1. المقالات
  2. المرحلة الثانية(الدعوة جهاراً)
  3. المجلس الاستشاري لكف الحجاج عن استماع الدعوة

المجلس الاستشاري لكف الحجاج عن استماع الدعوة

5402 2007/11/13 2024/11/17
  وخلال هذه الأيام أهم قريشاً أمر آخر وذلك أن الجهر بالدعوة لم يمض عليه إلا أشهر معدودة حتى قرب موسم الحج ، وعرفت قريش أن وفود العرب ستقدم عليهم فرأت أنه لابد من كلمة يقولونها للعرب في شأن محمد حتى لا يكون لدعوته أثر في نفوس العرب ، فاجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة يتداولون في تلك الكلمة ، فقال لهم الوليد : أجمعوا فيه رأياً واحداً ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضاً ويرد قولكم بعضه بعضاً ، قالوا : فأنت فقل ، قال : بل أنتم فقولوا أسمع . قالوا : نقول : كاهن . قال : لا والله ما هو بكاهن ، لقد رأينا الكهان ، فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه ، قالوا : فنقول : مجنون. قال : ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه ما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته . قالوا : فنقول شاعر، قال : ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطة ، فما هو بالشعر، قالوا : فنقول : ساحر. قال : ما هو بساحر ، لقد رأينا السحار وسحرهم ، فما هو بنفثهم ولا عقدهم . قالوا: فما نقول ؟ قال : والله أن لقوله لحلاوة ، وإن أصله لعذق ، وإن رفعه لجناة ، وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل ، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا : ساحر جاء بقول سحر يفرق بين المرء وأبيه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته ، فتفرقوا عنه بذلك .

   وتفيد بعض الروايات أن الوليد لما رد عليهم كل ما عرضوا له ، قالوا : أرنا رأيك الذي لا غضاضة فيه ، فقال لهم : أمهلوني حتى أفكر في ذلك فظل الوليد يفكر ويفكر حتى أبدى لهم رأيه الذي ذكر آنفاً .

   وفي الوليد أنزل الله ست عشرة آية من سورة المدثر ( من 11 إلى 16) وفي خلالها صور كيفية تفكيره ، فقال تعالى إنه فكر وقدر . فقتل كيف قدر . ثم قتل كيف قدر . ثم نظر. ثم عبس وبسر . ثم أدبر واستكبر . فقال إن هذا إلا سحر يؤثر . إن هذا إلا قول البشر .

   وبعد أن اتفق المجلس على هذا القرار أخذوا في تنفيذه فجلسوا بسبل الناس حين قدموا الموسم ، لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره .

   والذي تولى كبر ذلك هو أبو لهب ، فقد كان رسول الله يتبع الناس إذا وافى الموسم في منازلهم وفي عكاظ ومجنة وذي المجاز يدعوهم إلى الله ، وأبو لهب وراءه يقول : لا تطيعوه فإنه صابئ كذاب .

   وأدى ذلك إلى أن صدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله وانتشر ذكره في بلاد العرب كلها .

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day