لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ

والحسد بمعناه الحقيقي كبيرة من أعظم الكبائر، وهي أول معصية وقعت في الخليقة.

أما الحسد بمعنى الغبطة فهو جائز، بل هو من المستحبات في تمني ما هو قربة إلى الله تبارك وتعالى.

والمؤمن يتنافس مع غيره من المؤمنين في فعل الخير حين يغبطه على ذلك؛ فالغبطة تحمل صاحبه على الاقتداء بأصحاب الهمم العليا في مجاهدة النفس وحملها على الطاعة والانقياد وصنائع المعروف.

فالرجل الذي علمه الله القرآن – ذو حظ عظيم بلا شك. فادع الله عز وجل أن يعلمك مثل ما علمه، واقرن الدعاء بالعمل: فاذهب إلى معلم يعلمك منه بعض السور.

وابدأ معه بقصارها؛ فإنه يسهل عليك في الغالب حفظها، وهي أول ما نزل من القرآن. وليكن معك عزمك وهمتك، فلا تكسل على تحقيق هذه الرغبة مهما كلفك الأمر. وربما يفتح الله عليك فتوح العارفين به، فتحفظ القرآن كله.

وسل الله أن يوفقك للمداومة على قراءته ليلاً ونهاراً؛ فإن قراءته بالليل والنهار هي الروح والريحان في الدينا والآخرة.

وعلى العبد أن يسعى وليس عليه تحصيل المطالب.

ولا شك أن هذه الغبطة المصحوبة بالجد والعمل سوف تمكن صاحبها إن عاجلاً أو آجلاً من تحصيل ما يتمناه كله أو بعضه، فليبدأ كل منا السير على بركة الله في تحقيق مطلبه وبالله توفيقه.

ويستفاد من هذا الحديث فوق ما ذكرناه فائدتان:

الفائدة الأولى: أن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على المؤمن حفظ القرآن والمداومة على تلاوته مع تدبره والعمل به، والإخلاص له في تعليمه للناس وبيان معانيه ومقاصده بقدر الطاقة.

الثانية: الترغيب في بذل المال بسخاء وافر لمن يستحق العون من الفقراء والمساكين وغيرهم من ذوي الحاجات، وتوقي الشح ما أمكن؛ فإن الشح مهلك لأهله.