البحث
إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
"إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا بَطْنَ وَادٍ فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى حَملوا مَا أَنْضَجُوا بِهِ خُبْزَهُمْ وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذُ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكُهُ".
إن من أخطر الذنوب وأشدها عذاباً أن يحتقر المرء ذنباً اقترفه دون أن يبالي بعواقبه في الدنيا والآخرة.
فرب ذنب يراه المرء صغيراً يكون سبباً في حرمانه من نعمة أو إصابته بنقمة.
إن أصحاب النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كانوا لا يفرقون بين ذنب وذنب لشدة خشيتهم من الله تعالى، فهم يراقبونه في سرهم وعلانيتهم ولا يغفلون عن ذكره ساعة. وإذا غفلوا ساعة كانوا يروحون فيها عن أنفسهم ندموا على ضياعها واستغفروا الله من ذلك وتابوا إليه.
وقد قسم العلماء الذنوب إلى صغائر وكبائر ليرتبوا على هذا التقسيم أحكاماً لا ليحقروا ذنوباً ويعظموا أخرى، فالمؤمن يرى الذنب – مهما كان صغيراً- كجبل فوق رأسه.
والفاسق يرى الذنب العظيم كذبابة مرت على وجهه ثم انصرفت.
والله عز وجل يحصي أعمال عباده في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى فإذا جاء العبد يوم القيامة ووضع له كتابه وجد فيه جميع أعماله الصالحة والسيئة فيجزي على إحسانه ويجازي على سيئاته، فالمحسن يقول: ليتني زدت، والمسيء يقول: ليتني ما أسأت. حيث لا ينفع الندم.
إن الذنوب التي يكفرها الوضوء وتكفرها الصلاة ونحوها هي الصغائر. أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة النصوح والعمل الصالح الذي يعتبر برهاناً على صحتها.
ومعظم النار من مستصغر الشرر.
فإن كثرة الذنوب تذهب بنور القلب وتعكر صفوه فيقسو ويسود.
فمن أراد أن يجعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً فليتق الله عز وجل حيثما كان، وليتخفف من ذنبه بقدر الإمكان.