1. المقالات
  2. يوم في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم_ عبد الملك القاسم
  3. الأقارب

الأقارب

الكاتب : عبد الملك القاسم

لنبي الأمة  من الوفاء في صلة الرحم ما لا يفي عنه الحديث؛ فهو أكمل البشر وأتمهم في ذلك، حتى مدحه كفار قريش وأثنوا عليه ووصفوه بالصادق الأمين قبل بعثته عليه الصلاة والسلام، ووصفته خديجة رضي الله عنها بقولها: «إنك لتصل الرحم وتصدق...» الحديث.

هاهو عليه الصلاة والسلام يقوم بحق من أعظم الحقوق وبواجب من أعلى الواجبات، إنه يزور أمه التي ماتت عنه وهو ابن سبع سنين.

قال أبو هريرة رضي الله عنه: زار النبي r قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله فقال: «استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت»([1]).

وتأمل محبته عليه الصلاة والسلام لقرابته وحرصه على دعوتهم وهدايتهم وإنقاذهم من النار.. وتحمل المشاق والمصاعب في سبيل ذلك.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: }وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ{([2])، دعا رسول الله r قريشًا فاجتمعوا فعمَّ وخصَّ، وقال: «يا بني عبد شمس، يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئًا غير أن لكم رحمًا سأبلها ببلالها([3])»([4]).

وها هو الحبيب  لم يمل ولم يكل من دعوة عمه أبي طالب فعاود دعوته المرة بعد الأخرى، حتى إنه أتى إليه وهو في سياق الموت: «لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل عليه النبي r وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال: «أي عم، قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله عز وجل»، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ قال: فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به، على ملة عبد المطلب».

فقال النبي r: «لأستغفرن لك مالم أنه عنك» فنـزلت: }مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ{([5]) قال: ونزلت: }إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ{([6])»([7]).

لقد دعاه الرسول  في حياته مرات ومرات، وفي اللحظات الأخيرة عند موته، ثم أتبعه الاستغفار له برًا به ورحمة حتى نزلت الآية، فسمع وأطاع عليه الصلاة والسلام وتوقف عن الدعاء للمشركين من قراباته، وهذه صورة عظيمة من صور الرحمة للأمة ثم هي في النهاية صورة من صور الولاء لهذا الدين والبراء من الكفار والمشركين حتى وإن كانوا قرابة وذوى رحم.

نبي أتانا بعد يأس وفترة

 

 

من الرسل، والأوثان في الأرض تعبد

فأمسى سراجًا مستنيرًا وهاديًا

 

 

يلوح كما لاح الصقيل المهند

وأنذرنا نارًا وبشر جنة

 

 

وعلمنا الإسلام فلله نحمد




 



([1]) رواه مسلم.

([2]) سورة الشعراء، الآية: 214.

([3] أي: أصلكم في الدنيا ولا أغني عنكم من الله شيئًا.

([4]) رواه مسلم.

([5]) سورة التوبة، الآية: 113.

([6]) سورة القصص، الآية: 56.

([7]) رواه أحمد والبخاري ومسلم.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day