار الوليد بن المغيرة وفضل أن يعيش كإخوانه المسلمين المستضعفين في جوار الله عز وجل ومستعيناً به. ويروي ابن إسحاق هذا الحدث الذي يدل على عمق التربية لدى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعندما أشيع إسلام أهل مكة رجع من هاجروا إلى الحبشة ولما قربوا من دخول مكة علموا أن أهل مكة لم يدخلوا في الإسلام فرجع منهم من رجع إلى الحبشة ودخل البعض الآخر مستخفياً والبعض دخل في جوار أناس من المشركين ودخل عثمان بن مظعون في جوار الوليد بن المغيرة: ولما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاء، وهو يروح ويغدو في أمان من الوليد ابن المغيرة قال: والله إن غدوي ورواحي آمنا في جوار رجل من أهل الشرك وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني، لنقص كثير في نفسي. فمشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له: يا أبا عبد شمس، وفت ذمتك، قد رددت إليك جوارك، قال: لم يا ابن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي؟ قال: ل، ولكني أرضى بجوار الله عز وجل ولا أريد أن أستجير بغيره قال: فانطلق إلى المسجد، فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية. قال: فانطلق، فخرجا حتى أتيا المسجد فقال الوليد بن المغيرة هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري. قال صدق قد وجدته وفيا كريم الجوار، ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره. ثم انصرف عثمان رضي الله عنه ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر في مجلس من قريش ينشدهم فجلس معهم عثمان فقال لبيد... ألا كل شيء ما خلا الله باطل... فقال عثمان صدقت فقال لبيد... وكل نعيم لا محالة زائل... فقال عثمان كذبت نعيم الجنة لا يزول فقال لبيد يا معشر قريش والله ما كان يؤذى جليسكم فمتى حدث هذا فيكم فقال رجل من القوم إن هذا سفيه في سفهاء معه قد فارقوا ديننا فلا تجدن في نفسك من قوله فرد عليه عثمان حتى شرى أمرهما فقام إليه ذلك الرجل ولطم عينه فخضرها والوليد ابن المغيرة قريب يرى ما بلغ عثمان فقال والله يا ابن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية ولقد كنت في ذمة منيعة قال يقول عثمان بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله واني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس فقال له الوليد هلم يا ابن أخي إلى جوارك فعد قال لا.. أهم ملامح شخصيته: 1ـ صدق إسلامه وطاعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأدائه للعبادات ليلاً ونهاراً.. قال سعد بن أبي وقاص: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم التبتل على عثمان بن مظعون ولو أذن له لأختصين. وكان عابدا مجتهدا من فضلاء الصحابة وقد كان هو وعلي بن أبي طالب وأبو ذر رضي الله عنهم هموا أن يختصوا ويتبتلوا فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك. ونزلت فيهم: " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا..." الآية المائدة 962 2ـ شدة حياءه.. أتى عثمان بن مظعون النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال:( يا رسول الله إنّي لا أحبّ أن ترى امرأتي عورتي )000قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:( ولِمَ؟)000قال:( أستحيي من ذلك وأكرهه )000 قال -صلى الله عليه وسلم-:( إنّ الله جعلها لك لباس، وجعلك لها لباس، وأهلي يرون عورتي، وأنا أرى ذلك منهم )000قال:( أنت تفعلُ ذلك يا رسول الله؟)000قال:( نعم )000قال:( فمِنْ بعدِك )000فلمّا أدبر قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:( إنّ ابن مظعون لَحَييٌّ سِتّيرٌ )000 بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم: ـ يقول أبو بردة: دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي -صلى الله عليه وسلم -فرأينها سيئة الهيئة، فقلن له: ما لك؟ فما في قريش أغنى من بعلك! قالت: أما ليله فقائم، وأما نهاره فصائم، فلقيه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أما لك بي أسوة... الحديث. قال: فأتتهن بعد ذلك عطرة كأنها عروس. ـ وعن حماد بن زيد قال: حدثنا معاوية بن عياش، عن أبي قلابة أن عثمان بن مظعون قعد يتعبد، فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا عثمان! إن الله لم يبعثني بالرهبانية وإن خير الدين عند الله الحنيفية السمحة. بعض كلماته: قال عثمان بن مظعون يعاتب أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، وهو ابن عمه وكان يؤذيه في إسلامه وكان أمية شريفا في قومه في زمانه ذلك: أتيم بن عمرو للذي جاء بغضة ومن دونه الشرمان والبرك أكتع أأخرجتني من بطن مكة آمنا وأسكنتني في صرح بيضاء تقذع تريش نبالا لا يواتيك ريشها وتبرى نبالا ريشها لك أجمع وحاربت أقواما كراما أعزة وأهلكت أقواما بهم كنت تفزع ستعلم إن نابتك يوما ملمة وأسلمك الأوباش ما كنت تصنع وتيم بن عمرو، الذي يدعو عثمان جمح كان اسمه تيم. موقف الوفاة: ـ يروي خارجة بن زيد، عن أم العلاء وهي من المبايعات، فذكرت أن عثمان بن مظعون اشتكى عندهم، فمرضناه حتى توفي، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: شهادتي عليك أبا السائب. لقد أكرمك الله! فقال رسول الله: وما يدريك؟ قلت: لا أدري بأبي أنت وأمي يا رسول الله فمن؟ قال: أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير، وإني لرسول الله، وما أدري ما يفعل بي. قالت: فوالله لا أزكي بعده أحد. قالت: فأحزنني <160> ذلك، فنمت، فرأيت لعثمان عينا تجري، فأخبرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ذاك عمله. ـ وعن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل عثمان بن مظعون وهو ميت، ودموعه تسيل على خد عثمان ابن مظعون ـ وعن أبي النضر قال: لما مر بجنازة عثمان بن مظعون قال رسول الله: ذهبت ولم تلبس منها بشيء. وروى محمد بن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن سالم أبي النضر قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون وهو يموت فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب فسجي عليه وكان عثمان نازلا على امرأة من الأنصار يقال لها أم معاذ فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا عليه طويلا ثم تنحى فبكى فبكى أهل البيت فقال: " إلى رحمة الله أبا السائب ". وكان السائب ابنه قد شهد معه بدرا فقالت أم معاذ: هنئا لك أبا السائب الجنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وما يدريك يا أم معاذ ما هو فقد جاءه اليقين ولا نعلم إلا خيرا ". قالت: لا والله لا أقولها لأحد بعده أبدا. وتوفي:في شعبان سنة ثلاث وكان أول من دفن ببقيع الغرقد يقول عبيد الله بن أبي رافع قال: أول من دفن ببقيع الغرقد عثمان بن مظعون، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند رأسه حجرا، وقال: هذا قبر فرطنا. |