البحث
هديه في الجمع والباه
وأما الجماع والباه فكان هدية فيه اكمل هدي يحفظ به الصحة وتتم به اللذة وسرور النفس ويحصل به مقاصده التي وضع لأجلها فإن الجماع وضع في الأصل لثلاثة أمور هي مقاصده الأصلية أحدها حفظ النسل ودوام النوع إلى إن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها إلى هذا العالم
الثاني إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن الثالث قضاء الوطر ونيل اللذة والتمتع بالنعمة وهذه وحدها هي الفائدة التي في الجنة إذ لا تناسل هناك ولا احتقان يستفرغه الإنزال وفضلاء الأطباء يرون أن الجماع من أحد اسباب حفظ الصحة قال جالينوس الغالب على جوهر المني النار والهواء ومزاجه حار رطب لأن كونه من الدم الصافي الذي تغتذي به الأعضاء الأصلية وإذا ثبت فضل المني فاعلم أنه لا ينبغي إخراجه إلا في طلب النسل أو إخراج المحتقن منه فإنه إذا دام احتقانه احدث أمراضا رديئة منها الوسواس والجنون والصرع وغير ذلك وقد يبرىء استعماله من هذه الأمراض كثيرا فإنه إذا طال احتباسه فسد واستحال إلى كيفية سمية توجب أمراضا رديئة كما ذكرنا ولذلك تدفعه الطبيعة بالاحتلام إذا كثر عندها من غير جماع وقال بعض السلف ينبغي للرجل أن يتعاهد من نفسه ثلاثا أن لا يدع المشي فإن احتاج إليه يوما قدر عليه وينبغي أن لا يدع الأكل فإن أمعاءة تضيق وينبغي أن لا يدع الجماع فإن البئر إذا لم تنزح ذهب ماؤها وقال محمد بن زكريا من ترك الجماع مدة طويلة ضعفت قوى أعصابه وانسدت مجاريها وتقلص ذكره
قال ورأيت جماعة تركوه لنوع من التقشف فبردت أبدانهم وعسرت حركاتهم ووقعت عليهم كآبة بلا سبب وقلت شهواتهم وهضمهم انتهى ومن منافعه غض البصر وكف النفس والقدرة على العفة عن الحرام وتحصيل ذلك للمرأة فهو ينفع نفسه في دنياه وأخراه وينفع المرأة لذلك كان يتعاهده ويحبه ويقول حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ،، وفي كتاب الزهد للإمام أحمد في هذا الحديث زيادة لطيفة وهي اصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن ،، وحث على التزويج أمته فقال تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم ،، وقال ابن عباس خير هذه الأمة أكثرها نساء ،، وقال إني أتزوج النساء وأنام وأقوم وأصوم وأفطر فمن رغب عن سنتي فليس مني ،، وقال يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ،، ولما تزوج جابر ثيبا قال له هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك ،، وروى ابن ماجه في سننه من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله من اراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر ،، وفي سننه أيضا من حديث ابن عباس يرفعه قال لم نر للمتحابين مثل النكاح ،، وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر قال قال رسول الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة ،،
وكان يحرص أمته على نكاح الأبكار الحسان وذوات الدين وفي سنن النسائي عن أبي هريرة قال سئل رسول الله أي النساء خير قال التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله ،، وفي الصحيحين عنه عن النبي قال تنكح المرأة لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ،، وكان يحث على نكاح الولود ويكره المرأة التي لا تلد كما في سنن أبي داود عن معقل بن يسار أن رجلا جاء إلى النبي فقال إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها قال لا ثم أتاه الثانية فنهاه ثم أتاه الثالثة فقال تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم وفي الترمذي عنه مرفوعا أربع من سنن المرسلين النكاح والسواك والتعطر والحناء وروى في الجامع بالنون والياء وسمعت أبا الحجاج الحافظ يقول الصواب انه الختان وسقطت النون من الحاشية وكذلك رواه المحاملي عن شيخ ابي عيسى الترمذي ،، ومما ينبغي تقديمه على الجماع ملاعبة المرأة وتقبيلها ومص لسانها وكان رسول الله يلاعب أهله ويقبلها ،،
وروى أبو داود في سننه أنه كان يقبل عائشة ويمص لسانها ويذكر عن جابر بن عبد الله قال نهى رسول الله عن المواقعة قبل الملاعبة ،، وكان ربما جامع نساءه كلهن بغسل واحد وربما اغتسل عند كل واحدة منهن فروى مسلم في صحيحه عن أنس أن النبي كان يطوف على نسائه بغسل واحد ،، وروى أبو داود في سننه عن ابي رافع مولى رسول الله أن رسول الله طاف على نسائه في ليلة فاغتسل عند كل امرأة منهن غسلا فقلت يا رسول الله لو اغتسلت غسلا واحدا فقال هذا ازكى واطهر وأطيب وشرع للمجامع إذا أراد العود قبل الغسل الوضوء بين الجماعين كما روى مسلم في صحيحه من حديث ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله إذا اتى احدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ وفي الغسل والوضوء بعد الوطء من النشاط وطيب النفس وإخلاف بعض ما تحلل بالجماع وكمال الطهر والنظافة واجتماع الحار الغريزي إلى داخل البدن بعد انتشاره بالجماع وحصول النظافة التي يحبها الله ويبغض خلافها ما هو من أحسن التدبير في الجماع وحفظ الصحة والقوى فيه
فصل
وأنفع الجماع ما حصل بعد الهضم وعند اعتدال البدن في حرة وبرده ويبوسته ورطوبته وخلائه وامتلائه وضرره عند امتلاء البدن أسهل وأقل من ضرره عند كثرة الرطوبة أقل منه عند اليبوسة وعند حرارته أقل منه برودته وإنما ينبغي أن يجامع إذا اشتدت الشهوة وحصل الانتشار التام الذي ليس عن تكلف ولا فكر في صورة ولا ونظر متتابع ولا ينبغي أن يستدعي شهوة الجماع ويتكلفها ويحمل نفسه عليها وليبادر إليه إذا هاجت به كثرة المني واشتد شبقه وليحذر جماع العجوز والصغيرة التي لا يوطأ مثلها والتي لا شهوة لها والمريضة والقبيحة المنظر والبغيضة فوطء هؤلاء يوهن القوى ويضعف الجماع بالخاصية وغلط من قال من الأطباء إن جماع الثيب أنفع من جماع البكر وأحفظ للصحة وهذا من القياس الفاسد حتى ربما حذر منه بعضهم وهو مخالف لما عليه عقلاء الناس ولما اتفقت عليه الطبيعة والشريعة
وفي جماع البكر من الخاصية وكمال التعلق بينها وبين مجامعها وامتلاء قلبها من محبته وعدم تقسيم هواها بينه وبين غيره ما ليس للثيب وقد قال النبي لجابر هلا تزوجت بكرا وقد جعل الله سبحانه من كمال نساء أهل الجنة من الحور العين أنهن لم يطمثهن أحد قبل من جعلن له من أهل الجنة وقالت عائشة للنبي أرأيت لو مررت بشجرة قد ارتع فيها وشجرة لم يرتع فيها ففي أيهما كنت ترتع بعيرك قال في التي لم يرتع فيها تريد أنه لم يأخذ بكرا غيرها وجماع المرأة المحبوبة في النفس يقل إضعافه للبدن مع كثرة استفراغه للمني وجماع البغيضة يحل البدن ويوهن القوى مع قلة استفراغه وجماع الحائض حرام طبعا وشرعا فإنه مضر جدا والأطباء قاطبة تحذر منه
وأحسن أشكال الجماع أن يعلو الرجل المراة مستفرشا لها بعد الملاعبة والقبلة وبهذا سميت المرأة فراشا كما قال الولد للفراش وهذا من تمام قوامية الرجل على المرأة كما قال تعالى ( الرجال قوامون على النساء ) وكما قيل :
( إذا رمتها كانت فراشا يقلني % وعند فراغي خادم يتملق )
وقد قال تعالى ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) وأكمل اللباس وأسبغه على هذه الحال فإن فراش الرجل لباس له وكذلك لحاف المرأة لباس لها فهذا الشكل الفاضل مأخوذ من هذه الآية وبه يحسن موقع استعارة اللباس من كل من الزوجين للآخر وفيه وجه آخر وهو أنها تنعطف عليه أحيانا فتكون عليه كاللباس
قال الشاعر :
( إذا ما الضجيع ثنى جيدها % تثنت فكانت عليه لباسا )
وأردأ أشكاله أن تعلوه المراة ويجامعها على ظهره وهو خلاف الشكل الطبيعي الذي طبع الله عليه الرجل والمرأة بل نوع الذكر والأنثى وفيه من المفاسد أن المني يتعسر خروجه كله فربما بقي في العضو منه فيتعفن ويفسد فيضر وأيضا فربما سال إلى الذكر رطوبات من الفرج وأيضا فإن الرحم لا يتمكن من الاشتمال على الماء واجتماعه فيه وانضمامه عليه لتخليق الولد وأيضا فإن المرأة مفعول بها طبعا وشرعا وإذا كانت فاعلة خالفت مقتضى الطبع والشرع وكان أهل الكتاب إنما يأتون النساء على جنوبهن على حرف ويقولون هو أيسر للمرأة وكانت قريش والأنصار تشرح النساء على أقفائهن فعابت اليهود عليهم ذلك فأنزل الله عز وجل ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) وفي الصحيحين عن جابر قال كانت اليهود تقول إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول فأنزل الله عز وجل ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) وفي لفظ لمسلم إن شاء مجيبة وإن شاء غير مجبية غير أن ذلك في صمام واحد
والمجيبة المنكبة على وجهها والصمام الواحد الفرج وهو موضع الحرث والولد ،، وأما الدبر فلم يبح قط على لسان نبي من الأنبياء ومن نسب إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة في دبرها فقد غلط عليه وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله ملعون من أتى المرأة في دبرها ،، وفي لفظ لأحمد وابن ماجه لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها ،، وفي لفظ للترمذي وأحمد من من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ،، وفي لفظ للبيهقي من أتى شيئا من الرجال والنساء في الأدبار فقد كفر ،، وفي مصنف وكيع حدثني زمعة بن صالح عن ابن طاووس الخطاب رضي الله عنه قال رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أعجازهن وقال مرة في أدبارهن
وفي الترمذي عن علي بن طلق قال قال رسول الله لا تأتوا النساء في أعجازهن فإن الله لا يستحي من الحق ،، وفي الكامل لابن عدي من حديثه عن المحاملي عن سعيد بن يحيى الأموي قال حدثنا محمد بن حمزة عن زيد بن رفيع عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود يرفعه لا تأتوا النساء في أعجازهن وروينا في حديث الحسن بن علي الجوهري عن أبي ذر مرفوعا من اتى الرجال أو النساء في أدبارهن فقد كفر وروى إسماعيل بن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن المنكدر عن جابر يرفعه استحيوا من الله فإن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في حشوشهن ورواه الدارقطني من هذه الطريق ولفظه إن الله لا يستحيي من الحق لا يحل مأتاك النساء في حشوشهن ،،وقال البغوي حدثنا هدبة حدثنا همام قال سئل قتادة عن الذي يأتي امرأته في دبرها فقال حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان رسول الله قال تلك اللوطية الصغرى
وقال أحمد في مسنده حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا همام أخبرنا عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده فذكره
وفي المسند أيضا عن ابن عباس انزلت هذه الآية ( نساؤكم حرث لكم ) في أناس من الأنصار أتوا رسول الله فسألوه فقال أئتها على كل حال إذا كان في الفرج ،، وفي المسند أيضا عن ابن عباس قال جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله فقال يا رسول الله هلكت فقال وما الذي أهلكك قال حولت رحلي البارحة قال فلم يرد عليه شيئا فأوحى الله إلى رسوله ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أقبل أدبر واتق الحيضة والدبر
وفي الترمذي عن ابن عباس مرفوعا لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو أمرة في الدبر وروينا من حديث أبي الحسن بن الحسن بن دوما عن البراء ابن عازب يرفعه كفر بالله العظيم عشرة من هذه الأمة القاتل والساحر والديوث وناكح المرأة في دبرها ومانع الزكاة ومن وجد سعة فمات ولم يحج وشارب الخمر والساعي في الفتن وبائع السلاح من أهل الحرب ومن نكح ذات محرم منه ،، وقال عبد الله بن وهب حدثنا عبد الله بن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر أن رسول الله قال ملعون من يأتي النساء في محاشهن يعنى أدبارهن ،، وفي مسند الحارث بن أبي أسامة من حديث أبي هريرة وابن عباس قالا خطبنا رسول الله قبل وفاته وهي آخر خطبة خطبها بالمدينة حتى لحق بالله عز وجل وعظنا فيها وقال من نكح امرأة في دبرها أو رجلا أو صبيا حشر يوم القيامة وريحه أنتن من الجيفة يتأذى به الناس حتى يدخل النار وأحبط الله أجره ولا يقبل منه صرفا ولا عدلا ويدخل في تابوت من النار ويشد مسامير من نار قال أبو هريرة هذا لمن لم يتب وذكر ابو نعيم الأصبهاني من حديث خزيمة بن ثابت يرفعه إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في اعجازهن وقال الشافعي أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع
قال أخبرني عبد الله بن علي بن السائب عن عمرو بن أحيحة بن الجلاح عن خزيمة ابن ثابت أن رجلا سأل النبي عن أتيان النساء في أدبارهن فقال حلال فلما ولى دعاه فقال كيف قلت في أي الخربتين أو في أي الخزرتين أو في أي الخصفتين أمن دبرها في قبلها فنعم أم مندبرها في دبرها فلا إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء أدبارهن قال الربيع فقيل للشافعي فما تقول فقال عمي ثقة وعبد الله ابن علي ثقة وقد أثنى على الأنصاري خيرا يعني عمرو بن الجلاح وخزيمة ممن لا يشك في ثقته فلست أرخص فيه بل أنهى عنه قلت ومن هاهنا نشأالغلط على من نقل عنه الإباحة من السلف والأئمة فإنهم أباحوا أن يكون الدبر طريقا إلى الوطء في الفرج فيطأمن الدبر لا في الدبر فاشتبه على السامع من ب في ولم يظن بينهما فرقا فهذا الذي اباحه السلف والأئمة فغلط عليهم الغالط أقبح الغلط وأفحشه وقد قال تعالى ( فأتوهن من حيث أمركم الله ) قال مجاهد سألت ابن عباس عن قوله تعالى ( فأتوهن من حيث أمركم الله ) فقال تأتيها من حيث أمرت أن تعتزلها يعني في الحيض وقال علي بن أبي طلحة عنه يقول في الفرج ولا تعده إلى غيره وقد دلت الآية على تحريم الوطء في دبرها من وجهين احدهما أنه أباح إتيانها في الحرث وهو موضع الولد لا في الحش الذي هو موضع الأذى وموضع الحرث هو المراد من قوله من حيث أمركم الله الآية قال ( فأتوا حرثكم أني شئتم ) وإتيانها في قبلها من دبرها مستفاد من الآية أيضا لأنه قال أنى شئتم اي من اين شئتم من أمام أو من خلف قال ابن عباس فأتوا حرثكم يعني الفرج ، وإذا كان الله حرم الوطء في الفرج لأجل الأذى العارض فما الظن بالحش الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جدا من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان ،،وأيضا فللمرأة حق على الزوج في الوطء ووطؤها في دبرها يفوت حقها ولا يقضي وطرها ولا يحصل مقصودها
وأيضا فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ولم يخلق له وإنما الذي هيء له الفرج فالعادلون عنه إلى الدبر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميع
وأيضا فإن ذلك مضر بالرجل ولهذا ينهى عنه عقلاء الأطباء من الفلاسفة وغيرهم لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه والوطء في الدبر لا يعين على اجتذاب جميع الماء ولا يخرج كل المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي ،، وأيضا يضر من وجه آخر وهو إحواجه إلى حركات متعبة جدا لمخالفته للطبيعة ،، وايضا فإنه محل القذر والنجو فيستقبله الرجل بوجهه ويلابسه ،، وأيضا فإنه يضر بالمرأة جدا لأنه وارد غريب بعيد عن الطباع منافر لها غاية المنافرة ،، وأيضا فإنه يحدث الهم والغم والنفرة عن الفاعل والمفعول ،، وأيضا فإنه يسود الوجه ويظلم الصدر ويطمس نور القلب ويكسو الوجه وحشة تصير عليه كالسيماء يعرفها من له أدنى فراسة ..وأيضا فإنه يوجب النفرة والتباغض الشديد والتقاطع بين الفاعل والمفعول ولا بد ..وأيضا فإنه يفسد حال الفاعل والمفعول فسادا لا يكاد يرجى بعده صلاح إلا ان يشاء الله بالتوبة النصوح ..وأيضا فإنه يذهب بالمحاسن منها ويكسوهما ضدها كما يذهب بالمودة بينهما ويبدلهما بها تباغضا وتلاعنا ..وأيضا فإنه من أكبر أسباب زوال النعم وحلول النقم فإنه يوجب اللعنة والمقت من الله وإعراضه عن فاعله وعدم نظره إليه فأي خير يرجوه بعد هذا وأي شر يأمنه وكيف حياة عبد قد حلت عليه لعنة الله ومقته وأعرض عنه بوجهه ولم ينظر إليه ..وأيضا فإنه يذهب بالحياء جملة والحياة هو حياة القلوب فإذا فقدها القلب استحسن القبيح واستقبح الحسن وحينئذ فقد استحكم فساده ..وأيضا فإنه يحيل الطباع عما ركبها الله ويخرج الإنسان عن طبعه إلى طبع لم يركب الله عليه شيئا من الحيوان بل هو طبع منكوس وإذا نكس الطبع انتكس القلب والعمل والهدى فيستطيب حينئذ الخبيث من الأعمال والهيئات ويفسد حاله وعمله وكلامه بغير اختياره ..وأيضا فإنه يورث من الوقاحة والجرأة ما لا يورثه سواه .. وأيضا فإنه يورث من المهانة والسفال والحقارة مالا يورثه غيره ،، وأيضا فإنه يكسو العبد من حلة المقت والبغضاء وازدراء الناس له واحتقارهم أياه واستصغارهم له ما هو مشاهد بالحس فصلاة الله وسلامة على من سعادة الدنيا والآخرة في هدية واتباع ما جاء به وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفته هدية وما جاء به
فصل
والجماع الضار نوعان ضار شرعا وضار طبعا فالضار شرعا المحرم وهو مراتب بعضها أشد من بعض والتحريم العارض منه أخف من اللازم كتحريم الإحرام والصيام والاعتكاف وتحريم المظاهر منها قبل التكفير وتحريم وطء الحائض ونحو ذلك ولهذا لا حد في هذا الجماع
وأما اللازم فنوعان نوع لا سبيل إلى حلة البتة كذوات المحارم فهذا من أضر الجماع وهو يوجب القتل حدا عند طائفة من العلماء كأحمد بن حنبل رحمة الله وغيره وفيه حديث مرفوع ثابت والثاني ما يمكن أن يكون حلالا كالأجنبية فإن كانت ذات زوج ففي وطئها حقان حق لله وحق للزوج فإن كانت مكرهة ففيه ثلاثة حقوق وإن كان لها اهل وأقارب يلحقهم العار بذلك صار فيه اربعة حقوق فإن كانت ذات محرم منه صار فيه خمسة حقوق فمضرة هذا النوع بحسب درجاته في التحريم ..وأما الضار طبعا فنوعان ايضا نوع ضار بكيفيته كما تقدم ونوع ضار بكميته كالإكثار منه فإنه يسقط القوة ويضر بالعصب ويحدث الرعشة والفالج والتشنج ويضعف البصر وسائر القوى ويطفىء الحرارة الغريزية ويوسع المجاري ويجعلها مستعدة للفضلات المؤذية وانفع أوقاته ما كان بعد انهضام الغذاء في المعدة وفي زمان معتدل لا على جوع فإنه يضعف الحار الغريزي ولا على شبع فإنه يوجب أمراضا شديدة ولا على تعب ولا إثر حمام ولا استفراغ ولا انفعال نفساني كالغم والهم والحزن وشدة الفرح
وأجود اوقاته بعد هزيع من الليل إذا صادف انهضام الطعام ثم يغتسل أو يتوضأ وينام عليه وينام عقبة فتراجع إليه قواه وليحذر الحركة والرياضة عقبة فإنها مضرة جدا