البحث
سُنَّة غض البصر
حَرَّم اللهُ الفواحش كلها، فقد قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33]، وحَرَّم كذلك الطرق المؤدية لها، ولهذا كان من سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم غضُّ البصر، لأنه قد يؤدي إلى ما بعده من فواحش، بل جَعَلَ اللهُ غضَّ البصر حقًّا للمسلم والمسلمة، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا.
فَقَالَ: «إِذْ أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ».
قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ».
فمعنى هذا أنه إذا نظر مسلم نظرةً حرامًا فإنه يكون قد وقع في حقِّ أخيه أو أخته، وسيُؤخَذ منه هذا الحقُّ يوم القيامة، وإذا كان بصر المسلم يقع أحيانًا -بدون قصد- على مُحَرَّمٍ فإن الله يتجاوز عن النظرة الأولى الفجائية، لكنه لا يتجاوز عن التي تليها، فقد روى مسلم عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي»،
وروى أبو داود -وقال الألباني: حسن- عَنِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: «يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ»،
وهذه السُنَّة النبوية المهمة ليست للرجال فقط، إنما هي للنساء والرجال معًا، وقد قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]، وقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31]، فليحرص المسلمون والمسلمات على هذه العِفَّة، ولْيَغضُّوا أبصارهم، ولْيعلم كل مؤمنٍ أن الله سائله عن ذلك، فقد قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36]،
ولا تنسوا شعارنا: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54].