البحث
عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق
عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق |
---|
هو عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وهو أكبر ولد أبي بكر الصديق. قاله الزبير بن بكار قال: وكانت فيه دعابة. وأمه أم رمان أم عائشة فهو شقيقه، بارز يوم بدر وأحد مع المشركين.. حاله في الجاهلية: كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة فغيره النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، وتأخر إسلامه إلى أيام الهدنة، فأسلم وحسن إسلامه. وقال أبو الفرج في "الأغاني: "لم يهاجر مع أبيه؛ لأنه كان صغيرا. ـ وخرج عبد الرحمن مقاتلا مع جيش المشركين، وفي غزوة أحد كان مع الرماة الذين جنّدتهم قريش لمحاربة المسلمين، وعند بدأ القتال بالمبارزة وقف عبد الرحمـن يدعو إليه من المسلميـن من يبارزه، ونهـض أبوه أبو بكر الصديق ليبارزه لكن الرسـول الكـريم حال بينه وبين مبارزة ابنـه. قصة إسلامه: خرج قبل الفتح في فتية من قريش منهم معاوية إلى المدينة، فأسلموا. أخرجه الزبير بن بكار عن ابن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان، وفيما قال نظر. ومنذ أن أسلم عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما وهو لم يتخلف عن غزوة او جهاد أو طاعة ويوم اليمامة أبلى فيه بلاءاً لا مثيل له فهو الذي أجهز على محكم بن طفيل العقل المدبر لمسيلمة الكذاب وصمد مع المسلمين حتى اجهزوا على جيش الردة والكفر. أهم ملامح شخصيته: كان عبد الرحمن بن أبي بكر لم يجرب عليه كذبة قط وقال ابن عبد البر كان شجاعا راميا حسن الرمي وشهد اليمامة فقتل سبعة من أكابرهم منهم محكم اليمامة وكان في ثلمة من الحصن فرماه عبد الرحمن بسهم فأصاب نحره فقتله ودخل المسلمون من تلك الثلمة ـ لقد كان جوهر شخصيته- رضي الله عنه- الولاء المطلق لما يقتنع به، ورفضه للمداهنة في أي ظرف كان، ففي يوم أن قرر معاوية أخذ البيعة لابنه يزيد بحد السيف، كتب إلى مروان عامله على المدينة كتاب البيعة وأمره أن يقرأه على المسلمين في المسجد، وفعل مروان ولم يكد يفرغ من القراءة حتى نهض عبد الرحمن محتجا قائل:( والله ما الخيار أردتم لأمة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هَرَقِليَّة، كلما مات هِرقْل قام هِرَقْل ) ومن ملامح شخصيته كرمه وبذله يروى أن أعرابية وقفت على عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضى الله تعالى عنهما فقالت إنى أتيت من أرض شاسعة تخفضني خافضة وترفعني رافعة في بوادي برين لحمي وهضن عظمي وتركنني والهة قد ضاق بي البلد بعد الأهل والولد وكثرة من العدد لا قرابة تؤويني ولا عشيرة تحميني فسألت أحياء العرب من المرتجي سيبه المأمون عيبه الكثير نائله المكفي سائله فدللت عليك وأنا امرأة من هوازن فقدت الولد والوالد فاصنع في أمري واحدة من ثلاث إما أن تحسن صفدي وإما أن تقيم أودي وإما أن تردني إلى بلدي قال بل أجمعهن لك ففعل ذلك بها. بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم: قالت السيدة عائشة دخل عبد الرحمن بن أم رومان أخي على النبي صلى الله عليه وسلم يعوده وفي يده سواك رطب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مولعا بالسواك فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشخص بصره إليه فقلت يا عبد الرحمن اقضم السواك فناولنيه فمضغته ثم أدخلته في في رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسوك به فجمع بين ريقي وريقه. بعض المواقف من حياته مع الصحابة: بينه وبين أبيه يوم بدر <84> قال ابن هشام: نادى أبو بكر الصديق ابنه عبد الرحمن وهو يومئذ مع المشركين فقال أين مالي يا خبيث؟ فقال عبد الرحمن: لم يبق غير شكة ويعبوب وصارم يقتل ضلال الشيب ـ وخبر الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي بكر - ولم يجرب عليه كذبة قط - ذكر عنه حكاية ؛ أنه لما جاءت بيعة يزيد بن معاوية إلى المدينة قال عبد الرحمن لمروان: جعلتموها والله هرقلية وكسروية. يعنى جعلتم ملك الملك لمن بعده من ولده. فقال له مروان: اسكت فإنك أنت الذي أنزل الله فيك وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ فقالت عائشة: والله ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن، إلا أنه أنزل عذري. ويروى أنها بعثت إلى مروان تعتبه وتؤنبه وتخبره بخبر فيه ذم له ولأبيه لا يصح عنه. وبعث معاوية إلى عبد الرحمن بن أبي بكر بمائة ألف درهم بعد أن أبى البيعة ليزيد بن معاوية، فردها عبد الرحمن وأبى أن يأخذه، وقال: أبيع ديني بدنياي؟! ـ وعن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنهم، قدم الشام في تجارة - يعني في زمان جاهليته - فرأى هنالك امرأة يقال له: ليلى ابنة الجودي. على طنفسة، حولها ولائده، فأعجبته - قال ابن عساكر: رآها بأرض بصرى فقال فيها تذكرت ليلى والسماوة دونها فما لابنة الجودي ليلى وما ليا وأنى تعاطى قلبه حارثية تدمن بصرى أو تحل الجوابيا وأنى تلاقيها بلى ولعلها إن الناس حجوا قابلا أن توافيا قال: فلما بعث عمر بن الخطاب جيشه إلى الشام قال للأمير على الجيش: إن ظفرت بليلى بنت الجودي عنوة فادفعها إلى عبد الرحمن بن أبي بكر فظفر بها فدفعها إليه، فأعجب بها وآثرها على نسائه، حتى جعلن يشكونه إلى عائشة، فعاتبته عائشة على ذلك، فقال: والله كأني أرشف بأنيابها حب الرمان. فأصابها وجع سقط له فوه، فجفاها حتى شكته إلى عائشة، فقالت له عائشة: يا عبد الرحمن، لقد أحببت ليلى فأفرطت، وأبغضتها فأفرطت، فإما أن تنصفه، وإما أن تجهزها إلى أهله. فجهزها إلى أهلها. ـ وتقدم عمرو ابن العاص إلى مصر في جيوشه، ومن لحق به من العثمانية، والجميع في قريب من ستة عشر ألف.وركب محمد بن أبي بكر في قريب من ألفي فارس وهم الذين انتدبوا معه من أهل مصر، وقدم بين يدي جيشه كنانة بن بشر، فجعل لا يلقى أحدا من الشاميين إلا قاتلهم حتى يلحقهم مغلوبين إلى عمرو بن العاص، فبعث عمرو بن العاص إليه معاوية بن حديج، فجاءه من ورائه، وأقبل إليه الشاميون حتى أحاطوا به من كل جانب؛ فترجل عند ذلك كنانة وهو يقول: وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا الآية. ثم قاتل حتى قتل وتفرق أصحاب محمد بن أبي بكر عنه، ورجع يمشي فرأى خربة فأوى إليها، ودخل عمرو بن العاص فسطاط مصر، وذهب معاوية بن خديج في طلب محمد بن أبي بكر، فمر بعلوج في الطريق فقال لهم: هل مر بكم أحد تستنكرونه؟ قالوا: لا. فقال رجل منهم: إني رأيت رجلا جالسا في هذه الخربة. فقال: هو هو ورب الكعبة. فدخلوا عليه فاستخرجوه منها -وقد كاد يموت عطشا- فانطلق أخوه عبد الرحمن بن أبي بكر إلى عمرو بن العاص، وكان قد قدم معه إلى مصر، فقال: أيقتل أخي صبرا؟ فبعث عمرو بن العاص إلى معاوية بن خديج أن يأتيه بمحمد بن أبي بكر ولا يقتله. فقال معاوية: كلا والله أيقتلون كنانة بن بشر وأترك محمد بن أبي بكر وقد كان في من قتل عثمان، وقد سألهم عثمان الماء فلم يسقوه؟ وقد سألهم محمد بن أبي بكر أن يسقوه شربة من الماء. فقال معاوية: لا سقاني الله إن سقيتك قطرة من الماء أبدا؛ إنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائما محرما، فتلقاه الله بالرحيق المختوم. بعض الأحاديث التي نقلها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم: ـ أخبر أبو عثمان عن عبد الرحمن بن أبي بكر أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث وإن أربع فخامس أو سادس وأن أبا بكر جاء بثلاثة فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة قال فهو أنا وأبي وأمي فلا أدري قال وامرأتي وخادم بيننا وبين بيت أبي بكر وإن أبا بكر تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم لبث حيث صليت العشاء ثم رجع فلبث حتى تعشى النبي صلى الله عليه وسلم فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله قالت له امرأته وما حبسك عن أضيافك أو قالت ضيفك قال أوما عشيتيهم قالت أبوا حتى تجيء قد عرضوا فأبوا قال فذهبت أنا فاختبأت فقال يا غنثر فجدع وسب وقال كلوا لا هنيئا فقال والله لا أطعمه أبدا وايم الله ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها قال يعني حتى شبعوا وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك فنظر إليها أبو بكر فإذا هي كما هي أو أكثر منها فقال لامرأته يا أخت بني فراس ما هذا قالت لا وقرة عيني لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات فأكل منها أبو بكر وقال إنما كان ذلك من الشيطان يعني يمينه ثم أكل منها لقمة ثم حملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت عنده وكان بيننا وبين قوم عقد فمضى الأجل ففرقنا اثنا عشر رجلا مع كل رجل منهم أناس الله أعلم كم مع كل رجل فأكلوا منها أجمعون أو كما قال.. ـ وروى عبد الرحمن بن أبي بكر عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله عز وجل ليدعو بصاحب الدين يوم القيامة فيقيمه بين يديه فيقول أي عبدي فيم أذهبت مال الناس فيقول أي رب قد علمت أني لم أفسده إنما ذهب في غرق أو حرق أو سرقة أو وضيعة فيدعو الله عز وجل بشيء فيضعه في ميزانه فترجح حسناته.. بعض كلماته: ـ قال عبد الرحمن بن أبي بكر في هوى ليلى بنت أمير دمشق تذكرت ليلى والسماوة دونها فما لابنة الجودي ليلى وما ليا وأنى تعاطى قلبه حارثية تدمن بصرى أو تحل الجوابيا وأنى تلاقيها بلى ولعلها إن الناس حجوا قابلا أن توافيا الوفاة: قال أبو زرعة الدمشقي: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر في نومة نامها. ورواه أبو مصعب عن مالك، عن يحيى بن سعيد، فذكره وزاد: فأعتقت عنه عائشة رقابا ولما توفي كانت وفاته بمكان يقال له: الحبشي - على ستة أميال من مكة. وقيل: اثنى عشر ميلا - فحمله الرجال على أعناقهم حتى دفن بأعلى مكة فلما قدمت عائشة مكة زارته، وقالت: أما والله لو شهدتك لم أبك عليك، ولو كنت عندك لم أنقلك من موضعك الذي مت فيه. ثم تمثلت بشعر متمم بن نويرة في أخيه مالك وكنا كندمانى جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كأني ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا رواه الترمذي وغيره. وروى ابن سعد أن ابن عمر رأى فسطاطا مضروبا على قبر عبد الرحمن - ضربته عائشة بعد ما ارتحلت - فأمر ابن عمر بنزعه وقال: إنما يظله عمله. ويقال: إن عبد الرحمن توفي سنة ثلاث وخمسين. قاله الواقدي وكاتبه محمد بن سعد وأبو عبيد وغير واحد. وقيل: سنة أربع وخمسين. فالله أعلم. المصادر: الطبقات الكبرى - الإصابة في تمييز الصحابة - فتح الباري في صحيح البخاري - وغير ذلك... |