البحث
اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: "اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ" قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: فَأَنْتُمْ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا".
كان النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يعني عناية فائقة بتسوية الصفوف في الصلاة لأن الصلاة في جماعة دليل على ائتلاف القلوب وتآخيها على الإيمان، فكلما كانت الصفوف متساوية كالبنيان المرصوص كانت القلوب أشد اتفاقاً وائتلافاً على المودة والرحمة والإخلاص.
فالصلاة عماد الدين وركنه الركين، وهي برهان صحة الإيمان وسلامة اليقين، فكان الاجتماع عليها خير اجتماع عرفه المسلمون؛ لأنه يشبه اجتماع الملائكة الذين يصفون أنفسهم للصلاة في السماء.وكلما اعتدلنا في القيام إليها وحاذينا المناكب والأكتاف، ولم نختلف بعد التسوية إلى تمام الصلاة – كنا أقرب إلى الملائكة وأشد شبهاً بهم.
فقوله: "اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا" قول مدعم بالفعل، فقد كان يقول هذا وهو يمسح مناكبهم، مع أن مسح المناكب كان كافياً في الأمر بالتساوي. فجاء القول مؤكداً للفعل ومدعماً له.
والاستواء هو التراص في نسق واحد. بحيث تكون الأقدام متوازية والأكتاف متلاصقة.
إن تساوي الصفوف في الصلاة معناه: تساوي القلوب في طلب العفو والمغفرة والرحمة.
وقد قال – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ". أي لا تتم صلاة الجماعة على النحو الأمثل إلا بذلك، ولا يحصل ثواب الجماعة إلا لمن انتظم في الصف من أول الصلاة إلى آخرها.