البحث
غزوة بنى سليم
في أعقاب غزوة بدر، أخذت الهيبة العسكرية للمسلمين مدى أوسع في ضمن نطاق الجزيرة العربية، وأحس ضعفاء المشركين بالخطر، وشعر أقوياؤهم بغلبة الإسلام، وبدأت النفوس تتطلع إلى الإيمان، فتوسعت دائرة الدخول في الإسلام، ورأى كثيرون أن يدخلوا في الإسلام نفاقاً أو خديعة، وبهذا كله أصبحت الدولة الجديدة أمام أوضاع جديدة من المكر والتآلب والتحالفات، فكان الأعداء يبحثون عن أية فرصة تمكنهم من إلحاق الأذى بالمسلمين، وبالمقابل فإن النبي صلى الله عليه وسلم في مراقبة دائمة لتحركات الأعداء والخصوم، فكلما هَمَّ الأعداء بمهاجمة المدينة خرج النبي صلى الله عليه وسلم لمواجهتهم.
وقد تعددت تلك المواجهات والغزوات قبل موقعة أحد فمنها:-
غزوة بني سليم
كانت في شوال من السنة الثانية للهجرة، بعد غزوة بدر بسبعة أيام، حيث انتهزت بعض القبائل حول المدينة الفرصة بسبب انشغال المسلمين في حربهم مع المشركين بعد بدر، فأرادت أن تشن الحرب على المسلمين في ديارهم، إلا أنه وبعد وصول الأنباء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن "بني سليم" من قبائل غطفان حشدت قواتها لغزو المدينة، سار إليهم في مائتي راكب، وقد استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة سِبَاعَ بن عَرْفَطَةَ، وعندما وصل المسلمون منازل بني سليم في موضع يقال له "الكُدْر" وهو موضع في بلاد بني عامر بن صعصعة، فرّ بنو سليم ، وتركوا في الوادي خمسمائة بعير أخذها المسلمون غنيمةً ، وقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المجاهدين بعد إخراج الخُمس ، فكان نصيب كل رجل بعيرين، ولم يكن هناك أسرى سوى غلامٍ يقال له : " يسار " أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع المسلمون إلى المدينة منتصرين غانمين بعد بقائهم في ديار القوم ثلاثة أيام .
فكانت هذه الغزوة درساً قوياً، ورسالةً واضحةً لكل من تسول له نفسه من القبائل الحاقدة والمريضة النيل من الإسلام ودولته الفتية.