البحث
لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ
عَنْ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – أّنَّ النَّبِيُّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ:
"لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا".
كان العرب في الجاهلية يتفاخرون بالأنساب والأحساب، فيؤدي بهم التفاخر إلى هجاء الأحياء وسب الأموات، ويتفننون في ذلك، ويغرون شعراءهم بذكر محاسنهم ومساوئ غيرهم؛ فتتبعت في قلوبهم الأحقاد من مكامنها، وتظل الفتن من أوكارها، وتدق طبول الحرب بين عشية وضحاها؛ فيصبح أو يمسي بعضهم بعضاً، فلا تكاد الحرب تضع أوزارها حتى تنشب من جديد.
فجاء الإسلام فقضى بتشريعاته السمحة على تلك الحمية الجاهلية والعصبية القبلية وحد من خطرها كثيراً، وظل رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يعلم الناس مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم حتى لقى ربه – عز وجل – والناس على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يحيد عنها إلا من سفه نفسه وفقد عقله.
فباسم الإيمان ينهاهم ربهم – عز وجل – عن السخرية، وهي: الاستهزاء والاحتقار والغض من شأن الناس، وما إلى ذلك مما يدل على الكبر والتعالي والعجب والغرور.
ونهى عن التنابز بالألقاب، وهو: التنادي بالألقاب القبيحة، التي يكره المرء أن ينادي بها، واعتبر ذلك كله فسوقاً، أي: خروجاً عن صفات المؤمنين.
والذي نريد أن نقرره هنا أن المراد بالسب كل ما يؤذي الأموات والأحياء معاً؛ فإن سب الأموات يؤذي أقاربهم وجيرانهم، وأصدقاءهم، وغيرهم من أصحاب المروءات والقلوب الرحيمة.