البحث
معرفة الحق لا تكفي
قد تعرف الحق وتتيقن منه كما عرف هرقل مقام النبي صلى الله عليه و سلم حق المعرفة بل نطق بلسانه أنه متيقن من نبوته صلى الله عليه وسلم.
لكن ليست معرفة الحق فقط هي الفيصل في الهداية وإنما إيثار الحق على الباطل واتباع الحق والانقياد إليه. ففي مثالنا السابق: آثر هرقل رياسته واستقر على الباطل بل حارب الحق حتى تثبت له رياسته.
لذا:
فإن كمال العبد في أمرين:
1- معرفة الحق من الباطل.
2- إيثار الحق على الباطل.
جاء في مبحث موانع الهداية:
فإن من الناس من يعرف الحق لكن إيثاره على الباطل قد يكون عنده ضعيفًا، والجاهل إذا عرف كان قريب الانقياد والاتباع، وبهذا يكون قد قطع نصف الطريق إلى الحق وما بقي عليه إلا قوة العزيمة على الرشد «اللهم أسألك العزيمة على الرشد» (رواه أحمد) {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف:68]، وهذا السبب هو الذي حال بين كثير من الكفار وبين الإسلام، فإنهم لا يعرفون عنه شيئًا، ومع ذلك يكرهونه، وكما قيل: الناس أعداء لما جهلوا.
ومن المؤسف جهل المسلمين في هذه الأيام بحقيقة هذا الدين، فمنهم من يقول: إذا تبت وأنبت إلى الله وعملت صالحا ضيق علي رزقي ونكد علي معيشتي، وإذا رجعت إلى المعصية وأعطيت نفسي مرادها جاءني الرزق والعون، ونحو هذا. هو يعبد الله من أجل بطنه وهواه، وإذا حصل مثل هذا فالله يختبر صدق العبد وصبره، فلا إله إلا الله! كم فسد بهذا الاغترار من عابد جاهل، ومتدين لا بصيرة له، ومنتسب إلى العلم لا معرفة له بحقائق الدين، أما قرأت قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ} [الحج:11]، فسبحان الله! كم صدت هذه الفتنة الكثير عن القيام بحقيقة هذا الدين، والسبب: الجهل بالدين، والجهل بحقيقة النعيم الذي يطلبه ويعمل من أجل أن يصل إليه، كم نسبة نعيم الدنيا بالنسبة لنعيم الآخرة؟ أما الأوامر والنواهي فهي رحمة وحمية، ونغص الله الدنيا على المؤمنين حتى لا يطمئنوا إليها ويركنوا إليها ويرغبوا في نعيم الآخرة.
اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه.