البحث
الشويق من خلال البلاغة أو الترغيب والترهيب
تحت قسم :
الرسول المعلم
6438
2010/02/08
2024/11/12
المقال مترجم الى :
English
كما أنَّ التشويق يكون من خلال أساليب لها تعلُّق بالسمع أو البصر
– وهو الأكثر- ،
فهناك إثارة من خلال صفة الكلام وطبيعته ،
من حيث الأسلوب والبلاغة ، وهذا يتذوقه من يعرف العربية ،
وله اهتمام بأساليبها ودقائقها ،
في حين قد يراه الآخرون أسلوباً عادياً وهو ليس كذلك .
المطلب الأول : التشويق من خلال أمور لها تعلُّق بالعربية .
من المعلوم أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) من أفصح البشر ،
وهو مرسلٌ إلى الناس جميعاً وعلى رأسهم العرب أهل الفصاحة والبلاغة ، ولهذا اقترنت
الأحاديث النبوية الشريفة بكثير من المباحث اللغوية والبلاغية ،
أمثلة
أولاً : الإجمال ثم التفصيل .
والإجمال عندما يرد في أقوال الرسول (صلى الله عليه وسلم) فإنه يكون غالباً لحث
السامعين على طلب التفاصيل ،
وهو ادعى للإثارة والتشويق ،
وذلك كأن يذكر عدداً لخصالٍ أو أصناف ،
ثم يذكر هذه الأصناف أو الخصال ،
أو يذكر كلاماً مجملاً ويتوقف حتى يقود السامع لطلب تفصيل ما أُجمل .
ومثال ذلك ما رواه مسلم عن تميم الداري أنَّ النبي(صلى الله عليه وسلم) قال :
(( الدين النصيحة )) ،
وفي بعض الروايات أنَّ (صلى الله عليه وسلم ) كرر هذا القول ثلاث مرات
ثمَّ سكت ،
مما استثار الحاضرين من الصحابة وجعلهم يتساءلون لمن هذه النصيحة ؟
ولهذا جاءت تتمة الحديث :
(( قالوا : لمن يا رسول الله ؟
قال : لله ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين ، وعامتهم ))
فبهذه الروايات يكون هناك أكثر من إثارةٍ ،
أولها :
الإجمال لإلهاب نفس السامعين وتشويقهم لطلب التفصيل ،
والثاني :
تكرار ما أُجمل ، ولهذا قال ابن حجر الهيتمي ،
(( فيه إشارة إلى أنَّ للعالم أن يكل فهم ما يلقيه إلى السامع ، فلا يزيد في البيان حتى
يسأله لتشوق نفسه حينئذ إليه ، فيكون أوقع في نفسه مما إذا هجمه من أول وهلة )) .
ومن هذا القبيل كذلك قوله (صلى الله عليه وسلم)
( آمركم بأربع ، وأنهاكم عن أربع ))
ثم أخذ يفصِّل ما أجمله بقوله أربع في كلٍ من المأمورات والمنهيات ،
ففي قوله : (آمركم بأربع ) إجمال ،
وكذا في قوله (وأنهاكم عن أربع ) ،
قال ابن حجر
(( والحكمة في الإجمال بالعدد قبل التفسير ، أن تتشوف النفس إلى التفصيل ثم تسكن
إليه ، وأن يحصل حفظها للسامع ، فإذا نسي شيئاً من تفاصيلها طالب نفسه بالعدد ، فإذا
لم يستوف العدد الّذي حفظه علم أنَّه قد فاته بعض ما سمع ))
ونظير ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم)
(( بني الإسلام على خمس ))
ثم الشروع في تفصيل هذه الخمس .
ثانياً : تقديم الخبر على المبتدأ أو المعمول على العامل .
فتقديم ما حقه التأخير وتأخير ما حقه التقديم فيه إثارة وتشويق ،
لأنه خروج عن قواعد الكلام المعتادة ،
ولا شك أنَّ هذا الخروج لابد أن يكون له سبب ،
أو أنه سيق لسبب وغالباً ما يكون إثارة انتباه السامع حتى يصغي لهذا الكلام
ومثال ذلك الحديث الذي رواه أبو هريرة
أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم )
(( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ، خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، سبحان الله
وبحمده سبحان الله العظيم )) ،
فلفظة كلمتان هي الخبر ،وحبيبتان وما بعدها صفة ،
وسبحان الله وما بعدها خبر ،
قال الشرقاوي
(( وقدم الخبر ليشوف السامع إلى المبتدأ ، فيكون أوقع في النفس ، وأدخل في القبول ،
لأنَّ الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب
ومن ذلك أيضاً قوله (صلى الله عليه وسلم)
(( خلّتان من حافظ عليهما أدخلتاه الجنة ، وهما يسير ، ومن يعمل بهما قليل ، قالوا :
وما هما يا رسول الله ؟
قال : أن تحمد الله وتكبره وتسبحه .....الحديث ))
ومن التقديم والتأخير ؛
تقديم العقوبة على الذنب المتوعد عليه ،
وهاهنا يسلط الضوء
لتشويق السامع وإثارته ليصغي حتى يعرف الذَّنب الذي اقترن بهذه العقوبة
التي تقدمته ،
ويمكن أن نذكر حديث أبي ذرٍ
(( ثلاثة لا يكلمهم الله ))
كمثال على هذا النوع ، حيث إنَّ النبي(صلى الله عليه وسلم) قدَّم ذكر العقوبة وهي:
لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب عظيم ، قبل أن يُبين هذه الأصناف المتوعدة ،
مما أثار الراوي وجعله يتساءل عن هؤلاء ، ومن هم ؟
وما هو الذَّنب الذي لأجله استُحقت هذه العقوبة ،
وبالتالي حصول المراد من هذا الأسلوب .
كذلك تقديم نفي الإيمان ، أو إلصاق الكفر ، أو النفاق ،
ثم ذكر الأعمال التي لأجلها استحُق هذا الوصف ،
كقول النبي (صلى الله عليه وسلم)
(( أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً ،
ومن كانت فيه خَلَّة منهن كانت فيه خَلَّة من النفاق حتى يدعها ؛
إذا حدّث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا وعد أخلف ، وإذا خاصم فجر ))
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم
(( والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ،
قيل : من يا رسول الله ؟
قال : الّذي لا يأمن جاره بوائقه ))
فنلاحظ في هذه الأحاديث تقديم نفي الإيمان ،
أو تقديم إثبات النفاق ،
في أسلوب من الإثارة والتشويق ملحوظ لا يخفى على من له اهتمام بهذا الشأن .
المطلب الثاني :
التشويق من خلال طرح الأسئلة ، وطلب الإجابة من السامعين .
والتشويق من خلال طرح الأسئلة أمرٌ في غاية الأهمية ،
وهو واضحٌ جلي ، بل إنَّ الكثيرين لربما لا يستحضرون عند ذكر التشويق من خلال
الأحاديث النبوية إلا هذا اللون ،
وهو طرح الأسئلة ، نظراً لكثرته وتنوعه في الأحاديث النبوية .
وعند الاستقراء وجدنا أنَّ التشويق بطرح الأسئلة على السامعين لاستثارتهم جاء على
عدة حالات؛
فقد يطرح النبي صلى الله عليه وسلم الأسئلة في أمور معلومة لديهم ليؤكدها لهم ، أو
ليبين أنَّ المعنى الحقيقي لما قيل غير ما يعرفون،
وإما لأمور لا يعرفونها فيحثهم على طلب معناها والمراد بها .
ومن الأمثلة
على طرحه صلى الله عليه وسلم
السؤال ليؤكد ما عند السامعين من معلوماتٍ
قوله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه في خطبته يوم النحر
( أي شهر هذا ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ،
قال: فسكت حتى ظننا أنَّه سيسميه بغير اسمه ،
قال : أليس ذا الحجة ؟
قلنا : بلى،
قال : فأيُّ بلدٍ هذا ؟
قلنا : الله ورسوله أعلم ،
قال : فسكت حتى ظننا أنَّه سيسميه بغير اسمه ،
قال : أليس البلدة ؟
قلنا : بلى ،
قال : فأيُّ يوم هذا ؟
قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : فسكت حتى ظننا أنَّه سيسميه بغير اسمه ،
قال : أليس يوم النحر ؟
قلنا : بلى يا رسول الله ،
قال : فإنَّ دماءكم ، وأموالكم ، وأعراضكم ، حرامٌ كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ...))
ففي هذا الحديث تتبين لنا شدة الإثارة ،
عندما يسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور معلومة لديهم ،
كاليوم ، والشهر ، والمكان ،
ثم يؤكد لهم ما كان معلوما لديهم
في طريقة لا تقلُّ إثارة عن الطريقة التي سأل بها ،
نظراً لأهمية ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم تقريره ،
وهو شدَّة حرمة الأعراض والدماء والأموال ،
قال القرطبي
((سؤاله صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة وسكوته بعد كل واحد منها ،
كان ذلك استحضاراً لفهومهم وتنبيهاً لغفلتهم وتنويهاً بما يذكره لهم حتى يقبلوا عليه
بكليتهم ، وليستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه )) ،
وعلق ابن حجر
ولهذا قال بعد هذا كله : فإن دماءكم الخ ،
مبالغة في بيان تحريم هذه الأشياء
فهذه الأمور التي ورد ذكرها في الحديث معلومة لديهم ،
ولكنهم هابوا أن يُجيبوا خوفاً من أن يكون النبي (صلى الله عليه وسلم) أراد تغييرها .
.
– وهو الأكثر- ،
فهناك إثارة من خلال صفة الكلام وطبيعته ،
من حيث الأسلوب والبلاغة ، وهذا يتذوقه من يعرف العربية ،
وله اهتمام بأساليبها ودقائقها ،
في حين قد يراه الآخرون أسلوباً عادياً وهو ليس كذلك .
المطلب الأول : التشويق من خلال أمور لها تعلُّق بالعربية .
من المعلوم أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) من أفصح البشر ،
وهو مرسلٌ إلى الناس جميعاً وعلى رأسهم العرب أهل الفصاحة والبلاغة ، ولهذا اقترنت
الأحاديث النبوية الشريفة بكثير من المباحث اللغوية والبلاغية ،
أمثلة
أولاً : الإجمال ثم التفصيل .
والإجمال عندما يرد في أقوال الرسول (صلى الله عليه وسلم) فإنه يكون غالباً لحث
السامعين على طلب التفاصيل ،
وهو ادعى للإثارة والتشويق ،
وذلك كأن يذكر عدداً لخصالٍ أو أصناف ،
ثم يذكر هذه الأصناف أو الخصال ،
أو يذكر كلاماً مجملاً ويتوقف حتى يقود السامع لطلب تفصيل ما أُجمل .
ومثال ذلك ما رواه مسلم عن تميم الداري أنَّ النبي(صلى الله عليه وسلم) قال :
(( الدين النصيحة )) ،
وفي بعض الروايات أنَّ (صلى الله عليه وسلم ) كرر هذا القول ثلاث مرات
ثمَّ سكت ،
مما استثار الحاضرين من الصحابة وجعلهم يتساءلون لمن هذه النصيحة ؟
ولهذا جاءت تتمة الحديث :
(( قالوا : لمن يا رسول الله ؟
قال : لله ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين ، وعامتهم ))
فبهذه الروايات يكون هناك أكثر من إثارةٍ ،
أولها :
الإجمال لإلهاب نفس السامعين وتشويقهم لطلب التفصيل ،
والثاني :
تكرار ما أُجمل ، ولهذا قال ابن حجر الهيتمي ،
(( فيه إشارة إلى أنَّ للعالم أن يكل فهم ما يلقيه إلى السامع ، فلا يزيد في البيان حتى
يسأله لتشوق نفسه حينئذ إليه ، فيكون أوقع في نفسه مما إذا هجمه من أول وهلة )) .
ومن هذا القبيل كذلك قوله (صلى الله عليه وسلم)
( آمركم بأربع ، وأنهاكم عن أربع ))
ثم أخذ يفصِّل ما أجمله بقوله أربع في كلٍ من المأمورات والمنهيات ،
ففي قوله : (آمركم بأربع ) إجمال ،
وكذا في قوله (وأنهاكم عن أربع ) ،
قال ابن حجر
(( والحكمة في الإجمال بالعدد قبل التفسير ، أن تتشوف النفس إلى التفصيل ثم تسكن
إليه ، وأن يحصل حفظها للسامع ، فإذا نسي شيئاً من تفاصيلها طالب نفسه بالعدد ، فإذا
لم يستوف العدد الّذي حفظه علم أنَّه قد فاته بعض ما سمع ))
ونظير ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم)
(( بني الإسلام على خمس ))
ثم الشروع في تفصيل هذه الخمس .
ثانياً : تقديم الخبر على المبتدأ أو المعمول على العامل .
فتقديم ما حقه التأخير وتأخير ما حقه التقديم فيه إثارة وتشويق ،
لأنه خروج عن قواعد الكلام المعتادة ،
ولا شك أنَّ هذا الخروج لابد أن يكون له سبب ،
أو أنه سيق لسبب وغالباً ما يكون إثارة انتباه السامع حتى يصغي لهذا الكلام
ومثال ذلك الحديث الذي رواه أبو هريرة
أنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم )
(( كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ، خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان ، سبحان الله
وبحمده سبحان الله العظيم )) ،
فلفظة كلمتان هي الخبر ،وحبيبتان وما بعدها صفة ،
وسبحان الله وما بعدها خبر ،
قال الشرقاوي
(( وقدم الخبر ليشوف السامع إلى المبتدأ ، فيكون أوقع في النفس ، وأدخل في القبول ،
لأنَّ الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب
ومن ذلك أيضاً قوله (صلى الله عليه وسلم)
(( خلّتان من حافظ عليهما أدخلتاه الجنة ، وهما يسير ، ومن يعمل بهما قليل ، قالوا :
وما هما يا رسول الله ؟
قال : أن تحمد الله وتكبره وتسبحه .....الحديث ))
ومن التقديم والتأخير ؛
تقديم العقوبة على الذنب المتوعد عليه ،
وهاهنا يسلط الضوء
لتشويق السامع وإثارته ليصغي حتى يعرف الذَّنب الذي اقترن بهذه العقوبة
التي تقدمته ،
ويمكن أن نذكر حديث أبي ذرٍ
(( ثلاثة لا يكلمهم الله ))
كمثال على هذا النوع ، حيث إنَّ النبي(صلى الله عليه وسلم) قدَّم ذكر العقوبة وهي:
لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب عظيم ، قبل أن يُبين هذه الأصناف المتوعدة ،
مما أثار الراوي وجعله يتساءل عن هؤلاء ، ومن هم ؟
وما هو الذَّنب الذي لأجله استُحقت هذه العقوبة ،
وبالتالي حصول المراد من هذا الأسلوب .
كذلك تقديم نفي الإيمان ، أو إلصاق الكفر ، أو النفاق ،
ثم ذكر الأعمال التي لأجلها استحُق هذا الوصف ،
كقول النبي (صلى الله عليه وسلم)
(( أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً ،
ومن كانت فيه خَلَّة منهن كانت فيه خَلَّة من النفاق حتى يدعها ؛
إذا حدّث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا وعد أخلف ، وإذا خاصم فجر ))
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم
(( والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ،
قيل : من يا رسول الله ؟
قال : الّذي لا يأمن جاره بوائقه ))
فنلاحظ في هذه الأحاديث تقديم نفي الإيمان ،
أو تقديم إثبات النفاق ،
في أسلوب من الإثارة والتشويق ملحوظ لا يخفى على من له اهتمام بهذا الشأن .
المطلب الثاني :
التشويق من خلال طرح الأسئلة ، وطلب الإجابة من السامعين .
والتشويق من خلال طرح الأسئلة أمرٌ في غاية الأهمية ،
وهو واضحٌ جلي ، بل إنَّ الكثيرين لربما لا يستحضرون عند ذكر التشويق من خلال
الأحاديث النبوية إلا هذا اللون ،
وهو طرح الأسئلة ، نظراً لكثرته وتنوعه في الأحاديث النبوية .
وعند الاستقراء وجدنا أنَّ التشويق بطرح الأسئلة على السامعين لاستثارتهم جاء على
عدة حالات؛
فقد يطرح النبي صلى الله عليه وسلم الأسئلة في أمور معلومة لديهم ليؤكدها لهم ، أو
ليبين أنَّ المعنى الحقيقي لما قيل غير ما يعرفون،
وإما لأمور لا يعرفونها فيحثهم على طلب معناها والمراد بها .
ومن الأمثلة
على طرحه صلى الله عليه وسلم
السؤال ليؤكد ما عند السامعين من معلوماتٍ
قوله (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه في خطبته يوم النحر
( أي شهر هذا ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ،
قال: فسكت حتى ظننا أنَّه سيسميه بغير اسمه ،
قال : أليس ذا الحجة ؟
قلنا : بلى،
قال : فأيُّ بلدٍ هذا ؟
قلنا : الله ورسوله أعلم ،
قال : فسكت حتى ظننا أنَّه سيسميه بغير اسمه ،
قال : أليس البلدة ؟
قلنا : بلى ،
قال : فأيُّ يوم هذا ؟
قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : فسكت حتى ظننا أنَّه سيسميه بغير اسمه ،
قال : أليس يوم النحر ؟
قلنا : بلى يا رسول الله ،
قال : فإنَّ دماءكم ، وأموالكم ، وأعراضكم ، حرامٌ كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ...))
ففي هذا الحديث تتبين لنا شدة الإثارة ،
عندما يسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور معلومة لديهم ،
كاليوم ، والشهر ، والمكان ،
ثم يؤكد لهم ما كان معلوما لديهم
في طريقة لا تقلُّ إثارة عن الطريقة التي سأل بها ،
نظراً لأهمية ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم تقريره ،
وهو شدَّة حرمة الأعراض والدماء والأموال ،
قال القرطبي
((سؤاله صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة وسكوته بعد كل واحد منها ،
كان ذلك استحضاراً لفهومهم وتنبيهاً لغفلتهم وتنويهاً بما يذكره لهم حتى يقبلوا عليه
بكليتهم ، وليستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه )) ،
وعلق ابن حجر
ولهذا قال بعد هذا كله : فإن دماءكم الخ ،
مبالغة في بيان تحريم هذه الأشياء
فهذه الأمور التي ورد ذكرها في الحديث معلومة لديهم ،
ولكنهم هابوا أن يُجيبوا خوفاً من أن يكون النبي (صلى الله عليه وسلم) أراد تغييرها .
.