البحث
تخوف الأنصار من إقامة الرسول بمكة ورد الرسول عليهم
43 ـ تخوف الأنصار من إقامة الرسول بمكة ورد الرسول عليهم
* عن عبد الله بن رباح قال : وفدت وفود إلى معاوية أنا فيهم وأبو هريرة ، وذلك في رمضان ، فجعل بعضنا يصنع لبعض الطعام ، قال : وكان أبو هريرة يكثر ما يدعونا ، قال هاشم : يكثر أن يدعونا إلى رحلة ، قال : فقلت : ألا أصنع طعاماً فأدعوهم إلى رحلي ؟ قال : فأمرت بطعام يصنع ، فلقيت أبا هريرة من العشاء قال : قلت : يا أبا هريرة الدعوة عندي الليلة . قال استبقتني ؟ قال هاشم : قلت نعم فدعوتهم عندي .
فقال أبوهريرة : ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار ؟ فذكر فتح مكة، قال : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة ، قال : فبعث الزبير على أحد المجنبتين وبعث خالدا علىالمجنبة الاخرى وبعث أباعبيدة علىالجسر ، وأخذوا بطن الوادي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته وقد وبشت قريش أوباشها ، قال : قالوا : نقدم هؤلاء ، فإن كان لهم شييء كنا معهم ، وإن أصيبوا أعطيناه الذي سألنا .
قال أبو هريرة : فنظر فرآني فقال : " يا أبا هريرة " فقلت : لبيك رسول الله ، فقال : " اهتف لي بالأنصار ولا يأتيني إلا أنصاري " فهتفت بهم فجاءوا فأطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ؟" . ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى :" احصدوهم حصدا حتى توافوني بالصفا " .
قال : فقال أبو هريرة : فأنطلقنا فما يشاء واحد منا أن يقتل منهم ماشاء ، وما أحد منهم يوجه إلينا منهم شيئا .
قال : فقال أبو سفيان : يارسول الله أبيحت خضراء قريش ، لا قريش بعداليوم !.
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن " قال : فغلق الناس أبوابهم .
قال : وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحجر فاستلمه ، ثم طاف بالبيت قال : وفي يده قوس آخذ بسية القوس ، قال : فأتي في طوافه على صنم إلى جنب البيت يعبدونه . قال : فجعل يطعن بها في عينه ويقول : " جاء الحق وزهق الباطل عن الباطل كان زهوقا " .
قال : ثم أتى الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت ، فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء أن يذكره ويدعوه .
قال : والانصار تحت . قال . يقول بعضهم لبعض : أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشرته .
قال أبوهريرة : وجاء الوحي ، وكان إذا جاء لم يخف علينا ، فليس أحد من الناس يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضي .
قال : هاشم : فلما قضى الوحي رفع رأسه ، ثم قال : " يا معشر الأنصار ، أقلتم : أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته ؟ قالوا :قلنا ذلك يا رسول الله . قال : " فما أسمي إذا ؟ كلا إني عبد الله ورسوله ، هاجرت إلى الله وإليكم ، فالمحيا محياكم والممات مماتكم " .
قال : فأقبلوا إليه يبكون ويقولون : والله ما قلنا الذي قلنا إلا لضن بالله ورسوله .
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ورسوله يصقانكم ويعذرانكم ".
غريب القصة :
- هاشم : راوي الحديث .
- المجنبتين: هي الميمنة والميسرة .
- الجسر : أي الذي لادروع لهم .
- وبشت : أي جمعت جموعا من قبائل شتى .
- فأطافوا: أي فجاؤا وأحاطوا به .
- قال بيديه أحدهما على الآخر : أي أشار إلى هيئتهم المجتمعة .
- أبيحت خضراء قريش : أي استؤصلت قريش بالقتل وأفنيت ، وخضراؤهم بمعنى جماعتهم ، ويعبر عن الجماعة المجتمعة بالسواد والخضرة ، ومنه السواد الأعظم .
- بسية القوس : أي بطرفها
- فما أسمي إذا : قال القاضي : يحتمل هذا وجهين أحدهما أنها أراد صلى الله عليه وسلم أنه نبى لإعلامي ياكم بما تحدثتم به سرا؛ الثاني لو فعلت هذا الذي خفتم منه وفارقتكم ورجعت إلى استيطان مكة ناقضا لعهدكم في ملازمتكم ولكنا هذا غير مطابق لما اشتق منه اسمي وهو الحمد فإني كنت أوصف حينئذ بغير الحمد .
- إلا الضن : هو الشح .
الفوائد والعبر :
1- إطعام الطعام من وسائل المحبة والتعاون والألفة.
2- ماكان عليه أبو هريرة رضي الله عنه من الكرم والجود .
3- التنافس والتسابق علىالخير .
4- من وسائل الخطبة الناجحة شد الأنتباه واستخدام اسلوب الاستفهام .
5- من سماحة الرسول صلى الله عليه وسلم وحبه الشديد لإيمان الناس .
6- ترتيب الجيش وتنظيمه من وسائل النصر .
7- من دلائل النبوة .
8- مراقبه الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام ومعرفتهم لحاله .
9- حب الرسول صلى الله عليه وسلم للأنصار .
الوفاء بالعهد من صفات المؤمن الحق .