البحث
مُلَخَّص سِلْسِلَة: المَدْخَل لِعِلْمِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّة _ المحاضرة السادسة
للشيخ وليد بن عثمان الرشودي -حفظه الله تعالى-
تعريف السيرة النبوية
لو أن سائلاً سأل:
لماذا كل هذا الطول حول هذا الموضوع؟
نقول:
أن جملة من المصنفين في الدراسات حول السيرة النبوية خلط بين السيرة والسنة فلم يوجد تفريق بينهما، فعرف السيرة بالسنة والسنة بالسيرة.
ولكن في النظر في المصنفات لا يمكن أن تقول أن السيرة هي السنة والسيرة هي السنة، وأنت حينما تريد أن تعرف شيئًا تنظر إلى مصنفاته.
● تعريف السيرة النبوية على وجه التفصيل
لو تأملنا إلى السيرة النبوية نجد أنها مركبة من كلمتين:
1) سيرة:
1- لغة: هي الطريقة.
== قال ابن فارس: السين والياء والراء أصل يدل على مضي وجرايا.
يقال: سار يسير سيرًا.
والسيرة الطريقة في الشيء والسنة لأنها تسير وتجري.
== قال ابن منظور: السيرة الطريقة.
يقال: سار بهم سيرة حسنة، والسيرة الهيئة، وفي التنزيل الكريم:{سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى}[طه:21] يعني طريقتها الأولى.
وسَيَّرَ سيرة حدَّث أحاديث الأوائل.
في بعض الأحيان يُعبَّر عن السيرة بالسنة لوجود التلازم اللغوي بينهما: - كما في حديث:[ عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي... ] أي عليكم بطريقتي وطريقة الخلفاء الراشدين.
- بعض السلف كانوا يقولون: يأخذون البيعة على سنة العمرين.
- قول علي -رضي الله عنه-:« جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين وكلٌّ سنة ».
2- اصطلاحا: عرفه جملة من أهل العلم، منهم من قال:
- السيرة بمعنى الطريقة والسنة، ويراد بها:
التعرف حياة الرسول صلى الله عليه وسلم منذ الإرهاصات التي مهدت لرسالته، وما سبق مولده من سمات تُلقي أضواء رحمانية على طريقة الدعوة المحمدية، ومولد الرسول صلى الله عليه وسلم ونشأته حتى مبعثه، وما جاء بعد ذلك من دعوة الناس إلى الدين القيِّم، وما لقي في سبيل نشر هذا الدين من معارضة وما جرى بيانه بينه صلى الله عليه وسلم، وبين من عارضوه بالبيان والسنان، وذكر من استجاب له حتى عَلَت راية الحق وأضاءت شُعلة الإيمان.
- وعرفه بعضهم منهم د. محمد بن صامل السلمي -حفظه الله- تعالى- وهو من أئمة هذا الفن:
هي دراسة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأخباره وأخبار أصحابه على الجملة، وبيان أخلاقه وصفاته وخصائصه ودلائل نبوته وأحوال عصره صلى الله عليه وسلم.
[ تنبيه ]
ذكر "أصحابه" في التعريف لا تخدمه المصنفات في السيرة.
إذن ما هو التعريف الجامع المانع؟
هو أن نقول:
« هو علم يُعرف به أيام ومغازي وأحوال النبي صلى الله عليه وسلم تفصيلاً منذ ولادته ونشأته إلى أن لحِق بالرفيق الأعلى عليه الصلاة والسلام ».
لماذا اختير هذا التعريف؟
1- محترزات التعريف:
- فذكر الأيام يشمل هدي النبي صلى الله عليه وسلم في يومه: بيعه، شراءه، مخالطته، دعوته، وفوده، رسله عليه الصلاة والسلام.
- مغازيه، حروبه، معاركه، غزواته عليه الصلاة والسلام هي أعظم مادة في السيرة، وللأسف أن بعض من يتكلم عن السيرة يحصِر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في المغازي فقط، والسبب هو أن بعض المناهج التعليمية التي تكلمت عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم جعلت الغزوات في باب السيرة فقط.
- أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه.
- صفاته وشمائله عليه الصلاة والسلام.
- معجزاته عليه الصلاة والسلام.
- منذ ولادته يقتضي أن نتلكم عن نسبه، من يكون، اسمه كاملاً، إلى من يرجع، علاقته بإسماعيل عليه السلام، علاقته بالكعبة، حكمة ولادة النبي عليه الصلاة والسلام في يوم الفيل، صفة ولادته، مجتمعه قبل بعثته عليه الصلاة والسلام.
- نشأته وشبابه عليه الصلاة والسلام.
- هجرته ونصرته عليه الصلاة والسلام.
- إلى أن لحق بالرفيق الأعلى، آخر أيام حياته، حجة الوداع، مرضه عليه الصلاة والسلام، وفاته، دفنه، انتقال البيعة بعده إلى أبي بكر
فهو نسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
2) نبوية:
نسأل الله تعالى الكريم المنان أن يمُنّ ويفتح علينا في معرفة سيرة حبيبنا عليه الصلاة والسلام، وأن يجعلنا من أهل ملته وأنصار دينه وأن يحشرنا في زمرته إنه سميع قريب.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين