البحث
إسلام والد ابي بكر الصديق رضي الله عنهما
 
46 – إسلام والد ابي بكر الصديق رضي الله عنهما
* عن أسماء بنت أبي بكر قال : لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذى طوى قال ابو قحافة لابنة له من أصغر ولده : أي بنية أظهري بي على أبي قبيس . قالت : وقد كف بصره . قالت : فأشرفت به عليه فقال : أي بنية ماذا ترين ؟ قالت : أرى سواداً مجتمعا. قال : تلك أخيل . قالت : وأرى رجلا يسعى بين يدي ذلك السواد مقبلاً ومدبراً .قال : أي بنيه ذلك الوزاع ـ يعني الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها ـ ثم قالت : قدوالله انتشر السواد . فقال : قدو الله إذا دفعت الخيل فأسرعي بي إلى بيتي .
فانحطت به وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته . قالت : وفي عنق الجارية طوق من ورق فيلقاها رجل فيقنطعه من عنقها . 
قالت : فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد أتى أبو بكر بأبيه يقوده ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه ؟ " قال أبو بكر : يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه . 
    قال : فأجلسه بين يديه ، ثم مسح صدره ثم قال : " أسلم " . فأسلم . قالت : ودخل به أبو بكر وكان رأسه كالثغامة بياضاً . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " غيروا هذا من شعره " . 
ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته وقال : أنشد الله والإسلام طوق ختى ؟ فلم يجبه أحد قال : فقال : أي أخيه احتسبي طوقك ، فوالله إن الأمانة في الناس اليوم لقليل! 
درجة الحديث عن أهل العلم : 
صححة أبن حبان ، وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم . 
وقال الهيثبي : رجاله ثقات . 
غريب القصة : 
-       ذي طوى : موضع قرب مكة . 
-       أبو قحافة : والد ابي بكر عثمان بن عامر بن كعب التيمي . 
-       أظهري بي: أي أجعليني فوقه . 
-       أبو قبيس : جبل مشرف على مسجد مكة المكرمة . 
-       الوازع : الذي يرتب الجيش ويسويه ويصفه ويترتب صف الخيل . 
-       ورق : الورق الفضة . 
-       الثغامة : هي شجرة بيضاء الثمر والزهر ، وإذا يبست أشتد بياضها ، والمعنى صار شعره كالثغام بياضاً . 
الفوائد والعبر : 
1-    الاستعداد والتنظيم قبل الدخول في أي شيء كما وقف النبي صلى الله عليه وسلم بذي طوى لترتيب الجند لفتح مكة. 
2-    فيه أخذ الخبرة من كبار السن والاستعانة بهم في تعليم الشباب . 
3-    استعانة العاجز بالصحيح . 
4-    التنظيم والاستماع للقيادة من علامات النصر في الجهاد . 
5-    لا يخلوا جيل من بعض المخالفات ، ووقوع البعض في المعاصي . 
6-    مراعاة الرسول صلى الله عليه وسلم لحال الكبار حتى لو كانوا كفارا . 
7-    من البر إسداء الخير والدعوة للوالدين . 
8-    من علامة الإيمان توقير الرسول صلى الله عليه وسلم . 
9-    تغيير الشيب أمر حسن ومندوب إليه ، والتجمل من آداب الإسلام . 
10-    المؤمن معرض للابتلاء في كل شيء . 
11-    على المؤمن احتساب الأجر عند المصيبة ، والصبر عند الأذى . 
12-    الامانة من معالي الاخلاق ، والسلب والنهب من الرذائل ، أما قوله : [ إن الامانة في الناس اليوم لقليل ] . 
قال ابن كثير في السيرة النبوية (3/ 558) : " يعني  به الصديق ذلك اليوم على التعيين لأن الجيش فيه كثرة ولا يكاد أحد يلوي على أحد مع انتشار الناس , ولعل الذي أخذه تأول أنه من حربي ، والله أعلم " . 
قلت : وذلك أن الجيش في فتح مكة قد دخل فيه حديثو عهد بإسلام ، فلا يستبعد أن يتلبس بعضهم في مثل ذلك ، أوكما قال الحافظ : تأول أنه من حربي . والله أعلم . 
 
 
            