البحث
فصل في هديه في الاستئذان
فصل في هديه في الاستئذان
وصح عنه أنه قال الاستئذان ثلاث فإن أذن لك وإلا فارجع
وصح عنه أنه قال إنما جعل الاستئذان من أجل البصر وصح عنه أنه أراد أن يفقأ عين الذي نظر إليه من حجر في حجرته وقال إنما جعل الاستئذان من أجل البصر وصح عنه أنه قال لو أن امرءا اطلع عليك بغير إذن فخذفته بحصاة ففقأت عينه لم يكن عليك جناح وصح عنه أنه قال من اطلع على قوم في بيتهم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقؤوا عينه وصح عنه أنه قال من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقؤوا عينه فلا دية له ولا قصاص وصح عنه التسليم قبل الاستئذان فعلا وتعليما واستأذن عليه رجل فقال أألج فقال رسول الله لرجل اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقال له قل السلام عليكم أأدخل فسمعه الرجل فقال السلام عليكم أأدخل فأذن له النبي فدخل ولما استأذن عليه عمر رضي الله عنه وهو من مشربته مؤليا من نسائه قال السلام عليك يا رسول الله السلام عليكم أيدخل عمر وقد تقدم قوله لكلدة بن حنبل لما دخل عليه ولم يسلم ارجع فقل السلام عليكم أأدخل وفي هذه السنن رد على من قال يقدم الاستئذان على السلام ورد على من قال إن وقعت عينه على صاحب المنزل قبل دخوله بدأ بالسلام وإن لم يقع عينه عليه بدأ بالاستئذان والقولان مخالفان للسنة وكان من هديه إذا استأذن ثلاثا ولم يؤذن له انصرف وهو رد على من يقول إن ظن أنهم لم يسمعوا زاد على الثلاث ورد على من قال يعيده بلفظ آخر والقولان مخالفان للسنة
فصل
وكان من هديه أن المستأذن إذا قيل له من أنت يقول فلان بن فلان أو يذكر كنيته أو لقبه ولا يقول أنا كما قال جبريل للملائكة في ليلة المعراج لما استفتح باب السماء فسألوه من فقال جبريل واستمر ذلك في كل سماء سماء وكذلك في الصحيحين لما جلس النبي في البستان وجاء أبو بكر رضي الله عنه فاستأذن فقال من قال أبو بكر ثم جاء عمر فاستأذن فقال من قال عمر ثم عثمان كذلك وفي الصحيحين عن جابر أتيت النبي فدققت الباب قال من ذا فقلت أنا فقال أنا أنا كأنه كرهها ولما استأذنت أم هانىء قال لها من هذه قالت أم هانيء فلم يكره ذكرها الكنية وكذلك لما قال لأبي ذر من هذا قال أبو ذر وكذلك لما قال لأبي قتادة من هذا قال أبو قتادة
فصل
وقد روى أبو داود عنه من حديث قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة رسول الرجل إلى الرجل إذنه وفي لفظ إذا دعي أحدكم إلى طعام ثم جاء مع الرسول فإن ذلك إذن له وهذا الحديث فيه مقال قال أبو علي اللؤلؤي سمعت أبا داود يقول قتادة لم يسمع من أبي رافع وقال البخاري في صحيحه وقال سعيد عن قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي هو إذنه فذكره تعليقا لأجل الانقطاع في إسناده وذكر البخاري في هذا الباب حديثا يدل على أن اعتبار الاستئذان بعد الدعوة وهو حديث مجاهد عن أبي هريرة دخلت مع النبي فوجدت لبنا في قدح فقال اذهب إلى أهل الصفة فادعهم إلي قال فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا
وقد قالت طائفة بأن الحديثين على حالين فإن جاء الداعي على الفور من غير تراخ لم يحتج إلى استئذان وإن تراخى مجيئه عن الدعوة وطال الوقت احتاج إلى استئذان وقال آخرون إن كان عند الداعي من قد أذن له قبل مجيء المدعو لم يحتج إلى استئذان آخر وإن لم يكن عنده من قد أذن له لم يدخل حتى يستأذن وكان رسول الله إذا دخل إلى مكان يحب الانفراد فيه أمر من يمسك الباب فلم يدخل عليه أحد إلا بإذن
فصل
وأما الاستئذان الذي أمر الله به المماليك ومن لم يبلغ الحلم في العورات الثلاث قبل الفجر ووقت الظهيرة وعند النوم فكان ابن عباس يأمر به ويقول ترك الناس العمل بها فقالت طائفة الآية منسوخة ولم تأت بحجة وقالت طائفة أمر ندب وإرشاد لا حتم وإيجاب وليس معها ما يدل على صرف الأمر عن ظاهره وقالت طائفة المأمور بذلك النساء خاصة وأما الرجال فيستأذنون في جميع الأوقات وهذا ظاهر البطلان فإن جمع الذين لا يختص به المؤنث وإن جاز إطلاقه عليهن مع الذكور تغليبا وقالت طائفة عكس هذا إن المأمور بذلك الرجال دون النساء نظرا إلى لفظ الذين في الموضعين ولكن سياق الآية يأباه فتأمله وقالت طائفة كان الأمر بالاستئذان في ذلك الوقت للحاجة ثم زالت والحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها فروى أبو داود في سننه أن نفرا من أهل العراق قالوا لابن عباس يا ابن عباس كيف ترى هذه الآية التي أمرنا فيها بما أمرنا ولا يعمل بها أحد ( يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم ) الآية ( النور 58 ) فقال ابن عباس إن الله حكيم رحيم بالمؤمنين يحب الستر وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حجال فربما دخل الخادم أو الولد أو يتيمة الرجل والرجل على أهله فأمرهم الله بالاستئذان في تلك العورات فجاءهم الله بالستور والخير فلم أر أحدا يعمل بذلك بعد وقد أنكر بعضهم ثبوت هذا عن ابن عباس وطعن في عكرمة ولم يصنع شيئا وطعن في عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب وقد احتج به صاحبا الصحيح فإنكار هذا تعنت واستبعاد لا وجه له وقالت طائفة الآية محكمة عامة لا معارض لها ولا دافع والعمل بها واجب وإن تركه أكثر الناس والصحيح أنه إن كان هناك ما يقوم مقام الاستئذان من فتح باب فتحه دليل على الدخول أو رفع ستر أو تردد الداخل والخارج ونحوه أغنى ذلك عن الاستئذان وإن لم يكن ما يقوم مقامه فلا بد منه والحكم معلل بعلة قد أشارت إليها الآية فإذا وجدت وجد الحكم وإذا انتفت انتفى والله أعلم