1. المقالات
  2. أعظم إنسان في العهد القديم
  3. سادساً: بشارات إرميا

سادساً: بشارات إرميا

الكاتب : د.محمد بن عبد الله السحيم
13315 2008/05/21 2020/09/03

بشارات إرميا


البشارة الأولى

هذه هي البشارة التي خاطب الله بها النبي صلى الله عليه وسلم على لسان إرميا في الفصل الأول فقال: " من قبل أن أصورك في الرحم عرفتك، ومن قبل أن تخرج من البطن قدستك، وجعلتك نبياً للأمم، لأنك بكل ما آمرك تصدع ، وإلى كل من أرسلك تتوجه ، فأنا معك لخلاصك ، يقول الرب: وأفرغت كلامي في فمك إفراغاً، فتأمل وانظر، فقد سلطتك اليوم على الأمم والممالك، لتقطع وتهدم وتهلك وتنقض، وتبني وتغرس  " (إنظر إرميا 1 : 5 - 10 ). قال المهتدي الطبري عن هذه البشارة: " هي شبيهة بنبوات إشعياء وغيره"، وهو يقصد قول إشعياء: " إن الرب أهاب بي من بعيد، وذكر اسمي وأنا في الرحم، وجعل لساني كالسيف الصارم" (1) .


ويتفق أول هذه البشارة

مع قوله تعالى:

" وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ "

(آل عمران : 81).

ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء بالحق مصدقاً لما معهم بدليل

قوله تعالى عنه:

" بَلْ جَاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ"

(الصافات : 37).

وقوله تعالى:

" نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ"

(آل عمران : 3) .


أما قول إرميا: " لأنك بكل ما أمرك تصدع"،

فيصدقه قوله تعالى:

" فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ "

( الحجر : 94)

ويشهد لقوله: " وأفرغت كلامي في فمك" ،

قوله تعالى:

" وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى  "

( النجم : 3 - 4 ).

وبقية النص متوافق مع البشارات التي تحدثت عن جهاده صلى الله عليه وسلم.


البشارة الثانية

قال إرميا في الفصل التاسع عشر مخبراً عن الله عز وجل أنه قال: " إني جاعل بعد تلك الأيام شريعتي في أفواههم، وأكتبها في قلوبهم، فأكون لهم إلها، ويكونون لي شعبا، ولا يحتاج الرجل أن يعلم أخاه وقريبه الدين والملة، ولا إلى أن يقول له أعرف الرب، لأن جميعهم يعرفونه صغارهم وكبارهم، وأنا أغفر لذلك ذنوبهم، ولا أذكرهم بخطاياهم" . قال المهتدي الطبري معلقاً على هذه النبوءة : " وقد صدق وعد الله، وغرس حبه في قلوب هذه الأمة صغارها وكبارها، وأنطق ألسنتهم بشرائعه وذكره، وكل عارف بالله مؤمن به".

واقرأ قوله تعالى:

" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً "

(المائدة : 3).

، وقوله تعالى:

" كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ "

(آل عمران : 110)

وقوله عز من قائل :

" وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ "

( البقرة : 165).

وقوله عز وجل: " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ " ( المائدة : 54). وتأمل ما وصف الله به هذه الأمة في هذه النصوص من صفات خيّرة مباركة، فستجد أنها مماثلة لما وصفها الله به على لسان إرميا.


البشارة الثالثة

قول إرميا في الإصحاح الثامن والعشرين: " النبي الذي تنبأ بالسلام، فعند حصول كلمة النبي عرف ذلك النبي أن الله أرسله حقاً ". هذه النبوءة أوردها المهتدي عبد الأحد داود بالمعنى، ويرى أنها بمعنى: " إن النبي الذي تدور نبوءاته حول الإسلام "شالوم" عند ورود كلمة النبي، ذلك النبي المعروف أنه المرسل من قبل الله الحق) وبعد دراسته للنص السابق خرج منه بالنتائج التالية:


1. أنه لا يمكن أن يكون النبي صادقاً إلا إذا بشر بدين الإسلام ونشره:

" إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ"

( آل عمران : 19) .


2. من الحقائق المسلّم بها أن كلمة "شالوم" العبرية و "سلام" السريانية و"إسلام" العربية كلها من نفس الجذر السامي "شلم" وتحمل نفس المعنى، وهذا أمر يعترف به جميع علماء اللغات السامية، وفعل "شلم" يدل على الكمال والتمام والبذل ، ولا يوجد نظام ديني في العالم يحمل اسماً أو وصفاً أفضل وأشمل من الإسلام. فالدين الحق لله الحق.


3. أن إرميا هو النبي الوحيد قبل المسيح عليه السلام الذي استخدم كلمة "شالوم" بمعنى الدين، وهو النبي الوحيد الذي يستخدم هذه الكلمة بهدف إثبات صدق أحد من رسل الله. أي أن إرميا هو الوحيد قبل المسيح الذي جعل الإسلام هو المقياس الذي يعرف من خلاله النبي الصادق من الكاذب، وإلا فإن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وكافة الرسل عليهم السلام كانوا مسلمين، واتخذوا الإسلام ديناً.


4. أن دين الإسلام – أي الإسلام – هو وحده القادر على تحديد الخصائص المميزة للنبي الصادق من النبي الكاذب، كما أنه لا يوجد في العالم دين يتبنى ويدافع عن هذه الوحدانية المطلقة سوى الإسلام.


البشارة الرابعة

قال إرميا في الفصل الثاني والثلاثين مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم: " اعدوا لي آلات الحرب، فإني أبدد بك الشعوب، وأبدد بك الخيل وفرسانها وأبدد بك الطغاة والولاة، وأجازي بابل، وجميع سكان بلاد الكلدانيين بجميع أوزارهم التي ارتكبوها. هذا قول الرب" . وبمقارنة النهاية التي آلت إليها الإمبراطورية الفارسية على أيدي المسلمين بما ورد في هذه النبوءة ، نجد أن هذا الوعد لهذه الأمة الإسلامية، وذلك الوعيد المتوعد به الأمة الفارسية قد تحقق فعلا، وأقامه الله شاهداً من شواهد التاريخ مصدقاً لما وعد الله به المؤمنين على ألسنة رسله وأوليائه.

المراجع

  1. (1) بشارات إشعياء

 

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day