البحث
وهو قدوة في العبادة:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا"
وعن عبيد بن عمير رضي الله عنه أنه قال لعائشة رضي الله عنها: "أخبرنا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال: فسكتت، ثم قالت: "لما كان ليلة من الليالي قال: "يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي"، قلت: والله إني لأحب قربك، وأحب ما سرك، قالت: فقام، فتطهر، ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بل حجره، قالت: ثم بكى، فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، قالت: ثم بكى، فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله، لم تبكي، وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً؟ لقد نزلت علي الليلة آية، ويل لمن قرأها، ولم يتفكر فيها:
{ إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱخْتِلَٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لَآيَٰتٍۢ لِّأُولِى ٱلْأَلْبَٰبِ }
[آل عمران: 190]
الآية كلها.
وفي شهر رمضان، كان هديه الإكثار من أنواع العبادات، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن، والصلاة والذكر، والاعتكاف.
وفي التطوع: كان صلى الله عليه وسلم يصوم حتى يقال: لا يفطر، ويفطر حتى يقال: لا يصوم، وما استكمل صيام شهر غير رمضان، وما كان يصوم في شهر أكثر مما يصوم في شعبان، وكان يتحرى صيام يوم الاثنين والخميس.
وفي قراءة القرآن: كانت قراءته ترتيلاً، لا هذا ولا عجلة، بل قراءة مفسرة حرفا حرفاً، وكان يقطع قراءته آية آية، وكان يمد عند حروف المد، فيمد {الرحمن}، ويمد {الرحيم}، وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته، فيقول: {أعوذ بالله من الشيطان الرجيم}، وربما كان يقول:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ"
وكان له صلى الله عليه وسلم حزب يقرؤه، ولا يخل به.
وكان يقرأ القرآن قائماً، وقاعداً، ومضطجعاً، ومتوضأ، ومحدثاً، ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة",