البحث
سُنَّة دعاء السوق
هناك بعض السنن النبوية تبدو بسيطة وسهلة في أدائها، ومع ذلك فأجرها هائل، وقد يحتار الكثيرون عندما ينظرون إلى ثواب العمل، غير أن هناك دومًا أسبابًا لهذا الأجر العظيم؛ ولعلَّ من أعظم الأجور التي رأيناها في السُّنَّة النبوية أجر دعاء السوق! فقد روى الترمذي -وقال الألباني: حسن- عن عُمَرَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ دَخَلَ السُّوقَ، فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ، وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ"!
إن تحصيل مليون حسنة، ومحو مليون سيئة، لأمر يحتاج إلى وقفة! إن الأسواق تُعتبر من أكثر الأماكن التي يخسر فيها الناس دينهم؛ فهي في الغالب تُلْهي عن الصلاة وفعل الخيرات، كما أنها تؤثِّر سلبًا على العلاقات بين المسلمين! وذلك لأن التنافس بين الناس يكون على تحقيق أكبر قدر من الربح في المال، والمال -كما هو معروف- حبيب إلى النفس؛ قال تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20]، فمن أجله يخسر الناس إخوانهم، بالإضافة إلى الكذب والخداع والغشِّ وغير ذلك من الآفات المنتشرة عند البيع والشراء؛ ولذلك كله كانت الأسواق هي شرَّ الأماكن في الدنيا؛ فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا".
لهذا فإن مَنْ يتذكَّر هذا الدعاء العظيم في مثل هذه الأجواء، ومَنْ ينطق بشهادة التوحيد في مثل هذا المكان المـُلْهِي عن ذكر الله، فإن الله يُكافئه بهذا العطاء الهائل؛ فلنحرص على هذه السُّنَّة الجليلة! ولْنحرص كذلك على تقليل أوقاتنا في هذه الأسواق.
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].