البحث
آل محمد صلى الله عليه وسلم
آل محمد صلى الله عليه وسلم
الصحيح أن آل محمد هم أهل بيته. وهذا هو المنقول عن الشافعي وأحمد وهو اختيار الشريف أبي جعفر وغيرهم.
جميع بني هاشم داخلون في هذا كالعباس وولده والحارث بن عبدالمطلب وكبنات النبي صلى الله عليه وسلم . وكذا بنو المطلب في أحد القولين.
والصحيح أن أزواجه من آله فإنه قد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم .أنه علمهم الصلاة عليه: «اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته»(1 ) ولأن امرأة إبراهيم من آله وأهل بيته وامرأة لوط من آله وأهل بيته بدلالة القرآن( 2) فكيف لا يكون أزواج محمد من آله وأهل بيته؛ ولأن هذه الآيات:"يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا"( 3) فالخطاب كله لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم . ومعهن الأمر والنهي والوعد والوعيد؛ لكن لما تبين ما في هذا من المنفعة التي تعمهن وتعم غيرهن من أهل البيت جاء التطهير بهذا الخطاب ليس مختصًا بأزواجه بل هو متناول لأهل البيت كلهم، وعلي وفاطمة والحسن والحسين أخص من غيرهم بذلك، ولذلك خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء لهم.
والعترة هم بنو هاشم كلهم، وسيد العتر هو رسول الله صلى الله عليه وسلم (4 ).
أولياء محمد صلى الله عليه وسلم .
أقاربه صلى الله عليه وسلم فيهم المؤمن والكافر والبر والفاجر، فإن كان فاضل منهم كعلي رضي الله عنه وجعفر والحسن والحسين ففضلهم بما فيهم من الإيمان والتقوى، فهم أولياؤه بهذا الاعتبار لا بمجرد النسب.
وأولياؤه أعظم درجة من آله، وإن صلي على آله تبعًا لم يقتض ذلك أن يكونوا أفضل من أوليائه الذين لم يصل عليهم؛ فإن الأنبياء والمرسلين هم من أوليائه وهم أفضل من أهل بيته وإن لم يدخلوا في الصلاة معه تبعًا.
فالمفضول قد يختص بأمر ولا يلزم أن يكون أفضل من الفاضل.
ودليل ذلك أن أزواجه هم ممن يصلى عليه كما ثبت ذلك في الصحيحين(5 ). وقد ثبت باتفاق الناس كلهم أن الأنبياء أفضل منهن كلهن.
وأما الأتقياء من أمته فهم أولياؤه كما ثبت في الصحيحين: «إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء وإنما وليِي الله وصالح المؤمنين»( 6).
فبين أن أولياءه صالح المؤمنين، وكذلك في حديث آخر: «إن أوليائي المتقون حيث كانوا وأين كانوا»( 7) وقد قال تعالى: " وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ "( 8)، وفي الصحيح عنه أنه قال: «وددت أني رأيت إخواني قالوا: أولسنا إخوانك؟! قال: بل أنتم أصحابي، وإخواني قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني»( 9).
وإذا كان كذلك فأولياؤه المتقون بينه وبينهم قرابة الدين والإيمان والتقوى، وهذه القرابة الدينية أعظم من القرابة الطبيعية، والقرب بين القلوب والأرواح أعظم من القرب بين الأبدان( 10).
-----------------------
( 1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات (80) ب (33)، وأخرجه مسلم في باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد ج(1) ص(306)، وأخرجه الإمام أحمد ج (5) ص (374) بلفظ «اللهم صلِّ على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته» الحديث.
(2 ) " فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ " [الذاريات: 26].
" فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ " [الحجر: 65].
( 3) سورة الأحزاب الآيات (30- 33).
( 4) منهاج السنة النبوية طبعة بولاق ص (21، 105، 65، 66) ومنهاج السنة ج2 الناشر (مكتبة الرياض الحديثة) ص(336، 337).
( 5) وتقدم تخريجه.
(6 ) أخرجه مسلم رقم (215) وأخرجه البخاري ك (78) ب (14) والإمام أحمد ج (4) ص (203).
(7 ) رواه الإمام أحمد عن معاذ بن جبل «إن أولى الناس بي المتقون من كانوا وحيث كانوا».
( 8) سورة التحريم آية: (4).
( 9) أخرجه مسلم ك (2) ص (249)، والبخاري ك (4) ب (3).
(10 ) ج (4) ص (21، 22).