البحث
استشارة النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه في قضايا الأمة المصيرية
المظهر الثامن: استشارة النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه في قضايا الأمة المصيرية .
تألم المسلمون من صد المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمرة الحديبية ومما صالح عليه رسول الله قريشا ، ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان قد بشرهم بدخول مكة كما في قوله تعالى : {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً } [1]، حيث ظنوا بأن ذلك الوعد سيتحقق هذه السنة ، أما الصلح فلم تظهر لهم ما فيه من مصالح للمسلمين .
ولذلك لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من عقد الصلح مع قريش وعزم على الرجوع إلى مكة ، وأمر صحابته قائلا : قوموا فانحروا ، ثم احلقوا ... )) حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس ، فقالت أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك ؟ اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة ، حتى تنحر بدنك ، وتدعوا حالقك فيحلقك ، فخرج فلم يكلم منهم أحدا حتى فعل ذلك : نحر بدنه ، ودعا حالقه ، فلما رأوا ذلك ، قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضا ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا )) .
وفي القصة استشارة النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في القضايا المصيرية التي تهم الأمة ، ولم يقل بأن لا دخل للمرأة في طريقة سياسة الأمة وتدبير شئونها فلا فرق في الإسلام بين أن تأتي المشورة من رجل أو امرأة ما دامت مشورة صائبة ، وهذا عين التكريم للمرأة التي يزعم أعداء الإسلام أنه غمطها حقها ، وتجاهل وجودها ، وهل هناك اعتراف واحترام لرأي المرأة أكثر من أن تشير على نبي مرسل ، ويعمل النبي بمشورتها لحل مشكلة اصطدم بها وأغضبته )) [2].
--------------------------------------------------------------------------------
[1]سورة الفتح الآية 27
[2]السيرة النبوية لعلي الصلابي منقولا ( 2/ 307 ، 308 )