البحث
النية في الذهاب للعمل
خلق الله سبحانه الخلق ويسر لهم كل أسباب الرزق وجعل لهم مخرجا من كل ضيق وسهل لهم كل طريق ليسعوا لكسب الأرزاق من كل فج عميق وليشكروه على نعمه التي لا تعد ولا تحصى فهو الميسر لهم كل أسباب التوفيق قال تعالى
﴿هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور﴾
[الملك23]
فلقد فتح الله تعالى لعباده بركات من السماء والأرض فذلل لهم الأرض وبسطها وأخرج منها ماءها ومرعاها وأنزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض بعد موتها وملأ جوفها بكنوز من الذهب والفضة وأنواع كثيرة من معادنها وسخر لهم البحار وجواهرها وأصدافها وخلق لهم الأنعام لينتفعوا بألبانها ولحومها وأصوافها وأشعارها وبِرُكُوبها.
فمن هنا كان لابد من أيدي عاملة لعمارة الأرض ولتزرع الأرض وتحرثها لتخرج منها ثمارها ولتصنع من جلود الأنعام اللباس الذي يقي من البرد ويقينا بأسنا، وأن تبحث عن معادن الأرض وكنوزها وتستخرج منها حلية نلبسها وأدوات لخِدمتنا وصناعات تنفعنا في حياتنا.
فلا يستطيع أي مجتمع أن يعيش بغير عمل إذ أنه المصدر الأول لحياتنا وخدمتنا فمن هنا حث الإسلام على العمل وكسب الرجل من عمل يده وعلى نفع الناس كما قال تعالى
﴿فامشوا في مناكبها﴾
أي: سافروا حيث شئتم من أقطار الأرض وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات.
والعمل في منظور الإسلام عبادة ولكن لا ينبغي للجاهل أن يفهم هذه العبادة بمفهوم خاطئ فهي عبادة إذا لم يضيع حقوق الله عز وجل وفرائضه قال تعالى في مدح المؤمنين
﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ..............﴾
[النور37]
فللعمل وقت لا يتعارض مع مواقيت الصلاة، فلا تؤخر الصلاة من أجل العمل بحجة أنه عبادة قال تعالى
﴿يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون﴾
[الجمعة:9 -10]
وهذه عدة نوايا يستحب أن تنويها قبل العمل:
1- تنفيذ أمر الله تعالى فقد قال
﴿فامشوا في مناكبها ....... ﴾
[الملك23]
وقال تعالى
﴿فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله﴾
[الجمعة:9 -10].
2- لحث الرسول ﷺ عليه فقد قال
«عن أبي هُريرة قَالَ:
قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ «لأَنْ يحتَطِبَ أَحَدُكُم حُزمَةً عَلَى ظَهرِه، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسأَل أَحَدًا، فَيُعطيَه أَو يمنَعَهُ«.
3- لنيل أجر الصدقة
عن أَبي مَسْعُودٍ الْبَدرِيِّ عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ
«إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نفقَةً يحتَسبُها -أي: يقصد بها وجه الله والتقرب إليه – فَهِي لَهُ صدقَةٌ «وعن الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه «مَا كَسَبَ الرَّجُلُ كَسْبًا أَطْيَبَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَمَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَخَادِمِهِ، فَهُوَ صَدَقَة «
4- للحصول على فضل العمل، وفضل الأكل من يدي
وَعَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، قَالَ:
قال ﷺ «ما أكلَ أحدٌ طعامًا قطُّ، خيرًا من أنْ يأكلَ من عمَلِ يدِهِ وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ كان يأكلُ من عمَلِ يدِهِ «وعَنْ سَعِيدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ: أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ قَالَ: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُور «، وعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَلْيَبْدَأْ أَحَدُكُمْ بِمَنْ يَعُولُ، وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ»)) واليد العليا هي: المعطية واليد السفلى هي: السائلة
5- الاقتداء بالأنبياء والصالحين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «كَانَ دَاوُدُ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمِلِ يَدِهِ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ «كَانَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ نَجَّارًا» وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: «مَا بَعَثَ الله نَبِيًّا إِلاَ رَعَى الْغَنَمَ» فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ قَالَ: «نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ» وكان أبو بكر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة
رضوان الله عليهم بزازين، أي: بائعوا ثياب، وكان سعد بن أبي وقاص يبري النبل، وكان عثمان بن طلحة خياطا، رضي الله عنهم أجمعين.
6- خدمة المسلمين – كفالة بيته – الأكل الحلال
عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لأنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ أَحْبُلَهُ فَيَأْتِيَ الْجَبَلَ، فَيَجِيءَ بِحُزْمَةٍ مِنْ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا، فَيَسْتَغْنِيَ بِثَمَنِهَا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ».
7- لتحصيل الرزق في سبيل الله، وتجنب الرياء
فَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ:
مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ جَلَدِهِ ونَشَاطِهِ مَا أَعْجَبَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يَعِفُّها فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وتَفَاخُرًا فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ».
8- لتجميع أموال أنفقها أفضل الإنفاق
عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، .......الحديث»
9- لكسب الخبرات والنشاط والقوة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ .......الحديث»
10- لحصول الغنى وإكرام الله لي به
مُعَاذُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ قَالَ:
كُنَّا فِي مَجْلِسٍ فَطَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَعَلَى رَأْسِهِ أَثَرُ مَاءٍ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، نَرَاكَ طَيِّبَ النَّفْسِ قَالَ: " أَجَلْ "، قَالَ: ثُمَّ خَاضَ الْقَوْمُ فِي ذِكْرِ الْغِنَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى اللهَ، وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى اللهَ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النِّعَمِ»
11- إن كسب المال وجمعه إن قصد به إعفاف نفسه وعائلته والتوسعة على الإخوان وأبناء الفقراء وصلة الأرحام وفعل المصالح، نية أفضل من الكثير من الطاعات.
12- للدعوة إلى الله فإن مجال الدعوة مفتوح ومهيأ لأصحاب الأعمال إما بالكلمة الطيبة أو الابتسامة أو الشريط الإسلامي والكتيبات المناسبة أو بحسن الخلق والمعاملة الطيبة مع الآخرين.
نصائح مهمة لأصحاب الأعمال:
1- إعلم أن سعيك لكسب الرزق سبب من أسباب حصولك عليه بعون الله تعالى لك فلا تنسى التوكل عليه فهو سبحانه السبب الأول لتحصيل الرزق.
2- يجب أن يكون العمل حلالا والمال المأخوذ منه حلالا
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال:
قال ﷺ: «إنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ فِي روعِي أنَّ نَفْساً لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلاَ يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لاَ يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إلاَّ بِطَاعَتِهِ«.
3- اعلم أن رزقك مكتوب لك فلا تستعجله
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:
قال رسول الله ﷺ «إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله «وعن جابر بن عبد الله قال رسول الله ﷺ « لا تَستبطِئُوا الرِّزقَ ، فإنَّهُ لمْ يكنْ عبدٌ لِيموتَ حتى يَبلُغَهُ آخِرُ رِزقٍ هوَ لهُ، فاتَّقُوا اللهَ، وأجْملُوا في الطَّلَبِ، أخذُ الحلالِ، وتركُ الحرامِ«.
4- القناعة كنز لا يفنى
عن عبد الله بن عمرو قال ﷺ
«قد أفلح من أسلَم ورُزِقَ كفافًا، وقَنَّعَه اللهُ بما آتاه «
5- إتقان العمل طاعة لله تعالى
عن عائشة أم المؤمنين قالت:
قال رسول الله ﷺ «إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ «
6- المسامحة في البيع والشراء سبب من أسباب دخول الجنة
عن عثمان بن عفان قال:
قال رسول الله ﷺ «أدخَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ رجلًا كان سَهلًا مشتَريًا وبائعًا، وقاضيًا ومُقتَضيًا؛ الجنَّةَ. عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله ﷺ قال «رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى «
7- إحذر الغش والظلم وأكل أموال الربا والرشوة
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
لعَن رسول الله ﷺ آكل الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: «هم سواءٌ «وأيضا عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ مرّ على صُبْرَة طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام «قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: «أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشّ فليس مني «.
8- وجوب النصح والإرشاد للآخرين:
عن أبي يعلى معقل بن يسار قال:
سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة «