البحث
لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ
عَنْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ:
كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى ابْنِهِ وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ بِأَنْ لَا تَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ".
وذلك لأن الغضب حالة من الحالات التي يفقد فيها المرء جزءاً كبيراً من عقله ووعيه، ويعوقه عن التفكير فيما هو بصدده، فلا يصدر عنه ما ينتظر منه من رأي سديد وحكم رشيد، وفي هذه الحالة لا يصلح حاكماً، وبالتالي لا يحكم في شيء حتى يذهب غضبه تماماً ويعود إليه حلمه وأناته وسعه صدره.
إن الغضب إذا اشتد ملك على الإنسان عقله، فصدر منه ما يصدر عن المجنون فلا يعتد بما صدر عنه من أقوال وأفعال إلا في غرم ما أتلفع من أملاك الناس وعندئذ ينسب قوله وفعله إلى الغضب ولا ينسب إليه.
فإذا قضى القاضي وهو غضبان لم يقع حكمه صحيحاً، وعليه أن يعود إلى النظر في القضية مرة ثانية إن كان قد ولاه إمام المسلمين.
أما إن كان قد حكمه الخصوم فيما بينهم فحكم وهو غضبان فلا يقبلونه حكماً بعد ذلك، وحكموا غيره ممن اجتمعت فيه الخصال العشرة.
ويقاس على الغضبان: الجائع والعطشان، والحاقن: وهو من حبس البول، والحاقب: وهو من حبس البراز، والحاذق: وهو من حبس الريح.
ويقاس على الغضبان أيضاً: من عضه الفقر وكثرت عياله وانتابه الهم والحزن؟
ومن الخير لك أيها المسلم ألا تحكم بين اثنين إلا إذا لم تجد من ذلك بدا.