1. المقالات
  2. قضايا معاصرة
  3. شجون الإسلام وشؤونه في البرازيل

شجون الإسلام وشؤونه في البرازيل

الكاتب : في حوار مع الداعية الإسلامي خالد تقي الدين
تحت قسم : قضايا معاصرة
3958 2010/06/21 2024/11/22

شجون الإسلام وشؤونه في البرازيل

في حوار مع الداعية الإسلامي خالد تقي الدين

  

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

 

وبعد:

ضيفنا في هذا اللقاء داعية بمواصفات جديدة، يتقن لغة الآخرين، ويستطيع أن يتعامَلَ مع الآخر، سواء الآخر الأوربي أو الآخر في أمريكا اللاتينية، وعثرنا على شاب نبْت محافظة كفر الشَّيخ هو الشيخ خالد تقي الدين، وهم يتحدَّثون عنه الآن في أمريكا اللاَّتينية كلها بمنتهى الإعجاب والإكبار؛ بسبب ما حقَّقه من حضور للعمل الدَّعوي، وبسبب مَن دخلوا الإسلام على يديْه، وبسبب ما أشاعه من نوع من الاستِنارة ونوع من التَّوعية بالقرآن والسنَّة، الشيخ خالد تقي الدين شخصيَّة دعويَّة دمثة، جاب الآفاق في أمريكا اللاتينية، من تشيلي إلى الأرجنتين إلى البرجواي إلى البرازيل مرَّة أخرى.

 

الشيخ خالد تقي الدين ولد في محافظة كفر الشيخ في 30 /4 /1962، درس في كلية التَّربية بجامعة كفر الشيخ، ثمَّ حصل على الليسانس بكلية الدَّعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلاميَّة بالمدينة المنوَّرة سنة 1986، ثمَّ سافر أو هاجر إلى البرازيل، وبدأ في بعْثة يقوم بعمل دعوي، أسَّس جمعيَّة علي بن أبي طالب بساو باولو بالبرازيل سنة 1986، أسَّس المركز الإسلامي بمدينة أسانسيون عاصمة البرجواي، وقام بنشاط دعوي كبير، وأسْلَمَ على يديه أكثر من عشرين في البرازيل.

 

مَن يكون الشيخ تقي الدين؟ وما قصَّته؟ وما حكايته؟ ما حكاية الإسلام في البرازيل بأوضاعه وأسراره؟ هذا ما سنعرفه الآن، في هذا الحوار مع الشيخ تقي الدين، الدَّاعية الإسلامي بالبرازيل.

 

وفضيلة الشيخ خالد تقي الدين، وهو وجْه من الوجوه الدعويَّة الوضَّاءة المثقَّفة المستنيرة، الَّتي تعمل في المهجر، والمهجر هنا تحديدًا هو أمريكا اللاتينيَّة.

 

الشَّيخ خالد تقي الدِّين اشتغل بالعمل الدَّعوي في البرازيل، في الباراجواي، كان له رحلة دعويَّة ممتدَّة، والذي يَعنينا في هذا الخصوص، وفقًا لعنوان البرنامج: أنَّه أسلم على يديه أو نطق بالشَّهادتين على يديه نحوٌ من عشرين شخصًا، سواء في البرازيل أو الباراجواي، لَم يكن الشيخ خالد تقي الدين كما هو واضح ظاهر من سيرته الذَّاتيَّة داعية أو إمامًا وخطيبًا لمسجد بالمفهوم النَّمطي الروتيني، لكنَّه كان داعية مثقفًا يعي خطورة العمل الدَّعوي في الخارج، بالتحدِّيات التي تجابه هذا العمل الدَّعوي، ويعي أيضًا الأدَوات المتاحة طوع يده، وهذا قد يكون درسًا للدُّعاة: الاشتغال بالعمل الدَّعوي في الدَّاخل شيء، والاشتغال بالعمل الدعوي في الخارج شيء آخر، أظنُّ أنَّ الشَّيخ خالد رزق تقي الدين من العقول النيِّرة التي تعتز بها مصر، ومن الدُّعاة الَّذين تعتزُّ بهم، لا أقول: مصر؛ بل المنطقة العربية، كان التدرُّج باهرًا وناضرًا في كلّيَّة التَّربية قسم اللُّغة العربيَّة بكفر الشيخ، ثمَّ الحصول على الليسانس بكلية الدَّعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلاميَّة بالمدينة المنوَّرة عام 1986، هو الآن - الصِّفة الرَّسمية التي يحملها - مدير الشُّؤون الإسلاميَّة باتِّحاد المؤسَّسات الإسلاميَّة في البرازيل، ونائب الأمين العام للمجلس الأعلى للأئمَّة والشؤون الإسلاميَّة في البرازيل، أسَّس عديدًا من الجمعيَّات التي قامت بنشاط دعوي، سواء أكان ذلك في البرازيل أو في البرجواي، فأسَّس جمعيَّة علي بن أبي طالب - رضي الله عنْه - في ساو باولو سنة 1986، أسهم أيضًا في إنشاء المركز الإسلامي في مدينة أسانسيون عاصمة البرجواي في عام 1989، وأسهم في إنشاء القناة العربية في الحدود الثلاثيَّة للبرازيل والبرجواي والأرجنتين في عام 1992.

 

سيرة ذاتية حافلة، وهذا ما يجعلنا نقوم في الإبحار والتجْوال في فكره وعقله ووجدانه؛ ليفتح لنا قلبه:

 ما شأن العمل الدعوي في البرازيل؟ ما شأن وأفق العمل الدعوي في أمريكا اللاتينيَّة؟ ما المشكلات التي تجابه هذا العمل الدَّعوي؟ وما المناطق المضيئة التي أَفلح الدُّعاة في أن يحقِّقوها في هذه البقاع البعيدة؟

 

الشيخ خالد، أهلا بكم ومرحبًا.

أهلا بكم.

أنَرْت قناة الرحمة.

الله يبارك فيكم.

 

يعني - إن شاء الله - نحنُ نستنُّ بهذا سنَّة، في كلّ مرَّة - إن شاء الله - تنزل ضيفًا، لستَ ضيفًا إذًا بل أنت صاحب أرض في مصر، سنحاول أن نقوم معك بِحوارات من هذا النَّوع لنراجع الشَّأن الإسلامي في البرازيل، وما وصلت إليه الدعوة.

 

أوَّلاً: أود أن أبدأ معك بداية تاريخيَّة؛ لأنَّ الوجود الإسلامي في البرازيل يخضع لاجتِهادات كثيرة.

هناك مَن يَقولون: إنَّ وجود الإسلام في البرازيل يرتدُّ إلى 1200 سنة، وأنَّه عُثر في ولاية باهيا على بعض النقوش في شمال البرازيل، نقوش مكتوبة باللُّغة العربيَّة؛ ممَّا يدلُّ على سبْق وصول المسلمين إلى هذه البقاع، والبعض يقول: إنَّ البرتغاليِّين لمَّا وصلوا إلى البرازيل كانوا يصطحبون رفقاء وأدلَّة مسلمين حتَّى يبصروهم بالمناطق التي ينبغي أن يحلُّوا أو يرتحلوا منها.

 

في تصوُّرك أنت إذا أردنا أن نؤرِّخَ ونؤصِّل الوجود الإسلامي في البرازيل، فمن أين نبدأ؟

 

بسم الله، والحمدُ لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومَن والاه.

في البداية أودُّ أن أشكر قناة الرَّحمة والقائمين عليْها، والعاملين فيها، على إتاحة هذه الفرصة الطيِّبة كي يسمع العالَمُ العربي والمسلم صوت المسلمين في مغارب الأرض، نشكركم جزيل الشكر، ونسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يُعيننا جميعًا على رفْع راية الإسلام في كل مكان، وأن يستخدمنا لهذا الدين للدعوة إليه.

آمين يا رب.

 

الوجود الإسلامي في البرازيل كما تفضلت تاريخيًّا توجد هذه الأقوال، بعضهم قال: إنَّه يعود إلى 1200 عام وأنَّهم عثروا على بعض الأوْراق وبعض المخطوطات التي تقول: إنَّه ربَّما يكون العرب أو المسلمون وصلوا إلى هذه البقاع، بل إنَّ هناك بعض الرِّوايات تقول: إنَّ الفينيقيِّين وصلوا إلى هذه البلاد، هذه الروايات لم يُتأكَّد من صحَّتها حتَّى الآن، ولكن نستطيع أن نقول: إنَّ أوَّل وجُود طبعًا هناك بعض الروايات تقول: إنَّ مكتشفي البرازيل اصطحبوا معهم بعض الأدلاء وبعض الهاربين من محاكم التَّفتيش داخل أسبانيا والبرتغال، هذه فيها شيء من المصداقيَّة؛ لأنَّ المسلمين كانوا متفوِّقين في علوم البحار وفي الاختِراعات والاكتِشافات؛ لأنَّه في ذلك الوقْت كان هناك اكتِشافات علميَّة، وكانت أوربَّا فقيرة في هذا الجانب، مُمكن أن يكون قد صاحب بعض المكتشفين بعض المسلمين.

 

الوجود الفعْلي للمسلمين على أرض البرازيل كان حينما استخدم البرتغاليُّون العبيدَ من أفريقيا، هؤلاء العبيد كانوا أسرى لملك داهومي، كان هناك حرب بين بعض الممالك الإسلاميَّة وهذا الملك الوثني، فباعهم للبرتغاليِّين، أخذوهم إلى البرازيل وبقُوا فترة طويلة، هؤلاء كانوا أصحاب علم؛ لأنه كان فيهم علماء ومشايخ، وكان فيهم معلِّمون، حتَّى إنَّهم في البرازيل كانوا يسمُّونَهم المعلِّمين؛ لأنَّ الأرقَّاء كانوا على ثقافة أكثر من البرتغاليِّين، وعلماء الاجتماع البرازيليُّون يقولون: إنَّ هؤلاء الناس كانوا أصحاب ثقافة عالية جدًّا، كانوا يجيدون القراءة والكتابة، حتَّى إنَّ السيِّد البرتغالي إذا أراد أن يكتب رسالةً استدْعى العبد المسلم حتَّى يكتب له الرسالة.

 

والسيِّد في الجانب الآخر الَّذي كان يقرأ له الرسالة العبد المسلم، هؤلاء المسلمون حاولوا في فترة من الفترات أو أرادوا القيام ببعض الثورات حتَّى يحصلوا على الحرّيَّة، وحتى يستطيعوا ممارسة شعائرهم الدينيَّة، وكان أوْج هذه الثورات سنة 1835، الَّتي يسمُّونها ثورة العبيد، أو الثورة الإسلاميَّة داخل ولاية بهي، جمعوا حالَهم في الأكواخ ودرسوا القرآن، وكانوا عبارة عن مجموعات وأهَّلوا أنفسهم بالمال، وحرَّروا بعض العبيد عن طريق العمل، وأرادوا أن يقوموا بهذه الثَّورة، ولكن هذه الثورة فشلتْ واستطاع البرتغاليُّون أن يقضوا عليهم قضاءً تامًّا؛ يعني: حوَّلوا هؤلاء العلماء إلى أماكن أخرى، وبعضهم ردُّوهم إلى أفريقيا، فهذا أوَّل وجود للمسلمين داخل البرازيل، هذا الوجود تقريبًا انتهى؛ يعني: لَم يبق منه إلا بعض الآثار، يعني في إقليم بهية: الملابس البيضاء - احترامهم ليوم الجمعة - بعض الأسماء التي تعود إلى مثل محمد وفاطمة، يعني هذه الأسماء موجودة حتى الآن داخل الثقافة البرازيليَّة، الطَّهارة - النَّظافة، هذا يعود للجذور الإسلاميَّة هذا الجيل الأوَّل.

 

الجيل الثاني؛ طبعًا هناك زِيارات قام بها بعض الرحَّالة وبعض المسلمين من تركيا ومن غيرها من المسلمين سنة 1880، ورأَوا بعض الآثار الإسلاميَّة يعني ما زالت موجودةً في بعض المسلمين العبيد، الذين كانوا يقومون ببعْض الصَّلوات، ونقلها أحد الكتَّاب اسمه الشيخ عبدالرحمن البغدادي في كتاب له "مُسَلية الغريب في كل أمر عجيب"، قال: لمَّا نزلْنا على سواحل السنتس - مدينة ساحلية - فأرادوا أن يصلُّوا فلمَّا أقاموا الصَّلاة جاء بعض العبيد وأخذوا ينظرون إليْهم، في اليوم الثاني ظنُّوا أنَّهم جاءوا ليستهزئوا بهم ويضحكوا عليهم، في اليوم الثَّاني هؤلاء العبيد جاؤوا وشاركوا في الصلاة، وطلبوا منه أن يبقوا عامين معهم حتَّى يعلِّمَهم، فبقِي هذا الرَّجُل حوالي سنتَين ثمَّ كتب هذا الكتاب، والكتاب الآن بعد التَّبادُل الآن بين دوْلة البرازيل وبعض الدُّول العربيَّة أوْصَوا بأن يُطْبَع، وأظنُّ أنَّه طُبع في مدينة الجزائر، وموجود قيْد التناوُل الآن، هذا التَّواجد القديم.

 

التواجد الحديث، الهجرات الحديثة، التي جاءت من بلاد الشَّام من لبنان ومن سوريا، طبعًا الهجرة العربيَّة هي قديمة 1880 بدأتْ إلى البرازيل، الهجْرة من العناصر المسلمة أو المسلمين بدؤوا في حوالي 1919، بدؤوا يتوافدون على البرازيل، وهؤلاء كانوا من المُزارعين البُسطاء من لبنان أو من غيرها، ولكن كانوا يَحملون في قلبِهم الهويَّة الإسلاميَّة، فبدؤُوا يفَكِّرون في إنشاء المساجد وبدؤُوا يفكرون في إنشاء المدارس؛ لأنَّه في البداية تعرف التاجر يقول: والله إنَّه سيبقى سنتين، ولكن مع مُرور الزَّمن تزوَّج وأصبح عنده ذرّيَّة، فأصبح الهاجِس هو الهمّ، كيف يُحافظ على أبنائِه في هذه البلاد؟ فبإمكانيَّات بسيطة هؤلاء الأميُّون الَّذين لا يجيدون القراءة والكتابة، ولكنَّهم كانوا تجارا، أثبتوا وجودَهم داخل هذه البلاد بدؤُوا يفكرون في إنشاء المؤسَّسات، فهذا التاريخ بشكل عام لتواجد المسلمين، ازدادت الهجرة طبعًا بعد الحرْب العالميَّة الأولى ثمَّ الثانية ثمَّ الحرب اللبنانيَّة، وهي الحرب الأهليَّة في السبعينيَّات، ازدادت الهجرة إلى البرازيل.

 

♦ المضيف: جميل طيِّب، حتَّى الآن يعْني حِرْنا وحارت البريَّة معنا في عدد المسلمين الموْجودين في البرازيل، وليْس هناك نُقْطة في المنتصَف نستطيع أن نَجمع التقديرات عندها، ففي تقديراتٍ تصِل بهذا العدد إلى 2 مليون مسلم، وفي تقْديرات تهبط به إلى مائة ألفٍ أو مائَتَي ألف أو ستَّمائة ألف، يعني التَّقديرات متفاوتة على أشدِّ ما يكون التفاوُت، إلى حدِّ أنَّنا لا نستطيع أن نحدِّد بالفعل ولا حتى بصورة تقريبيَّة عدد المسلمين الموجودين الآن في اللَّحظة التي نتكلم فيها في البرازيل، ما تقديرك وتصورك أنت لهذه المسألة؟

 

الشيخ خالد: هو نحن عندنا عاملان:

العامل الأوَّل: كما تكلَّمت أنَّ بداية الهجرة كانت من أصول لبنانيَّة وأغلبيَّتهم كانوا مسيحيِّين، الدراسات تقول: إنَّ هناك حوالي سبعة ملايين من أصول عربية أو يوصلونها إلى 2 مليون وهكذا.

 

المسلمون داخل هذا الكمّ في تقديراتي أنا أنَّهم: لا يزيدون عن مائتَي ألف مسلم، يعني على حسب إحصائيَّتنا إحصائيَّات ضعيفة.

 

العامل الثاني الدولة: أنَّ الدَّولة لا تقوم بعمل إحصاء للدِّيانة، لا يقول في البطاقة الشخصية: ديانته مسلم أو مسيحي أو كذا، لا يوجد هذا البنْد؛ فلذلك لا توجد إحصائيَّات دقيقة، يقولون: 98 % كاثوليك مسيحيِّين، و2 % أديان أخرى، أديان أُخرى تشمل المسلمين، تشمل اليهود، تشمل البوذيِّين، تشمل ما يعتبِروها أديانًا، تشمل كثيرًا من النَّاس، ولكن الآن نحنُ نستطيع أن نحدد عدد المسلمين تقريبًا في حدود المائتي ألف داخل البرازيل، ولكن أن نصِل بهم إلى 2 مليون هو كثير جدًّا؛ لأن هذه تقْديرات أحيانًا يكون مبالغًا فيها، أحيانًا بعض النَّاس يُحاول أن يشمل جانبًا فيقول: عندنا عرب من أصول عربيَّة من الأصول العربيَّة كثير جدًّا.

 

♦ المضيف: شيخ خالد أنت عندما خرجت أو بارحتَ مصر والمنطقة العربية، أنا أريد أن أستعيدَ معك لحظة ارتِقاء منبر لأوَّل مرَّة في مسجد جوارليوس، وهو المسجد الَّذي بدأت فيه تُباشِر فيه نشاطك الدَّعوي في البرازيل، أنت الآن تدخُل إلى المسجد وتتصفَّح الوجوه، هل أحسست أنَّ طبيعة الخطاب الدَّعوي الذي كان لا بدَّ أن يتغير تغيرًا جذريًّا كما كنتُ تقوم في مصر أو في المملكة العربية السعودية؟

 

الشيخ خالد: نعم، ارتقاء المنبر، أنا كنت في البداية وأنا طفل، كنَّا يوم الجمعة إذا كنَّا نخرج للَّعب خارج المدينة فنكون ثلاثة أو أربعة، فنُقيم صلاة الجمعة يعْني حوالي تقريبًا 15 سنة، ثمَّ كانت المرَّة الثانية في الجامعة الإسلامية، كنَّا نتدرَّب في ارتقاء المنابر وإعْطاء بعض الخطب، لمَّا ذهبْنا إلى البرازيل كانت أوَّل خطبة طبعًا بدأْنا نلمس أنَّ الخطاب داخل هذه المجتمعات لا بدَّ أن يكون بطريقة مختلفة عن واقع العالم الإسلامي، لماذا؟ العالم الإسلامي يعني أنت تجِد على الخير مُعينًا في كل مكان يرتفع فيه الأذان، تجد مَن يدعوك إلى المسجد، الإعلام، الصحف، المجلات، العائلات، طبيعة البلد طبيعة إسلاميَّة، المجتمع الموجود أنت فيه مجتمع إسلامي مائة في المائة، أنت تذهَب إلى مجتمع أنت فيه أقلّيَّة، الخطاب الديني لا بدَّ أن يكون فيه من التدرُّج ونوعٌ من الحِكْمة، لا أستطيع أن أكلم النَّاس داخل البرازيل كما أكلِّمهم في كفر الشَّيخ أو في بلطيم أو في القاهِرة أو في السعوديَّة، الخطاب يختلف تمامًا، طبعًا عندنا أصول إسلاميَّة لا أحد يختلف عليها، وهناك نوع من الاجتِهاد في دعوة النَّاس، ما هي الطَّريقة المناسبة حتَّى أدْعو هذا الشَّخص إلى الدين؟ كيف أصِل إليه؟ كيف أجعله يتلفظ بالشَّهادة ويستمرّ على الدِّين؟ حتَّى النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - راعى هذا الأمر، كان يأتيه الرَّجُل فيقول: واللهِ لا أَزيد عليْها ولا أنقُص، فكان يقبل منه النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - في البداية هذا الأمر، ثمَّ بعد ذلك يتدرَّج معه في تعليم الإسلام؛ ولذلك حتى إنَّ علماء المسلمين عملوا قواعد حتَّى في الدعوة، حتَّى في الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المنكَر، هناك قواعد معيَّنة إذا أدَّى النَّهي عن المنكر إلى منكر أكبر منْه فلا ينهى عن ذلك المنكر، الأمر بالمعروف لا بدَّ أن يكون بالمعروف لا بدَّ أن يكون بطريقة حسنة لجذب النَّاس، هناك في هذا المجتمع أنت تُريد وسائل، تحتاج إلى وسائل، تُعينك لدعوة المسلمين إلى الدين، هذه الوسائل متنوعة ولا بدَّ أن تكون متطوِّرة ولا يكتفي الدَّاعي فقط بالمسجد وينتظر الناس حتَّى يأتوا إليه، لا، لا بدَّ أن يبادر هو لزيارة النَّاس في بيوتهم في أعمالهم أن يوجد البرامج للشَّباب الجديد، برامج دينية إسلامية عن طريق شبكة الإنترنت، عن طريق الصُّحُف، عن طريق المجلات، لا بدَّ أن يوجد البدائل التي تستجْلِب هؤلاء الشَّباب للدَّعوة إلى الله - سبحانه وتعالى جلَّ شأنه - فالدَّعوة إلى الله ليست المنبر فقطْ، وأنت تجد ذلِك، تلمس ذلك من النَّاس، هناك هموم يوميَّة تقابل النَّاس، لا بدَّ أن تُشاركهم فيها، ولا بدَّ أن توجد الحلول من داخل الدين الإسلامي حتَّى يعود هؤلاء النَّاس إلى دين الله وإلى نور الإسلام.

 

المضيف: جميل، سمعنا الآن أنَّ هناك طفرة في بناء المساجد في البرازيل، هناك حوالي مائة مسجد ومصلَّى تتوزَّع في مدينة برازيليَّة وبريتوس وسانتوس كامبو، يعني سمعنا أنَّ هناك طفرة في بناء المساجد، هل تعتقد أنَّ هذه المسألة مؤشر مِرآوي إلى أنَّ العمل الدَّعوي في حالة من القوَّة والنَّماء؟

 

الشيخ خالد: طبعًا في الفترة الأخيرة - بفضل الله سبحانه وتعالى - الدَّعوة الإسلاميَّة في البرازيل آخذة في الازدِياد، وآخذة في الازدِهار، وهذا مؤشِّر طيب، إقبال البرازيليِّين على الإسلام هذا أمر طيب جدًّا، ويتزايَدون في كلِّ عام، أمَّا كثرة المساجِد فهي ليستْ كثيرة، نحن ما زلنا بحاجة إليها، في أماكن تجمُّعات للمسلمين لا يوجد عندهم مسجد، أو يوجد عندهم مسجِد ولكنَّه مغْلق لقلَّة الدُّعاة، نحن نتكلَّم على مائة مسجد ومصلَّى ولكن عندنا أربعون داعية وإمامًا على نطاق البَرَازيل، نتكلَّم على قارة يعني 8500 مليون كيلو متر مربع، يعني أقلّ من مساحة الوطن العربي بقليل، نتكلَّم عن دول، هذه الأماكن لا يوجد فيها سوى مائةِ مسجدٍ ومصلّى، مائة مسجد ومصلّى هي دليل على ازدياد الإسلام، ولكن بالمقابل لا يوجد عندنا ما نستطيع أن نغطِّي به هذا الحجم من التوسُّع الجغرافي للمسلمين داخل البرازيل.

 

المضيف: حسنًا، يقال في أدبيَّات الخطاب السياسي أنَّ البرازيل مصنَّفة لدى المراقبين أكبر دولة كاثوليكيَّة في العالم.

الشيخ خالد: صحيح.

 

الدكتور: كما تفضَّلت حضرتك بالإشارة، مساحة البرازيل تكاد تَمتدُّ إلى أن تُصبح مساحة قارة في تمامها، ألا يضيف هذا للدَّاعية أبعادًا من الصُّعوبة والاستعصاء والتحديات؟

الشيخ خالد: طبعًا في صعوبة، الدَّاعية الَّذي يتحرَّك، نقول: عليه من المهام ممكن على قدر عشْر دعاة؛ لأنَّه يتولَّى أكثر من مسؤوليَّة وأكثر من منصب، نحن في قلَّة في الدُّعاة، وفي نفس الوقت الدُّعاة المتحركون قلَّة أيضًا، ليس كل الدُّعاة - والله - يتحركون ويريدون برامج ويسعون إلى أن يأتوا بالنَّاس.

 

هناك تحدٍّ، هذا تحدٍّ كبير جدًّا؛ ولذلك فالدَّاعي المتحرِّك هو نادر، يعني نادر جدًّا هناك؛ لأنَّه يتحمَّل أعباء كثيرة جدًّا، ولذلك نحن بحاجة دائمًا إلى دعاة متحرِّكين، بحيث إنَّهم يوصلون هذه الرسالة إلى أكبر قدر من الناس، ويستطيعون تحمُّل المسؤوليَّة؛ لأنَّ مسؤُولية البلاغ هي مسؤوليَّة الأمَّة بشكل عام، ولكن الدعاة الذين وهبوا أنفُسَهم لنصرة هذا الدِّين ولإبلاغ رسالة الإسلام، هي في حقهم فرض لأنَّ الله - سبحانه وتعالى - أعطاه العلم وفتح له الأبواب؛ فلذلِك لا بدَّ أن يوصِّل هذه الرسالة إلى مشارق الأرْض ومغاربها، فعندنا تحدٍّ كبير طبعًا أماكن واسعة، حتى تزور جالية تحتاج إلى وقت، تَحتاج إلى سفر، ليس بالأمر السَّهل وليس بالأمر الهين.

 

المضيف: أنت تمثِّل في ضمائرنا داعية غير نمطي؛ لأنَّ الدَّاعية الذي يحذق لغة الآخرين ثمَّ يُخاطبهم بهذه اللغة، ويُحاول أن يفتح مغاليق القلوب بلغة القوم وثقافتهم، لا شكَّ أنَّ هذه المساحة غير نمطيَّة في العمل الدَّعوي، وهذا يردُّني إلى قضيَّة: قضية اللُّغة، إتقان اللغة الأجنبيَّة في حياة الدَّاعية، أننا حين كنَّا نراجع السنَّة النبويَّة اكتشفنا أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - كان في أمَّته مَن يجيد الفارسيَّة والرُّوميَّة والحبشيَّة، ثمَّ اكتشف أن ليس بين الصَّحابة مَن يُجيد السُّريانية اللُّغة التي يكتب بها اليهود، وبالتَّالي استدْعى زيد بن ثابت - رضِي الله عنْه - كاتب الوحي ليُجيد السُّريانية، وليستطيع أن يتخاطب مع اليهود، وأن يفهم مكاتباتِهم.

الشيخ خالد: وتعلَّمها في ستَّة أشهر، وأجادها.

 

المضيف: وهذا يردُّنا إلى مسألة أهمّيَّة اللغة، أنا أحس أنّه حتَّى هذه اللحظة مؤسَّساتنا الدَّعويَّة في المنطقة العربيَّة بعامَّة، وفي العالم الإسلامي بخاصَّة، لم تُولِ قضيَّة اللُّغة العناية الواجِبة مع أنَّ هذه اللغة هي بضاعتنا وأداتنا في الخارج، أنت تعلَّمْت البُرتغاليَّة، وأريد أن أستعيد معك هذه التجربة، في كم تعلَّمت البرتغاليَّة؟ وهل بالفعل الآن تأنس أنَّ اللغة البرتغالية التي تتكلَّم بها تنجح من خلالها في إيصال الرسالة الإسلاميَّة والثقافة الإسلامية؟

الشيخ خالد: هو في الحقيقة عامل اللُّغة عامل مهم جدًّا جدًّا في الدَّعوة إلى الله؛ لعاملين:

العامل الأول: أنَّ الأجيال الجديدة من أبناء المسلمين - المنحدِرين من أصول إسلاميَّة - عندها ضعف في اللُّغة العربية، فأنت تحتاج أن توصِّل الرسالة، الأجيال الكبيرة الآن قليلة والأجيال الجديدة أكثر، هذا العامل الأوَّل.

العامل الثاني: كيف توجِّه الخطاب إلى الشَّعب البرازيلي الذي لا يعرف شيئًا عن اللغة العربية.

 

أقول لك بكل صراحة: قبل إتْقاني للُّغة كان هذا شيئًا، وبعد إتقاني للُّغة كان أمرًا آخر، بعد إتقاني للغة فتحت أمامي أبواب كثيرة للتخاطُب مع الجيل الجديد، للتخاطب مع البرازيليين، مع المؤسَّسات، مع غيرها من الهيئات، فعامل اللُّغة عامل مهم جدًّا جدًّا جدًّا.

 

إتقان اللغة حتَّى توصِّل رسالة الإسلام بلسان وبحال هؤلاء القوم، اللسان - يعني اللغة ويعني معرفة الواقع الذي تعيش فيه، ومعرفة تفاصيل هذا الشَّعب الذي معه، حتَّى تستطيع أن توجد السبل السَّليمة، والسُّبل العمليَّة التي توصل رسالة الإسلام، للأَسف الشَّديد، وهذا نقوله: أنا درست في الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة المنورة، لم يكن هناك ترْكيز على عامل اللُّغة أو حتى اللغة الإنجليزية، وهذا نداء للمؤسَّسات الإسلاميَّة في الأزهر الشريف، كذلك هناك ضعف للاهتمام باللغات الأخرى، الآن يمكن هناك قسم إسباني أو قسم لغة إنجليزية ولكن على هذه الهيئات أن تعنَى بهذا الشَّأن، ممكن عن طريق الدراسة، وممكن عن طريق دوْرات تأهيليَّة قبل ابتعاث المبعوث إلى البلد الذي يذْهب إليه - يعني: إذا ذهب إلى البرازيل - لا بدَّ أن يأخُذ دورة لمدَّة ستة أشهر أو لمدَّة عام، حتَّى يتْقِن اللغة أو حتَّى يستطيع أن يتعرَّف على المبادئ الأساسيَّة لهذِه اللُّغة، حينما يذهب سيختلف الوضْع تمامًا؛ لأنَّه سيستطيع أن يبلغ هذه الرِّسالة إلى أكبر قدر من النَّاس، والحمد لله ربِّ العالمين موضوع اللغة سواء من قبل الترجمة أو من قبل المشايِخ الَّذين يريدون اللغة جعل كثيرًا من البرازيليِّين يأْتون إلى الإسلام، ويتعرَّفون على الإسلام، ويجدُ مَن يرد عليهم، يردُّ على إشكاليَّاتهم، يردُّ على استِفْساراتِهم، يردُّ على شكوكهم، فعامل اللُّغة عامل مهم جدًّا جدًّا جدًّا، وهو من العوامِل الأساسيَّة لتبْليغ رسالة الإسلام، ولتبْليغ دعوة الإسلام.

 

المضيف: جميل جميل، حسنًا لنقترب إذًا من بعض القضايا المحتقنة أو البؤَر المحتقنة في جهودك الدَّعوية، في السنوات الأخيرة لا شك صُدِّرتْ مشكلات إلى الجالية الإسلامية، والذين يُحسُّون بالعصَب العاري لهذه المشْكلات هم الدُّعاة بصفة خاصَّة، مع أنَّنا سمعنا كلامًا مبهجًا للقلب أنَّه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر مثلاً السيِّد عبدالباقي عثمان إمام ورئيس الجمعيَّة الخيريَّة يقول: إنَّ مخازن الجمعيَّة لم يعد فيها كتابٌ إسلاميٌّ واحد، الكُتُب سُحِبت من الأسواق سحبًا، وهذا يدلُّ على أنَّ الشَّعب البرازيلي راغب في التعرُّف إلى الإسلام، وشعوب أمريكا اللاتينية بعامَّة راغبةٌ في أن تتعرَّف إلى ثقافة المسلمين هذه مزيَّة لا شكّ، لكن في الوجه الآخر من العملة لا شكَّ أنَّ أصابع النفوذ الصهْيَونيَّة صدرت ألغامًا ومشكلات كثيرة للعاملين، وللدُّعاة وللأقليَّة الإسلامية أو الجالية الإسلامية نفسها، حبَّذا لو حدَّثتنا عن بعض هذه المشكلات؟

الشيخ خالد: طبعًا هو الضَّغط الصهْيوني موجود في كل مكان - يعني التمدُّد الصهيوني - موجود مِن مشارق الأرض إلى مغاربها، الجالية المسلمة لَمَّا كنتُ موجودًا في منطقة الحدود الثلاثة تعرضتْ لضغط شديد.

 

المضيف: ليتك توضح فقط للمشاهدين ما المقصود بمنطقة الحدود الثلاثة؟

الحدود الثلاثة، أنا كنت موجودًا في دولة البارجواي في دولة اسمها مدينة الشَّرق، مدينة الشَّرق تقع على حدود البرازيل، وتقع على حُدُود الأرجنتين، فنحن في دولة البرازيل في مدينة اسمها (فوزجواسو)، وهذه فيها جالية مسلمة، في مدينة الشَّرق في البارجواي هناك جالية مسلمة، في الأرجنتين لَم تكن هناك جالية مسلمة، فهذه تُسمَّى الحدود الثلاثية، ويفصل بينها نهران نهر (جواسو) ونهر (برناي)، يعمل حدود طبيعية بين البلدان الثلاثة، ففي هذه المنطقة كان هناك جالية موجودة حتَّى الآن - الحمد لله - حوالي 15 ألف مسلم، هذه الجالية تمَّ استهدافها من قبل الضغط الصهيوني أنَّ هناك خلايا إرهابيَّة موجودة في هذا المثلث الحدودي، خلايا نائمة أو خلايا تدعم الإرهاب، فبدأت الحكومة البرازيليَّة وبعض مخابرات الدُّول الأخرى تبحث في أوضاع الجالية المسلمة، وانتهوْا بعد هذا البحث - طبعًا كان من خلال هذا البحث كان هناك نوع من الضُّغوط والملاحقات لبعض الشخصيَّات، لبعض المؤثِّرين داخل الجالية العربية والإسلامية، بعد التحرِّي، طبعًا جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر "زادت الطينة بلة" فأصبح هناك نوع من الضغط على الجالية، ولكن هذا الضغط كان فيه خَيْر؛ لأنَّه وجَّه النَّاس لأن يعتزُّوا أكثر بإسلامهم، وأن يدعوا وأن ينشروا ويبيِّنوا أنَّ الإسلام ليس دين إرهاب، أنَّ الإسلام ليس دين قتْل، بالعكس الإسلام كان ومازال وسيظلُّ منارة للناس، داعيًا إلى الخير، ناهيًا الناس عن الشر، الإسلام ليس دين قتْل، وليس دين دم، بالعكس الإسلام ينشر السَّلام بين الشُّعوب، وهو الذي حافظ على جميع الأديان بكامل حُقُوقها، وجميع المواطنين عاشوا في أمان، وكانوا يتمنَّون الحكم الإسلامي.

 

طبعًا هذا النَّاحية السلبية لأحداث الحادي عشر من سبتمبر أنتجت أن تعرضت بعض المؤسسات للملاحقة والمتابعة، وبعض الشَّخصيات المسلمة، سواء داخل البارجواي أو داخل البرازيل، ومنها بعض الحالات ليس استهدفًا لكن المشايخ وكذا الناس العاديون، مثلا عندنا أحد الإخوة القضاة في مدينة سان بولو في المنطقة التي أنا موجود فيها الآن، الدكتور علي مظْلوم .. هذا الرجل...!

 

المضيف: حسنًا تعال الآن يا شيخ قبل أن نتطرَّق لهذه الواقعة؛ لأنَّ هذه الواقعة نحن نريد فعلاً نبينها للرأي العام، أنا أُلاحظ أنَّ اللوبي الصهيوني في البرازيل ما بين كلّ فترة وفترة يدحرِج لغمًا من العيار الثَّقيل، يعني في مرَّة من المرَّات اللوبي الصِّهْيوني ادَّعى - على غير الحقيقة - أنَّ ابن لادن نفسَه قام بزيارة لإحدى المدن البرازيليَّة، التي هي "فوس ديج وسوه"، زعم أنَّه زارها فعلاً، وطبعًا هذا أمر لا أساس له من الحقيقة، ولا أساس له من الصحَّة، وثبت فيما بعد كذِب هذا الادعاء، ولكن بعد أن ثبتتْ هذه الأكاذيب، وثبتَ أنَّها أكاذيب، ظلَّت الآثار والتداعِيات مصدرة لكم كدعاة مشكلة كبيرة، يعني أنا رأيتُ لحضرتك تصريحًا بارعًا ورائعًا في صحيفة "الشَّرق الأوسط"، تدافع فيه عن أنَّ هذه كلها أكاذيب، وأنَّ الجالية الإسلاميَّة هناك تمثِّل قمَّة الوسطيَّة، والقصد والاعتدال، وقلت حتَّى في سؤال استِنكاري ساخر: كيف يزور مدينة تبعد عنِّي أنا بمسافة 2 كيلو متر ولا أعرف؟ يعني معنى هذا أنَّ النفوذ الصِّهْيوني والجالية الصهيونية تصدر أكاذيب من هذا النوع من آنٍ لآخَر، حسنًا هذه مسألة كيف تعاملت مع هذه الأكذوبة أوَّلاً؟

الشيخ خالد: هو يعني بفضل الله - سبحانه وتعالى - يعني وهذا من عطاء الله، الدُّعاة دائمًا يكون عندهم نوع من الاستِشْراف بسبب المتابعة الإعلاميَّة لما سيكون في المستقبل، يعني ماذا سيحدث؟ ربَّما يحدث كذا، من عام 95 لمَّا بدأت الحمْلة ضدَّ المسلمين في المنطقة تكلَّمنا في وسائل الإعلام البرازيليَّة أنَّ هذا الأمر سوف سيكون له آثار سلبيَّة على الجالية المسلمة، والجالية المسلمة سوف تكون مستهدَفة بسبب هذه الادعاءات الزَّائفة، بدؤوا أوَّلاً بقصَّة أنَّ العرب الموجودين غير موجودين بصفة رسميَّة، ليس معهم بطاقة، ليس معهم هويَّة، فبدأت حملة تفتيش مركَّزة على المسلمين، وكانوا يوقفون المسلمة المحجَّبة، فأنا كتبت ضدَّ هذا الأمر واعتبرت أنَّ هذا نوع من العنصرية؛ قالوا: إنَّ هناك أربعة آلاف - تصوَّر أنت أربعة آلاف من جالية ممثلة من خمسة عشرة ألفًا - بدون أوراق رسميَّة! طبعًا بعد هذه الحملة كلّها لم يطلع واحد أو اثنان مثلاً، وهذا شيء طبيعي أنَّه يمكن أن يفوت واحد ولم يسجَّل، أو فات بطريقة غير رسميَّة من دولة إلى دولة، وهذا أمر طبيعي، فكتبْنا عن هذا الأمر، وتُوبعنا بسبب هذا الأمر، هذا الادِّعاء متأخِّر هناك قبله قصص كثيرة هم قاموا بترْويجها أنَّ المسلمين في المنطقة هم المسؤولين عن تفجير المعْبد اليهودي في الأرجنتين.

 

السفارة الإسرائيلية الموجودة في برازيليَّة تقوم بهذا الدَّور، السلطات الأمريكيَّة تقوم بهذا الدور، في النِّهاية بعد هذا الضَّغط نحن تكلَّمنا مع الجالية، والله نحنُ نشعر بأنَّ الأمر مادام قد بدأت متابعات فهناك الجالية المسلمة مستهْدفة، ويجب علينا الانتباه، ويجب أن نوحِّد أنفُسَنا حتَّى نجابِه هذا الأمر.

 

طبعًا، بعض النَّاس أحيانًا لا ينظر للأمور بهذا الشكل، لا - والله - لا توجد مشكلة ولا يوجد كذا، إلى أن وصل قمَّة المتابعة وقمَّة الضغط سنة 98، حينما اتَّهموا بعض الشخصيَّات وقُتل أحَد قادة المسلمين في البارجواي!

 

طبعًا لم يعرف أحد حتَّى الآن ما هي دوافع القتْل؟ فسبب نوعًا من الخوف داخل الجالية، ونوعًا من الانكماش، وبدأْنا نوجِّهُهم مرَّة أخرى أنه لا بدَّ أننا نحن ندافع عن أنفسنا، وهذا كان فيه خير.

 

عملية زيارة ابن لادن أو غيرها من الزِّيارات، حتَّى لو زار المنطقة، حتَّى بفرض أنَّه زار المنطقة.

 

المضيف: ما جريرة المسلمين وذنبهم؟!

الشيخ خالد: هل أستطيع أنَّني أتَّهم، كما قالوا في العراق أنَّه فيه أسلحة كيماوية، كما قالوا يعني هم يوجدون مبرِّرًا لضرب التجمُّعات المسلمة.

 

المضيف: حسنًا على ذكر هذا المبرر، حضرتك سقْتَ واقعة أنا أظنُّ أنَّ معظم الرأي العام لا يدْري عنها شيئًا، وهي واقعة الدكتور علي محمد مظلوم، حضرتك قلت إنَّ هذا المسلم هذا المسلم وأضَع كلمة "المسلم" بين قوسَين كان قاضيًا فدْراليًّا، وكان مرشَّحًا للمحكمة الدُّسْتورية العليا في البرازيل، أعلى سلطة قضائيَّة هناك، ثمَّ فجأة بدأت أصابع اللّوبي الصهيوني تتحرَّك يمنةً ويسْرة، وعطَّلوا القَرار، وأوقفوا القرار تمامًا، إلى هذا الحد النُّفوذ الصهيوني متغلغل وقادر على حجْب الشخصيات الإسلامية عن ارتقاء هذه المواقع؟

الشيخ خالد: هذا صَحيح، هُم يسعَون إلى هذا الأمر، يعني اتَّهموا الرَّجُل باتِّهامات باطلة، الرَّجُل حينما اتُّهِم أصلاً كانت ممارستُه الإسلاميَّة أو ممارسته للشَّعائر كانتْ ضعيفة جدًّا - سبحان الله - انظر أنت يعني: اتَّهموا بأنَّه على صلة يُرسل أموالا لابْنِ لادن، ويرسل أموالا لجهات متطرفة، وقضايا عجيبة غريبة.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day