البحث
من إسلام حمزة إلى عودته صلى الله عليه وسلم من الطائف
82 ـ ما سبب إسلام حمزة؟
لقد كان الاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم سببًا لإسلام حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روي في سبب إسلامه أن جارية (مولاة لعبد الله بن جدعان) أخبرته أن أبا جهل قد أساء إلى ابن أخيك محمد صلى الله عليه وسلم، إساءات بذيئه، فتوجه حمزة إليه وغاضبه وسبه، وقال: كيف تسب محمدًا وأنا على دينه، فشجه شجة منكرة، فكان إسلامه في بداية الأمر أنفــة ثم شرح الله صدره بنور اليقين حتى صار من أفاضل المؤمنين.
(كان ذلك في السنة السادسة من البعثة).
83 ـ هل دعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يسلم عمر؟
نعم؛ فقد جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك: بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب) رواه الترمذي.
84 ـ هل كان إسلام عمر بن الخطاب عزًا للمسلمين؟
نعم؛ فقد قال ابن مسعود: (ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر) رواه البخاري.
قال ابن حجر: (المراد إعزاز المسلمين بإسلام عمر لما كان فيه من الجلد والقوة في أمر الله).
وعنه قال: (كان إسلام عمر عزًا، وهجرته نصرًا، وإمارته رحمة) رواه الطبراني.
85 ـ ماذا فعل عمر عندما أسلم؟
عندما شرح الله صدره للإسلام قال: أيّ قريش أنقل للحديث؟ فقيل: جميل بن معمر، فجاء عمر فأخبره بإسلامه فأسرع جميل إلى الكعبة وصرخ في القوم بأعلى صوته قائلاً: ألا إن عمر صبأ، وعمر خلفه يقول: كذب ولكن قد أسلمت.
86 ـ ماذا فعلت قريش عندما رأت كثرة الداخلين في الإسلام؟
قرروا وتحالفوا على بني هاشم وبني عبد المطلب: أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يجالسوهم ولا يخالطوهم ولا يدخلوا بيوتهم ولا يكلموهم حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبوا في ذلك صحيفة وعلقت في جوف الكعبة.
فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم ـ إلا أبا لهب ـ وحبسوا في شعب أبي طالب.
87 ـ من الذي تولى كتابة الصحيفة؟
قال ابن القيم: (الصحيح أنه بغيض بن عامر بن هاشم فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشلت يده).
88 ـ كم كانت مدة الحصار؟
قال ابن القيم: (بقوا محبوسين ومحصورين مضيقًا عليهم جدًا، مقطوعًا عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين).
89 ـ من الصحابي الذي ولد في الشعب؟
عبد الله بن عباس.
90 ـ من الذي سعى في نقض الصحيفة؟
هشام بن عمرو بن عامر بن لؤي.
وكان قد اتفق مع زهير بن أبي أمية، والمطعم بن عدي، وزمعة بن الأسود، وأبو البختري.
91 ـ ماذا نستفيد من هذا الفعل من قبل قريش؟
ـ بيان ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون من أذى واضطهاد من قبل كفار قريش.
ـ أن ما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابتلاءات عزاء لكل مؤمن فيما يصيبه في هذه الحياة من بلاء ومصائب.
ـ من أسباب صبرهم وثباتهم على هذه الابتلاءات هو الإيمان بالله الذي خالطت بشاشته قلوبهم، فلا يبالون ما ينال أجسادهم من إيذاء، ما دام أن هذا الإيذاء والتعذيب في ذات الله.
وقد سأل هرقل أبا سفيان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه؟ قال: لا، فقال: كذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب.
ـ بيان أن أهل الكرم والمروءة لا يخلو منهم زمان ولا مكان والحمد لله.
92 ـ متى مات أبو طالب؟
مات سنة عشر من البعثة، بعد الخروج من الشعب بقليل.
93 ـ هل مات على الكفر؟
نعم، على الرغم من حمايته للرسول صلى الله عليه وسلم.
عن ابن المسيب عن أبيه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أبي طالب عندما حضرته الوفاة، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا عم، قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيد تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}.. ونزل: {إنك لا تهدي من أحببت}) متفق عليه.
وعن العباس (أنه قال: يا رسول الله، هل نفعت أبا طالب بشيء فإنــه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: نعم، هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفــل من النار) متفق عليه.
(ضحضاح) الضحضاح من الماء ما يبلغ الكعبين، والمعنى أنه خفف عنه العذاب.
94 ـ لماذا حزن النبي لما مات عمه أبو طالب؟
لأنه كان يحوطه ويغضب له وينصره، وقد تقدم قريبًا قول ابن مسعود: (وأمّا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه).
وأخباره في حياطته والذب عنه معروفة مشهورة، ومما اشتهر من شعره في ذلك قوله:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسَّدَ في التراب دفينا
95 ـ ما الحكمة من استمرار أبي طالب على دين قومه؟
قال ابن كثير: (وكان استمراره على دين قومه من حكمة الله تعالى، ومما صنعه لرسوله من الحماية؛ إذ لو كان أسلم أبو طالب لما كان له عند مشركي قريش وجاهة ولا كلمة، ولا كانوا يهابونه ويحترمونه ولاجترؤا عليه ولمدوا أيديهم وألسنتهم بالسوء إليه).
96 ـ متى ماتت خديجــــة؟
في السنــة العاشرة من المبعث، وقبل الهجرة بنحو ثلاث سنين.
97 ـ ماذا فعلت قريش بعد موت عمه وزوجه؟
اشتد غضبها وآذوا رسول الله أذى شديدًا.
98 ـ ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك؟
خرج إلى الطائف.
99 ـ من كان معه حين خروجه إلى الطائف؟
مولاه زيد بن حارثة.
100 ـ ماذا فعل به أهل الطائف؟
لم يجيبوه وآذوه وأخرجوه.
قال ابن القيم: (فرجموه بالحجارة حتى أدموا كعبيه).
101 ـ كم أقام بالطائف؟
قيل: شهر، وقيل: عشرة أيام.
102 ـ ماذا لقي الرسول صلى الله عليه وسلم في طريقه؟
قال ابن القيم: (وفي طريقه لقي عداسًا النصراني فآمن به وصدقه).
103 ـ كيف رجــــع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف؟
رجع مهمومًا مغمومًا، فأرسل الله إليه ملك الجبال ليكون رهن إشارته إذا أحب أن يطبق عليهم الأخشبين.
عن عائشة. قالت: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال: لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت ـ وأنا مهموم ـ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي ثم قال: يا محمد، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا) متفق عليه.
(ملك الجبال) المراد الملَك الموكل بها. (الأخشبين) هما جبلا مكة أو قبيس والذي يقابله، وسميا بذلك لصلابتهما وغلظ حجارتهما.
104 ـ اذكر بعض الفوائد والعبر مما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم في رحلته للطائف؟
ـ بيان ثبات الرسول صلى الله عليه وسلم وعدم يأسه مهمـا عظم البلاء، يدل على ذلك خروجه إلى الطائف يطلب النصرة.
ـ بيان سوء معاملة أهل الطائف، ومع هذا لم يدع عليهم صلى الله عليه وسلم، بل دعا لهم: (اللهم اهد ثقيفًا وأت بهم) واستجاب الله له فيهم فأتوا بعد حصارهم وآمنوا وأسلموا.
ـ بيان شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على قومه، ومزيد صبره وحلمه، وهو موافق لقوله تعالى {فبما رحمة من الله لنت لهم} وقوله: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.