البحث
الإيمان بأسماء الله وصفاته - الجزء الثاني
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد، فيا أيها المسلمون، إن العلم بمعاني أسماء الله وصفاته له فوائد جمة على عقل العبد وقلبه وجوارحه، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: والأسماء الحسنى والصفات العلا مقتضِيةٌ لآثارها من العبودية والأمر اقتضاءَها لآثارِها من الخلق والتكوين، فلِكلِّ صفةٍ عبوديةٌ خاصةٌ، هي من موجِبات العلم بها والتحقق بمعرفتها، وهذا مُطَّرِدٌ في جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح. فعِلْمُ العبد بتفرد الرب تعالى بالضُّر والنفع والعطاء والمنع والخلق والرزق والإحياء والإماتة؛ يُثمر له عبودية التوكل عليه باطنا، ولوازم التوكل وثمراته ظاهرا.
وعِلمه بسمعِه تعالى وبصرِه وعلمِه، وأنه لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات والأرض، وأنه يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور؛ يثمر له حِفظَ لسانه وجوارحه وخطرات قلبه عن كل ما لا يُرضي الله، وأن يجعل تعلق هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه، فيثمر له ذلك الحياءَ باطنا، ويثمر له الحياءُ اجتـناب المحرمات والقبائح.
ومعرفته بغناه وجوده وكرمه وبرِّه وإحسانه ورحمته؛ توجب له سعة الرجاء، وتثمر له ذلك من أنواع العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه.
وكذلك معرفته بجلال الله وعظمته وعزه؛ تثمر له الخضوع والاستكانة والمحبة، وتثمر له أنواعا من العبودية الظاهرة هي موجِباتها.
وكذلك عِـلمه بكماله وجماله وصفاته العُلى؛ يوجب له محبة خاصة بمنـزلة أنواع العبودية. فرجعت العبودية كلها إلى مقتضى الأسماء والصفات، وارتبطت بها ارتباط الخلق بها، فخلقُه سبحانه وأمرُه هو مُوجَبُ أسمائه وصفاته في العالم وآثارها ومقتضاها. انتهى كلام ابن القيم رحمه الله.
• ثم اعلموا رحمكم الله أن الله سبحانه أمركم بأمر عظيم فقال (إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما)، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض عن أصحابه الخلفاء، الأئمة الحنفاء، وارض عن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم ما نزل بلاء إلا بذنب، وما كُـشِف إلا بتوبة، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، اللهم ابسط الأمن في اليمن والعراق والشام وفلسطين وليبيا وغيرها من بلاد المسلمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.