1. المقالات
  2. يوم في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم_ عبد الملك القاسم
  3. الهدية والضيف

الهدية والضيف

الكاتب : عبد الملك القاسم

في حياة البشر حاجات عاطفية ودخائل نفسية تظهر الحاجة إليها دومًا في المجتمع والأسرة والبيت، ومن الأمور التي تقرب القلوب وتذيب إحن النفوس الهدية، عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي r كان يقبل الهدية ويثيب عليها»([1]) وهذا الإهداء والشكر من كرم النفوس وصفاء الصدور.

وخلق الكرم من أخلاق الأنبياء وسنن المرسلين، ولرسولنا قصب السبق والقدح المعلى في ذلك أليس هو القائل: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة، والضيافة ثلاثة أيام فما بعد ذلك فهو صدقة ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه؟»([2]).

ووالله لم تشهد الغبراء ولا وهادها ولم ير الحجاز ولا الجزيرة، بل ولا الخافقين أنبل أخلاقًا وأكرم صفاتٍ منه كحل عينيك -أيها القارئ- لترى موقفاً من مواقفه العظيمة بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام!!

عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن امرأة جاءت إلى رسول الله ببردة منسوجة فقالت: نسجتها بيدي لأكسوكها، فأخذها النبي محتاجًا إليها، فخرج إلينا وإنها لإزاره فقال فلان: اكسنيها ما أحسنها فقال: «نعم» فجلس النبي في المجلس، ثم رجع فطواها، ثم أرسل بها إليه فقال له القوم: ما أحسنت، لبسها النبي محتاجًا إليها، ثم سألته، وعلمت أنه لا يرد سائلاً، فقال: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني قال سهل: فكانت كفنه»([3]).

ولا تعجب من خلق من اصطفاه الله عز وجل ورباه على عينه وجعله القدوة، رسول الله يضرب أروع الأمثلة في السخاء والجود، عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سألت رسول الله r فأعطاني ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: «يا حكيم، إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع واليد العليا خير من اليد السفلى»([4]).

وصدق الشاعر:

وله كمال الدين أعلى همة

 

 

يعلو ويسمو أن يقاس بثاني

لما أضاء على البرية زانها

 

 

وعلا بها فإذا هو الثقلان

فوجدت كل الصيد في جوف الفرا

 

 

ولقيت كل الناس في إنسان

عن جابر رضي الله عنه قال:ما سئل النبي r عن شيء قط فقال، لا([5]).

ومع هذا العطاء والسخاء في اليد إلا أن سخاءه منقطع النظير في الجود والبذل وطيب النفس وحسن المعاشرة وصدق المحبة.

كان من عادته أن يبش (يبتسم) إلى كل من يجلس إليه، حتى يظن أنه أحب أصحابه إلى قلبه.

عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: «ما حجبني رسول الله ولا رآني منذ أسلمت إلا تبسم»([6]).

ولك في وصف شاهد كفاية وعبر.

وعن عبد الله بن الحارث قال: «مارأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله r»([7]).

ولماذا تعجب أيها الحبيب وهو القائل عليه الصلاة والسلام: «وتبسمك في وجه أخيك صدقة»([8]).

أما خادم رسول الله r أنس رضي الله عنه فقد وصف رسول الله r بصفات عظيمة قل أن تجد بعضها في رجل أو أن تجتمع في أناس، كان رسول الله r أشد الناس لطفًا فما سأله سائل قط إلا أصغى إليه فلا ينصرف رسول الله r حتى يكون السائل هو الذي ينصرف وما تناول أحد يده قط إلا ناوله إياها فلا ينزع r يده حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها منها»([9]).

مع إكرامه r لضيفه والتطلف معه إلا أنه كان رءوفًا بأمته، ولذا فهو ينكر المنكر ولا يقبله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله r رأى خاتمًا من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه، وقال: «يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده»([10]).




([1]) رواه البخاري.

([2]) رواه البخاري.

([3]) رواه البخاري.

([4]) متفق عليه.

([5]) رواه البخاري 6034.

([6]) رواه البخاري.

([7]) رواه الترمذي.

([8]) رواه الترمذي.

([9]) رواه أبو نعيم في الدلائل.

([10]) رواه مسلم.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day