البحث
منبرُ النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم:
منبرُ النبي صلى اللَّه تعالى عليه وسلم:
كان النبي الصلاة والسلام يخطب يوم الجمعة إلى جزع نخلة في المسجد وكان الجزع بين مكان المنبر والمحراب أقرب إلى الأسطوانة المخلقة ولما شق على النبي صلى الله عليه وسلم القيام اتخذ منبراً يجلس عليه ويخطب. وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم أرسل إلى امرأة من الأنصار كان لها غلام نجار يقول لها: " انظري غلامك النجار يعمل لي أعواداً أكلم الناس عليها " فعمل هذه الدرجات الثلاث ثم أمر بها فوضعت في هذا المكان فأصبحت منبره الشريف في مكانه الدائم.
فلما تحوّل النبي صلى الله عليه وسلم بخطبته عن الجزع إلى المنبر قام الجذع حنين إلى النبي صلى الله عليه وسلم مثل حنين الناقة التي فقدت ابنها وارتفع حنينه حتى أحزن الصحابة رضي الله عنهم فنزل إليه النبي صلى الله عليه وسلم واحتضنه وسارَّه بحديث: "إن شئت عادت إليك خضرتك ونضرتك و إن شئت دعوت الله أن يجعلك من غراس الجنة " فاختار الجزع أن يكون من غراس الجنة وسكت عن الحنين. ودفن هذا الجزع فيما بعد تحت المنبر من جهة القبلة.
وقد ورد في منبره الشريف أحاديث تدل على فضله، فقد روت أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قوائم منبري رواتب في الجنة " وهذا يعني أن هذا المنبر بذاته يعيده الله يوم القيامة على حاله فينصبه عند حوضه صلى الله عليه وسلم كما يعيد الله تعالى الخلائق يوم البعث.
وعن أنس رضي عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " منبري على ترعة من ترع الجنة " والترعة هي الروضة أو الباب أو الدرجة. وفي سنن أبي داود من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمه ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار أو وجبت له النار ".
وقد عرف الصحابة رضي الله عنهم لهذا المنبر فضله وأنه حظي بوقوف النبي صلى الله عليه وسلم.
ولما ولي الصديق رضي الله عنه الخلافة قام في خطبته على درجة المنبر الثانية تأدباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان يجلس على المنبر ويضع قدميه على الدرجة الثانية.
ولما ولي عمر رضي الله عنه الخلافة قام في خطبته على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض تأدباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأدباً مع الصديق رضي الله عنه.
وهكذا يكون الأدب والتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم و هكذا يكون التأدب أيضاً مع أصحابه رضوان الله عليهم. وفي عهد معاوية رضي الله عنه قام بكسوة المنبر الشريف بقبطية وزاد فيه ست درجات فاصبح تسع درجات ولم يزد فيه أحد قبل معاوية ولا بعده غير أنه جدد عدة مرات.