البحث
بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ".
بعث الله نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام مُعَلماً لأصول الدين، الذي ارتضاه لعباده وفطرهم عليه، ومتمماً لمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، ومزكياً للنفوس الأمارة بالسوء، وراداً لها عن غيها إلى الصراط السوي، صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، ومطهراً للقلوب من كل ما يعكر صفوها ويؤثر على سلامتها.
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً" أي: أخبروا بما سمعتموه مني، أو رأيتموني أفعله – من وراءكم ممن لم ير ولم يسمع مني ما رأيتموه وسمعتموه؛ فإن ذلك واجب من أعظم الواجبات التي ينبغي عليكم وعلى كل من سمع منكم أن يقوم بها.
والمراد بالآية: الآية القرآنية كما هو ظاهر؛ لأن القرآن هو الكتاب الذي بين الله فيه لعباده كل شيء يحتاجون إلى بيانه، فكان تبليغه فرضاً مقدساً على كل من حفظ منه شيئاً ولو آية.
والسنة داخلة في هذا الأمر بوصفها بياناً للقرآن، ولا يجوز فصل المبين عن المبين، بل إن الكتاب والسنة أصل واحد كما يرى كثير من الفقهاء؛ نظراً لتلازمهما.
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَبَلَّغَهَا" شرط في هذه الدعوة المباركة، فلن ينضر الله وجه امريء يكتم العلم، والعلماء ورثة الأنبياء – كما نعلم -، وهم امتداد لهم في الدعوة إلى الله عز وجل، فلابد أن يبلغوا ما سمعوه، وأن يذكروا ما فهموه مما سمعوه.
ولذلك وجدنا أصحاب النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحتاطون لأنفسهم فلا يحدثون الناس إلا بما تأكدوا أنهم سمعوه من الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشافهة، أو سمعوه ممن سمعه منه وكان عندهم ثقة عدلاً.