1. المقالات
  2. القصص في السيرة
  3. قتل كعب الأشرف طاغوت اليهود لعنه الله

قتل كعب الأشرف طاغوت اليهود لعنه الله

14127 2008/01/22 2024/10/11

 
23 ـ قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود لعنه الله


        * عن جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لكعب بن الأشراف ؟ فإنه آذى الله ورسوله " . فقام محمد بن مسلمة فقال : يا رسول الله أتحب أن أقتله ؟ قال : " نعم " .قال : فأذن لي أن أقول شيئاً قال : " قل " .


 فأتاه محمد بن مسلمة فقال : إن هذا الرجل قد سألنا صدقة وإنه قد عنَّانا وإني قد أتيتك أستسلفك . قال : وأيضاً والله لتملَّنه .


قال : إنّا قد اتبعناه فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يصير شأنه ، وقد أردنا أن تسلفنا .


قال : نعم أرهنوني . قلت : أي شيء تريد ؟ قال : أرهنوني نساءكم .


فقالوا : كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب ! قال : فأرهنوني أبناءكم قالوا : كيف نرهنك أبناءنا فيسب أحدهم فيقال : رهن بوسق أو وسقين ! هذا عار علينا ، ولكن نرهنك اللأمة ، قال سفيان : يعني السلاح .


        فواعده أن يأتيه ليلا ، فجاءه ليلا ومعه أبو نائلة وهو أخو كعب من الرضاعة ، فدعاهم إلى الحصن فنزل إليهم ، فقالت له امرأته : أين تخرج هذه الساعة ؟ وقال غير عمرو : قالت : أسمع صوتاً كأنه يقطر منه الدم . قال : إنما هو أخي محمد بن مسلمة ورضيعي أبو نائلة.إن الكريم لو دعى إلى طعنة بليل لأجاب !


قال : ويدخل محمد بن مسلمة معه رجلين ، فقال : إذا ما جاء فإني مائل بشعره فأشمه ، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه فدونكم فاضربوه . وقال : مرة ثم أشمكم  فنزل إليهم متوشحاً وهو ينفح منه ريح الطيب فقال : ما رأيت كاليوم ريحاً . أي أطيب . وقال غير عمرو : قال : عندي أعطر نساء العرب وأجمل العرب .


قال عمرو : فقال : أتأذن لي أن أشم رأسك ؟ قال : نعم فشمه ثم أشم أصحابه ، ثم قال : أتأذن لي ؟ قال : نعم . فلما استمكن منه قال : دونكم . فقتلوه ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه .

 


غريب القصة :


ـ كعب بن الأشرف : عدو الله من قبيلة طيء ، وأن والده الأشرف كان أحد بني نبهان ، وهم بطن من طيء ثم إنه أصاب دما في قومه ، فهرب منهم وفر إلى يهود بني النضير في المدينة وتحالف معهم وتزوج منهم عقيلة بنت أبي الحقيق ،واغتنى فيهم، فولد له كعب الذي ترعرع في أحضان اليهود وشرب منهم العداوة والبعضاء لهذا الدين الحنيف , كان شاعر هجاءا جسيما ذا بطن وهامة ؛ جميلا غنيا ، ومن عداوته أنه يصد اليهود عن الإسلام وصدق بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ، وحزن أشد الحزن لما انتصر المسلمون في بدر ، وأخذ يرثي قتلي المشركين ويمدحهم ويحرص على المسلمين ويشتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سجل القرآن الكريم قبح طويته ، وسوء حكمه عندما ذهب إلى مكة فأخذ كفارها يسألونه أينا أهدى نحن أم محمد (صلى الله عليه وسلم ) ؟


قال تعالى : { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا } [ النساء : 51، 52]


وكان لعنه الله يثبط المؤمنين عن الأنفاق في سبيل الله ، ولقد عاهد هذا اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يعين عليه ولا يقاتله ، ولكنه نقض العهد ونزل بعداوته إلى القدح بالأعراض وراح يشبب في نساء الصحابة ويتغزل بهن حتى آذاهم عليه لغنة الله ، وعندهم غضب الحليم لله وقال : ( من لكعب بن الأشراف ؟ ) .


ـ محمد بن مسلمة : رضي الله عنه من فضلاء الصحابة شهد بدر والمشاهد كلها . قيل استخلفة النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته ؛ اعتزل فتنه الجمل وصفين ؛ مات بالمدينة وصلىعليه مروان بن الحكم .


ـ عنانا : أي أتعبنا قال النووي : وهذا من التعريض الجائز ، بل من المستحب لأن معناه في الباطن أنه أدبنا بآداب الشرع التي فيها تعب لكنه تعب في مرضاة الله تعالى، فهو محبوب لنا والذي فهم المخاطب هو العناء الذي ليس بمحبوب .


ـ لتملنه : أي لتضجرن منه .


ـ أئذن لي أن أقول شيئاً : أي من باب المصلحة من التعريض وغيره


ـ الوسق : مفرد أو سق ، وأوساق ، ووسوق مكيلة معلومة ، وهي ستون صاعا.


ـ اللأمة : الدرع وقيل السلاح كما فسره الراوي .


ـ عمرو : هو ابن دينار راوي الحديث ثقة ثبت .


ـ سفيان : هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران راوي الحديث المحدث والفقيه المشهور .


ـ متوشحا : أي لابسا ثوبه وسلاحه .

 

 


الفوائد والعبر :


1- إسقاط الحرج عمن تأول الكلام فأخبر عن الشيء بما لم يكن إذا كان يريد بذلك استصلاح أمر دينه أو الذب عن نفسه وذويه ومثل هذا الصنيع جائز في الكافر الذي لا عهد له ( قال الخطابي 3/211) .


2-  الكذب في الحرب ( قاله البخاري ) قال ابن حجر : والذي يظهر أنه لم يقع منهم فيما قالوه بشيء من الكذب أصلا وجميع ما صدر منهم تلويح كما سبق لكن ترجم بذلك لقول محمد بن مسلمة للنبي صلى الله عليه وسلم أولا " أئذن لي أن أقول قال : قل " فإنه يدخل فيه الأذن في الكذب تصريحا ولتويحا .


3-  الفتك بأهل الحرب ( قال البخاري ) قال ابن حجر : أي جواز قتل الحربي سرا ، وإنما فتكوا به لأنه نقض العهد ، وأعان على حرب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهجاه ولم يقع لأحد ممن توجه إليه تأمين له بالتصريح ، وإنما أو هموم ذلك وآنسوه حتى تمكنوا من قتله.


4- تأثر النساء بالرجل الجميل فإنهم قالوا له : ( وأنت أجمل العرب ) إما تهكما أو أنه جميل في نفسه ؛ قلت : والثانية أقرب .


5- جواز قتل المعاهد إذا نقض العهد , قال العيني ( 13/71 )  : فإن قلت كيف قتلوا كعبا على وجه الغرة والخداع ؟ قلت : لما قدم مكة وحرض الكفار على رسول الله صلى الله عليه وسلم وشبب بنساء المسلمين فقد نقض العهد ، وإذا نقض العهد فقد وجب قتله بأي طريق كان ، وكذا من يجري مجراه كأبي رافع وغيره . قلت وسيأتي قريباً قصة مقتل أبي رافع اليهودي برقم (31) .


6-   جواز قتل المشرك بغير دعوة إذا كانت الدعوة العامة قد بلغته .


7-   جواز الكلام الذي يحتاج إليه في الحرب ولو لم يقصد قاتله إلى حقيقته  (6ـ 7من الفتح ) .


8-   قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان معاهدا أو غير ذلك .


9-    سواء طوية اليهود وحقدهم وغدرهم .


10-    اتخاذ الأسباب الموصلة للهدف .


 

المقال السابق المقال التالى
موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day