البحث
يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا
عَن سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّهُ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا، فَقَالَ أَبُو مُوسَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أَرْضَنَا بِهَا شَرَابٌ مِنْ الشَّعِيرِ الْمِزْرُ وَشَرَابٌ مِنْ الْعَسَلِ الْبِتْعُ، فَقَالَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، فَانْطَلَقَا فَقَالَ مُعَاذٌ لِأَبِي مُوسَى: كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى رَاحِلَتِي، وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي وَضَرَبَ فُسْطَاطًا فَجَعَلَا يَتَزَاوَرَانِ فَزَارَ مُعَاذٌ أَبَا مُوسَى، فَإِذَا رَجُلٌ مُوثَقٌ، فَقَالَ مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى يَهُودِيٌّ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ، فَقَالَ مُعَاذٌ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ".
بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري – عبد الله بن قيس جد سعيد بن أبي بُردة راوي الحديث – ومعاذ بن جبل واليين في مقاطعتين من أرض اليمن، وأوصاهما – كعادته عند بعث الولادة والحكام والقضاة والمفتون.
كل وصية تؤكد أختها وتقويها.
ونحن لا نقف طويلاً أمام هذه الوصايا، لأننا أشبعنا القول في يسر الإسلام وسماحته عند شرحنا لأحاديث التيسير التي مضى ذكرها.
قوله صلى الله عليه وسلم: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا". معناه: الزما اليسر في الأحكام، وفي الأوامر والنواهي والفتاوى، وتقسيم الأرزاق والصدقات، والإمامة بالناس في الصلوات، والجلوس مع الناس، والسير بهم في مواطن القتال، وغير ذلك مما يتطلب اليسر.
وحذرهما من التعسير توكيداً للأخذ بالتيسير، فإن النهي عن الضد مؤكد للأمر بضده، فهو من الطباق المحمود الذي يزيد الأذن إمتاعاً والعقل إقناعاً، ويثير في النفوس والعواطف الكامنة، ويشعر السامع بجدية الأمر وأهميته.