البحث
6- الإيمان بالقدر
2575
2012/11/11
2024/11/17
6- الإيمان بالقدر:
القدر هو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته .
والإيمان بالقدر هو التصديق الجازم بأن كل خير وشر فهو بقضاء الله وقدره ، وأنه الفعّال لما يريد ، لا يكون شيء إلا بإرادته ، ولا يخرج شيء عن مشيئته ، وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره ، ولا يصدر إلا عن تدبيره ، ولا مَحيد لأحد عن القدر المقدور ، ولا يتجاوز ما خُط في اللوح المحفوظ ، وأنه خالق أفعال العباد والطاعات والمعاصي ، ومع ذلك فقد أمر العباد ونهاهم ، وجعلهم مختارين لأفعالهم ، غير مجبورين عليها ، بل هي واقعة بحسب قدرتهم وإرادتهم ،
والله خالقهم وخالق قدرتهم ، يهدي من يشاء برحمته ، ويضل من يشاء بحكمته ، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون.
وللقدر أربعة مراتب :
الأولى: الإيمان بعلم الله الأزلي المحيط بكل شيء ، وأنه تعالى قد علم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ، قال تعالى : ﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾(الطلاق : 12)، وقال : ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ (الحشر : 22) ، وقال : ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ (الأنعام : 59) .
الثانية: الإيمان بكتابة الله تعالى لكل شيء مما هو كائن إلى قيام الساعة ، قال تعالى : ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾(الحج : 70)، وقال تعالى : ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾(يس : 12).
الثالثة: الإيمان بمشيئة الله النافذة التي لا يردُّها شيء ، وقدرته التي لا يُعجِزُها شيء، فالله تعالى قد شاء كل ما في السموات والأرض لا يكون شيء إلا بمشيئته ، ما شاء الله كان وما لم يشأْ لم يكن، قال تعالى: ﴿وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ ، وقال : ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾(التكوير : 29).
الرابعة: الإيمان بأن الله خَلَقَ كل شيء وأوجده ، فهو الخالق وحده لا شريك له ، خالق لكل عامل وعمله وكل متحرك وحركته وكل ساكن وسكونه ، قال تعالى :﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾(سورة الفرقان : 2)، وقال تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾(الزمر : 62)، وقال تعالى:﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾(الصافات : 96).
والإيمان بالقدر لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الاختيارية ، وقدرة عليها ، وهما مناط التكليف الذي يترتب عليه الثواب أو العقاب، قال الله تعالى : ﴿فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا﴾(النبأ :39)، وقال تعالى: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾(التكوير : 28)، وقال تعالى:﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾(البقرة : 286).
وكل إنسان يعلم أن له مشيئة وقدرة بهما يفعل ، وبهما يترك ، ويفرِّق بين ما يقع بإرادته كالمشي وما يقع بغير إرادته كالارتعاش ، لكن مشيئة العبد وقدرته واقعتان بمشيئة الله تعالى وقدرته ، قال تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾(الإنسان : 30)، ولأن الكون كله مُلك لله تعالى فلا يكون في ملكه شيء بدون علمه ومشيئته.