1. المقالات
  2. الجزء الثالث_زاد المعاد
  3. في هديه في المنع من التداوي بالمحرمات

في هديه في المنع من التداوي بالمحرمات

3615 2007/11/27 2024/11/15

 
في هديه في المنع من التداوي بالمحرمات


 روى أبو داود في سننه من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بالمحرم  ،، وذكر البخاري في صحيحه عن ابن مسعود إن الله لم يجعل شفاؤكم فيما حرم عليكم ،، وفي السنن عن أبي هريرة قال نهى رسول الله عن الدواء الخبيث وفي صحيح مسلم عن طارق بن سويد الجعفي أنه سأل النبي عن الخمر فنهاه أو كره ان يصنعها فقال إنما أصنعها للدواء فقال إنه ليس بدواء ولكنه داء  ،، وفي السنن أنه سئل عن الخمر يجعل في الدواء فقال إنها داء وليست بالدواء رواه أبو داود والترمذي ،،وفي صحيح مسلم عن طارق بن سويد الحضرمي قال قلت يا رسول الله إن بأرضنا اعنابا نعتصرها فنشرب منها قال لا فراجعته قلت إنا تشتفي للمريض قال إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء  ،، وفي سنن النسائي ان طبيبا ذكر ضفدعا في دواء عند رسول الله فنهاه عن قتلها 

 

 


ويذكر عنه أنه قال من تداوى بالخمر فلا شفاه الله المعاجلة بالمحرمات قبيحة عقلا وشرعا أما الشرع فما ذكرنا من هذه الاحاديث وغيرها وأما العقل فهوأن الله سبحانه إنما حرمه لخبثه فإنه لم يحرم على هذه الأمة طيبا عقوبة لها كما حرمه على بني إسرائيل بقوله (   فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ) النساء 160 وإنما حرمت على هذه الأمة ما حرم لخبثه وتحريمه له حمية لهم وصيانة عن تناوله فلا يناسب أن يطلب به الشفاء من الاسقام والعلل فإنه وإن اثر في إزالتها لكنه يعقب سقما أعظم منه في القلب بقوة الخبث الذي فيه فيكون المداوى به قد سعى فيإزالة سقم البدن بسقم القلب وأيضا فإن تحريمه يقتضي تجنبه والبعد عنه بكل طريق وفي اتخاذه دواء حض على الترغيب فيه وملابسته وهذا ضد مقصود الشارع وأيضا فإنه داء كما نص عليه صاحب الشريعة فلا يجوز أن يتخذ دواء  وأيضا فإنه يكسب الطبيعة والروح صفة الخبث لأن الطبيعة تنفعل عن كيفية الدواء انفعالا بينا فإذا كانت كيفيته خبيثة اكتسبت الطبيعة منه خبثا فكيف إذا كان خبيثا في ذاته ولهذا حرم الله سبحانه على عباده الأغذية والأشربة والملابس الخبيثة لما تكسب النفس من هيئة الخبث وصفته وأيضا فإن في إباحة التداوي به ولا سيما إذا كان النفوس تميل إليه ذريعة إلى تناوله للشهوة واللذة لا سيما إذا عرفت النفوس أنه نافع لها مزيل لأسقامها جالب لشفائها فهذا أحب شيء إليها والشارع سد الذريعة إلى تناوله بكل ممكن ولا ريب أن بين سد الذريعة إلى تناوله  وفتح الذريعة إلى تناوله تناقضا وتعارضا

 


وأيضا فإن في هذا الدواء المحرم من الأدواء ما يزيد على ما يظن فيه من الشفاء ولنفرض الكلام في أم الخبائث التي ما جعل الله لنا فيها شفاء قط فإنها شديدة المضرة بالدماغ الذي هو مركز العقل عند الاطباء وكثير من الفقهاء والمتكلمين قال ابقراط في اثناء كلامه في الأمراض الحادة ضرر الخمرة بالرأس شديد لأنه يسرع الأرتفاع إليه ويرتفع بارتفاعه الاخلاط التي تعلو في البدن وهو كذلك يضر بالدهن وقال صاحب الكامل إن خاصية الشراب الإضرار بالدماغ والعصب وأما غيره من الأدوية المحرمة فنوعان أحدهما تعافه النفس ولا تنبعث لمساعدته الطبيعية على دفع المرض به كالسموم ولحوم الافاعي وغيرها من المستقذرات فيبقى كلا على الطبيعة مثقلا لها فيصير حينئذ داء لا دواء

 


والثاني ما لا تعافه النفس كالشراب الذي تستعمله الحوامل مثلا فهذا ضرره أكثر من نفعه والعقل يقضي بتحريم ذلك فالعقل والفطرة مطابق للشرع في ذلك ،،وها هنا سر لطيف في كون المحرمات لا يستشفى بها فإن شرط الشفاء بالدواء تلقيه بالقبول واعتقاد منفعته وما جعل الله فيه من بركة الشفاء فإن النافع هو المبارك وأنفع الأشياء ابركها والمبارك من الناس أينما كان هو الذي ينتفع به حيث حل ومعلوم أن اعتقاد المسلم تحريم هذه العين مما يحول بينه وبين اعتقاد بركتها ومنفعتها وبين حسن ظنه بها وتلقي طبعه لها بالقبول بل كلما كان العبد أعظم إيمانا كان اكره لها  وأسوأ اعتقادا فيها وطبعه أكره شيء لها فإذا تناولها في هذه الحال كانت داء له لا دواء إلا أن يزول اعتقاد الخبث فيها وسوء الظن والكراهة لها بالمحبة وهذا ينافي الإيمان فلا يتناولها المؤمن قط إلا على وجه داء والله أعلم


 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day