البحث
إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ
عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الْمُزَنِيِّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ، فَأَنْكِحُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ؟ قَالَ: "إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وجب على الرجل أن يختار من النساء امرأة ذات خلق ودين، ولا بأس أن يختارها ذات مال وجمال ونسب، ولكن ينبغي أن يجعل الدين منتهى بغيته ومحط أمله، فهو أولاً وما بعده تبع له.
وعلى المرأة أن تختار من الرجال من له خلق ودين، إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
وعلى ولي أمرها أن يزوجها من رجل تتوفر فيه معاني الرجولة وتتحقق فيه الكفاءة على النحو الذي يأتي بيانه في شرح هذه الوصية.
ونحن نعلم أن الرجل قوام على المرأة فكيف يقوم على شئونها ويرعى حقوقها ويحافظ على عرضها ودينها وهو ليس له دين ولا خُلُق، إن الرجل الفاسق وبال على امرأته الصالحة مهما كانت له مميزات يفضل بها كثيراً من الرجال، فإذا كان يفضل فلاناً وفلاناً بالمال فالمال ظل زائل، وعارية مستردة، وربما يطغيه هذا المال ويغريه بارتكاب الفواحش والمنكرات على مرأى ومسمع من زوجته وأسرتها ومن حولهم من الجيران والأصدقاء وغيرهم فيكون مثار سخرية ومعرة، ومصدر بلاء ونقمة على من يعرفه، ومن لا يعرفه، وقد يكون ذا حسب ونسب ولا أدب له، فلا ينفعه نسبه بشيء ولا يعود على زوجته بفائدة.
وقد اعتبر الفقهاء في الزواج الكفاءة، بمعنى أن يكون الرجل كفئاً للمرأة في الدين والخلق، لا خلاف بينهم في ذلك واختلفوا فيما سواه.
فيجوز للمرأة أن تتزوج من رجل أقل منها حسباً ونسباً ومالاً مادام على خلق فاضل، واستقامة ظاهرة، وصلاح ملموس.
فإذا لم يكن الرجل على خلق ودين كان لأحد الأولياء الاعتراض على تزويجه وطلب فسخ العقد إن ثم بغير رضاه. وقد استدل المالكية على ما ذهبوا إليه بأدلة من القرآن والسنة.
فإن هذه الوصية نأخذ منها فوق ما ذكر أن النسب ليس شرطاً في صحة النكاح وليس عليه المعول إذا لم يكن نسب الرجل متدنياً جداً بحيث يحدث في الأسرة ما يعيبها بين الأسر المكافئة لها، أو يكون سبباً في جلب العار على الزوجة إن هي اختارته لنفسها بين قريناتها وجاراتها.
وإن الدين يغطي على ما يعاب به الرجل من فقر أو كبر سن أو دمامة أو وظيفة وضيعة ونحو ذلك.
ونخلص من هذه الوصية إلى وجوب التواضع لله في جميع الأمور، والتواضع للناس في غير منقصة.