البحث
الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُواالدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ".
الدنيا تحمد وتذم لا باعتبار الزمن، ولكن باعتبار العمل الذي يقوم به أهلها؛ فإن منهم من يعمل لها فحسب، ولا يعمل للآخرة شيئاً.
ومنهم من يعمل للآخرة عملاً لا يبلغه المنزل الذي يسعى إليه الأبرار، ويجعل الدنيا مبلغ همه، ومنتهى أمله.
ومنهم من يسعى لها سعيها، ولا يبالي بالدنيا أقبلت عليه أم أدبرت عنه.
والحياة الدنيا مليئة بالحيوية، وفي العيش فيها حلاوة، لكنها عاجلة. فمن شاء أخذ منها ما يحلو له ويستمتع به.
من شاء حرم نفسه من متاعها بأي حجة من الحجج التي قد لا تُسلم له.ؤفقد يدعي الزهد رحل وهو عنه بمعزل.
فقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: "إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ" يفيد أمرين:-
الأول: أن لها حلاوة ما، على نحو ما، بقدر ما، لشخص ما، في زمن ما ينبغي أن يتمتع المؤمن بقدر ما يكتب الله له منها، ويشكر ربه على ما آتاه من فضله، فالبشكر تزداد النعم.
الأمر الثاني: أنها سريعة الزوال، لأن الخضرة لا تلبث أن تفسد أن تيبس أو تضمحل. فليأخذ المرء حظه منها، ويرضى به، فالرضا أعظم المقامات الإيمانية على الإطلاق، ليس بعده مقام يطلب، والراضون هم خير البرية، وهم الذين بدأهم الله بالرضا، فكان الفضل منه أولاً وآخراً.
فإن هذه الوصية لها مقدمة وخاتمة.
أما مقدمتها فتعريف بقيمة الدنيا ومنزلتها عند الأبرار وعند الفجار، وتذكير بسرعة زوالها، وبيان لوظيفة الناس فيها.
وأما الخاتمة: فإنها تذكير بما كان عليه بنو إسرائيل من عشق النساء والافتتان بهن والتفنن في التنافس عليهن، وقد أمرنا بمخالفتهم ونهينا عن التشبه بهم في عاداتهم ومعاملاتهم؛ لأنهم قوم سوء ما عرفت البشرية أخبث منهم، إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً وهم قليل.