البحث
الجزء التاسع_ولنا وقفة !
وهنا يجب التنبيه إلى أن المحرضين الذين استغلوا هذا الزواج للنيل من محمد صلى الله عليه وسلم، اعتمدوا على جهل الناس بتفاصيله الدقيقة، وعلى كسب تعاطف الغربيين مع عائشة التي صوروها كأنها فتاة أمريكية في القرن الواحد والعشرين حرمت التمتع ببراءة طفولتها، في حين أن الأمر مختلف تماما عن ذلك. إذ لا يعقل اعتماد الطفلة الأمريكية أو الغربية في القرن الواحد والعشرين كمقياس للحكم وبناء المواقف عن الطفلة الشرقية والعربية قبل 1400 سنة، فهذا غير منطقي أبدا لأنه سيسبب سوء فهم لواقع الحال في ذلك الزمن وبالتالي حكما خاطئا. وإن كان هؤلاء النقاد يريدون أن يتزوج نبي الإسلام منذ 14 قرنا على الطريقة الأمريكية أو الغربية في القرن الواحد والعشرين فذلك شأنهم وحدهم، ولا يمكنهم في جميع الأحوال فرض مبادئهم على أجيال سبقتهم بمئات السنين ولا يعقل أن يحكموا على هذه الأجيال القديمة وفق مبادئ لم يعيشوها ولم يؤمنوا بها ولم يشاركوا في تأسيسها، ولا يجب أن ننسى أن هؤلاء النقاد عندما نقدوا زواج نبي الإسلام من عائشة لم يقارنوه بواقع الحال في كثير من الدول الغربية والمسيحية بعد مئات السنين ولا بالديانة اليهودية التي تسمح بزواج الطفلة عندما تتجاوز الثالثة بيوم واحد. الأمر الذي يبين عدم مصداقية هؤلاء النقاد وينزه نبي الإسلام عن ما تبثه أقلامهم السامة. كما لا يفوتني في معرض الحديث عن زواج الأنبياء في سن كبيرة بفتيات عذارى أن أذكر ما يقوله الكتاب المقدس نفسه عن النبي داوود، الذي شاخ في السن وأصابه البرد فلم يدفأ رغم محاولات تدفئته بكثرة الثياب، يقول سفر الملوك الأول، الإصحاح الأول الفقرات 1-3: "و شاخ الملك داود وتقدم في الأيام وكانوا يدثرونه بالثياب فلم يدفأ، فقال له عبيده ليفتشوا لسيدنا الملك على فتاة عذراء فلتقف أمام الملك ولتكن له حاضنة ولتضطجع في حضنك فيدفأ سيدنا الملك، ففتشوا على فتاة جميلة في جميع تخوم إسرائيل فوجدوا ابيشج الشونمية فجاءوا بها إلى الملك".
وكم يسهل الاستنتاج، من هذا الاقتباس، أن النبي داود في عمر متقدمة جدا، بل هو شيخ هرم أصابه البرد ولكن مع ذلك بحثوا له عن فتاة عذراء تصغره بعشرات السنين لتدفئه! والواضح أن هذه الآيات تحمل معاني جنسية؛ فهي تتحدث عن تدفئة النبي داوود بواسطة فتاة جميلة تحضنه وتضطجع في حضنه ليدفأ، حسب تعبير الآيات! فلماذا لا ينظر المحرضون ضد الإسلام إلى هذا السلوك، ويعتبرونه اغتصابا وهوسا جنسيا؟ لماذا لا تتحدث وسائل الإعلام الغربية