البحث
مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ".
التعاون على البر والتقوى أصل من أصول الدين، تجتمع فيه المكارم كلها، وتلتقي عنده جميع أصول الأخلاق، وتجتمع عليه جميع القلوب المؤمنة.
والتعاون هو العون المتبادل بين الإنسان وأخيه الإنسان فيما يعود على كل منهما بجلب النفع ودفع الضرر.
والدين إنما وضع لمصالح الناس في العاجل والآجل.
والناس يتعاونون على البر والتقوى ما داموا متمسكين بروح الإسلام، فإن ضعف الإيمان وقل الوازع الديني وانصرفت القلوب إلى الأثرة وحب الذات – لم يكن بينهم بر ولا تقوى.
وعندئذ يشعر الإنسان بأنه يعيش وحيداً في خاصة نفسه، ولا يشعر به أحد إذا جاع أو مرض أو وقع في مأزق، مع أنه يعيش في أرض ليس فيها شبر واحد إلا وعليه إنسان مشغول بنفسه.
وهذه الوصية دعوة لنا إلى وقاية أنفسنا من كرب يوم القيامة بتنفيس كرب الناس وتخفيف آلامهم؛ ليكون الجزاء من جنس العمل.
فمن نفس عن معسر بشيء من ماله لسد حاجته وإدخال السرور عليه وإشعاره بأنه ليس وحده في هذه الحياة، مبتغياً بذلك وجه الله تعالى – فإن الله عز وجل ينفس عنه بتنفيس هذه الكرب كرباً كثيرة؛ بناء على أن الحسنة بعشر أمثالها مع مضاعفتها بقدر الإخلاص فيها.
ولا فرق بين من يعطي المعسر ما يسد به حاجته ومن يَحُطُّ عنه دينه كله أو بعضه أو ينظره إلى ميسرة.
وهناك من يكون التصدق عليه أفضل، وهو الفقير والمسكين ومن في حكمهما من ذوي الحاجات.
ولا شك أن من أنظر المعسر إلى حين ميسرة يكون من ذوي المروءات حقاً. وأهل المروءة هم أهل السخاء والجود والكرم، وإن كان العبد كريماً فإن الله أكرم.
ومن تجاوز عن معسر تجاوز الله عنه يوم القيامة.
ولقد كان النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أكرم الناس على معسر، ومن أحلمهم على مخطيء، ومن أشدهم عفواً على مسيء.