1. المقالات
  2. المنح الإلهية في إقامة الحجة على البشرية
  3. البرهان الثالث: برهان العناية

البرهان الثالث: برهان العناية

الكاتب : د. عبد الله بن عبد العزيز المصلح
المقال مترجم الى : English Français

 

 

كل شي في الكون هادف فلابد من فاعل قاصد حكيم
وجد العلماء أن معظم الأشياء التي اكتشفوها في هذا الكون تعمل وفق خطة مدروسة متقنة، تهدف إلى خدمة الإنسان، ومعاونته في صلاح عيشه لاستمرار حياته. 

 

 
وأول ما تتضح هذه العناية في خلق أعضاء الإنسان بشكل موافق ومناسب له، فالأسنان لا تخرج إلا عندما يبدأ الطفل بالاستغناء عن حليب أمه، وتظهر حاجته لأكل الطعام، ثم كانت هذه الأسنان بهذا الترتيب الهندسي الرائع قواطع في الأمام، فأنياب، فأضراس عريضة لطحن الغذاء، ثم كان اللعاب ليساعد على ترطيب الطعام ثم وجد اللسان ليقلبه كيف يشاء، وليدفعه للخلف لبلعه، وعند وصوله إلى المعدة تعاونت مع الكبد والمرارة، فأفرزوا أنواعاً من العصارات الهاضمة ليتحول الطعام إلى سائل قابل للامتصاص، فيتم ذلك في الأمعاء بهدف نقل النافع المفيد منها مع الدم إلى شتى أعضاء الجسم، فإذا ما وصلت هذه المنافع إلى الكبد خُزنت فيه، وعندما يحتاج الجسم إلى الحركة والمشي، يحول الكبد بعض هذا المخزون إلى سكر يُقذف في الدم بمقدار يوافق حاجته منه للحركة والعمل، ثم تنتهي الفضلات التي لا فائدة منها إلى أسفل البدن.






وإذا تأملنا أصابع اليد وجدناها مختلفة الطول لتعين على قبض الأشياء، لأنها تصبح عند القبض متساوية الطول، ولو وجدت في الأصل بطول واحد لما استطاع الإنسان استعمالها في قضاء حاجاته إلا بصعوبة.
وقد عد علماء التشريح قديماً ألف منفعة لأعضاء بدن الإنسان، ومع تقدم العلم تبين لهم أن كل خلية من خلايا الجسم لها وظيفة تقوم بها، بهدف تقديم منفعة للإنسان، فخلايا المفاصل مهمتها أنها تفرز سائلاً ليسهل حركة المفاصل، وفي العين خلايا تفرز مادة (الليزيوم) لتطهر العين، وتقتل الجراثيم عند دخول أي جسم غريب ...




ولما لم يجد العلماء قديماً وظيفة للزائدة الدودية في الأمعاء، قالوا بناءً على هذا التتبع (الاستقراء التام): لابد أنه كان لها عمل ووظيفة تقوم بها، قالوا: ربما كان ذلك عندما كان الإنسان نباتياً يقتصر في طعامه على أكل النبات([1])، فقد ثبت لهم ووقر في نفوسهم يقيناً وبشكل قاطع: أن كل شيء في الإنسان يعمل لهدف خدمة الإنسان، ومثل ذلك يقال في أعضاء الحيوان أيضاً.

 

 
وتظهر هذه العناية تظهر أيضاً في شتى قوانين الكون، يقول حجة الإسلام الغزالي: (كما أنه ليس في أعضاء بدنك عضو إلا لفائدة، فليس في أعضاء بدن العالم عضو إلا لفائدة)([2]).
فقوانين الكون تعمل حثيثاً لمدة عام كامل، ليخرج معها نبتة الطعام وحبة الغذاء للإنسان، ولولا أن كانت حركة الشمس والقمر ونشوء الفصول الأربعة عنها توافق خروج النبات، لما تم هذا الخير والنفع العظيم لاستمرار عيش الإنسان.

 

 
بل إن القرآن الكريم لفت الانتباه إلى أن اختلاف تضاريس الأرض من سهول وجبال ووديان هو أيضاًً أمر هادف، حتى لا يتيه الإنسان فيها، ويشق عيشه عليها، قال تعالى: ﴿وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ١٥﴾ [النحل].
قال القرطبي: (وسبلاً: أي طرقاً ومسالك ... إلى حيث تقصدون من البلاد، فلا تضلون وتتحيرون)([3]).
وهكذا عندما يتتبع العقل ما وجد على الأرض من الحيوان والنبات والجماد، يتبين له أن ذلك كله وجد من أجل نفع الإنسان، قال تعالى: ﴿وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ٥﴾ [النحل].
بل إن جلدها وشعرها وصوفها ووبرها وجد أيضاًً بهدف نفع الإنسان، قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ٨٠﴾ [النحل].

 

 
كما تظهر هذه العناية في خلق النبات، فمنها ما هو لغذاء الإنسان، ومنها ما هو لصنع لباسه كنبتة القطن، ومنها ما وجد لدوائه، قال الله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ *وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ *لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُون  ﴾ [33:35يس].

 

 

 
لكن تبقى هناك أشياء كثيرة في هذا الكون لم يهتد الإنسان بعد إلى معرفة الهدف من وجودها، ولكن الإنسان يلمح من خلال تتبعه الطويل إلى أنه: لابد من وجود هدف لها. والقرآن يؤكد هذه الحقيقة، يقول الله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ١٣﴾ [الجاثية].

 

 
ومن هنا قال علماء الإسلام: (إن من الطرق التي دعا إليها القرآن الكريم في إثبات وجود الله سبحانه وتعالى: طريق الوقوف على العناية بالإنسان وخلق جميع الموجودات لأجله، وتسمى هذه الطريق (دليل العناية)... فجميع الموجودات موافقة لوجود الإنسان ... وتظهر موافقة كثير من الحيوان له، والنبات والجمادات وجزئيات كثيرة، مثل الأمطار والأنهار والبحار، وما تحمله الأرض والماء والهواء والنار، وكذلك تظهر العناية في أعضاء الإنسان والحيوان؛ أعني كونها موافقة لحياته ووجوده .... وأن هذه الموافقة هي ضرورة (أي بداهة) من قبل فاعل قاصد مريد، إذ ليس يمكن أن تكون هذه الموافقة بالاتفاق (أي صدفة))([4]).

 

 


الفيزياء الذرية الحديثة تبطل النظرية المادية الطبيعية وتثبت وجود الله الرقيب على استمرار عمل ذرات الكون 
إن الفلاسفة وعلماء الطبيعة أقروا أن كل شيء في هذا الكون مسخر لخدمة الإنسان، على نحو يحقق له كل حاجته، ولكن ما الذي جعل أصحاب (النظرية المادية) من أمثال (كارل ماركس) وأتباعه (لينين وانجلز) يقولون بأزلية الطبيعة الجماد، ولا يقرون بأزلية الله الخالق الحي القائم على تدبير هذا الكون ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ [السجدة:7]؟.والكون بما فيه من الإتقان والحكمة يدل على أنه لا بد من وجود متقن قاصد حكيم عليم لا بداية لوجوده !!  

 

 
السبب في ذلك يعود إلى فيزياء القرن الثامن عشر، فيزياء العالم  إسحاق نيوتن (1642-1727م) مع إنه بعد اكتشافه لقوانين الجاذبية، أرسل في خطاب شهير إلى صديقه (بنتلي) يقول له: "لست أصدق أن المادة الخالية من الحياة أو الإدراك يمكنها أن تعمل أو تؤثر على مادة أخرى بدون وساطة شيء غير عادي، وبدون اتصال ثنائي ... ولا أن الجاذبية كامنة في المادة، وفطرية جوهرية بالنسبة لها، لدرجة أن جسماً يؤثر في جسم آخر على بعد منه، ومن خلال فراغ. إن هذا بالنسبة لي شيء سخيف جداً حتى لا أصدق أن إنساناً أو في ملكة مؤهلة للتفكير في المسائل الفلسفية يمكن أن يقع فيه"([5]).

 

 
ولكن كما يقول الفيزيائي (هانز باجلز): "لقد ساندت الفيزياء التقليدية وجهة النظر العالمية المبنية على الحتمية ... فطبقاً لهذه الفيزياء تحدد قوانين الطبيعة الماضي والمستقبل في أدق التفاصيل، وكأن الكون شبيه بساعة بلغت حد الكمال، ما إن نعلم موضع أجزائها في لحظة معينة حتى نحدد أوصافها إلى الأبد"([6]).

 

 
وأيضاً يقول (أسامة علي خضر): وهذه الفلسفة ظهرت في أحشاء نظرية النسبية (العامة) لأنشتاين، على الرغم من التصورات الثورية التي قدمتها هذه النظرية عن طبيعة المكان والزمان والمادة، إلا أن فكرة الحتمية والسببية، وخضوع الكون لقوانين موضوعية هي جوهر القضية عند أنشتاين. فمثلاً يستطيع الفلكي التنبؤ بمواعيد الخسوف والكسوف ومسارات المذنبات ... إلخ، حيث تتقلص العملية إلى مجرد إجراء عمليات حسابية رياضية لا غير([7]).

 

 
إلا أن النظرية المادية اهتزت في نظرية أنيشتاين (النسبية الخاصة عام 1905م) عندما فجر مفهوماً هو أدق وأروع المفاهيم، وهو أن المادة وجه من وجوه الطاقة المكثفة، وصاغ أعظم معادلة في تاريخ علم الفيزياء: الطاقة = الكتلة X مربع سرعة الضوء ([8]).

 

 
فأثبت أن المادة ليست صلبة ـ كما تصورها نيوتن ـ، وأنها الحقيقة النهائية للكون ... بل المادة مفهوم مرن، فإن كتلة الجسم تزيد بزيادة سرعته، وتم إثبات ذلك في الأجهزة المخصصة التي تسمى (معجلات الجسيمات)، فإن معهد التكنولوجيا في كاليفورنيا استطاع في عام 1952م أن يسرِّع الإلكترون حتى وصل إلى سرعة تقارب سرعة الضوء فزادت كتلة الإلكترون 900 مرة.

 

 
وبهذا كان الانهيار للفكر المادي، فقد عُرف أن جوهر الكون هو الإشعاعات والطاقة وليست المادة،  ثم جاءت الفيزياء الكمية الذرية أو ـ ميكانيكا الكم ـ (Quantum-Mechanics) فقلبت مفاهيم الفيزياء الكلاسيكية، وأطاحت بفكرة السببية والحتمية، وحل محلها الاحتمالات.
يقول الفيزيائي (جيمس جنز) في عنوان (انهيار الميكانيكا الكلاسيكية): "... فعندما كان علم الفيزياء التجريبي مهتماً بالعمليات التي تتم داخل الذرة، كانت الميكانيكا الكلاسيكية تثبت فشلها التام في ذلك المجال، ولعل أبرز فشل قابلته كان مع المشكلة الأساسية لتركيب الذرة [فقد] قدمت الفيزياء التجريبية مبررات قوية للتفكير في الذرة على أنها تتركب من مجموعة إلكترونات، وهي جسيمات سالبة الشحنة بالإضافة إلى شيء يحمل الشحنة الكهربية الكافية بالضبط لمعادلة مجموع الشحنات السالبة للإلكترونات، لأن الشحنة الكلية للذرة العادية تساوي صفرا دائماً.
والميكانيكا الكلاسيكية ليس فيها ما يهيئ لتركيب من هذا النوع حجماً مستقراً، فهذه الشحنات لا يمكنها أن تظل ساكنة وإلا تساقطت على بعضها، كما أنه لا يمكن أن تستمر في الحركة، وإلا صارت كل منها آلة أبدية الحركة، وهو أمر لا تسمح به الميكانيكا الكلاسيكية([9])".

 

 
فقد أثبتت هذه الفيزياء الحديثة: أن خاصية التماثل والاتساق التي يتمتع بها المكان والزمان على المستوى الكوني الكبير تنهار تماماً على المستوى الذري، فالذرات، وهي البنية الأساسية للكون  تحكمها قوانين فيزيائية مختلفة جذرياً عن فيزياء الكون الكبير ...
فالجسيمات الذرية تتحرك دون أن تتبع قوانين الميكانيكا التقليدية ... فهي لا تتحرك باستمرارية وانسياب من نقطة إلى نقطة، بل بشكل قفزات متقطعة لا يمكن التحكم في مساراتها ولا التنبؤ بها([10])، وكل ما يستطيعه الفيزيائي هو أن يعطي احتمالات فقط عن مسارات الجسيمات الذرية.
وجاء (مبدأ عدم التحديد) (اللا يقين) (Uncertainty-princple) لهاينزنبرغ الذي حصل على جائزة نوبل على هذا الاكتشاف، لينسف كل معتقدات النظرية الميكانيكية للكون، وأثبت هذا المبدأ أن هناك محدودية متأصلة في معرفتنا بقوانين الذرة، فانهارت الحتمية والسببية من الفيزياء الكمية.
بل سحب (هايزنبرغ) مبدأ عدم التحديد على (الطاقة والزمن)، فقد كان الاعتقاد في الفيزياء التقليدية: أن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث، ولكن تتحول من صورة إلى أخرى، فهناك على المستوى الذري أحداثاً يمكن فيها للإكترون اقتراض طاقة على أن يتم تسديد القرض بسرعة كبيرة، وكلما زادت كمية الطاقة المقترضة كان السداد أسرع.
ومن ثم حتى نتأكد أن الطاقة محفوظة، يتوجب أن نقوم بإجراء قياسات في لحظتين مختلفتين (تماثل الزمن) للتأكد أن كمية الطاقة منحفضة ...
إلا أن مبدأ عدم التحديد يرفض هذا التأكد، بسبب أن الزمن لم يعد متجانساً على المستوى الذري، وهذا ما فتح الباب لإمكانية تعطل قانون حفظ الطاقة في فترات قصيرة جداً، بمعنى أنه يمكن للطاقة أن تظهر فجأة، ثم تعود لتختفي بعد فترة قصيرة ([11]).

 

 

 
كذلك جاءت الفيزياء الكمية لتدشن مفهوماً يعد من أعظم المبادئ العلمية على الإطلاق، وهو أن ما وراء هذا الكون هو الوعي ... وتم هذا الاكتشاف على يد الفيزيائي (نيلز بوهر) (1880 – 1962م) الحاص على جائزة نويل عام 1992م.
فقد أثبتت التجارب التي أجريت عدة مرات وبدقة تفوق التصور([12])، أنه طالما لا أحد يجري قياس ما على الإلكترون، فإنه يتصرف على هيئة موجات احتمالية (دالة الموجة)، وهذه الموجة تكون متفشية في الفضاء، ويمكن للإلكترون (الجسيم) أن يكون في أي موضع فيها، وبمجرد إجراء عملية الرصد والقياس تنهار وتتقلص موجة الاحتمال (دالة الموجة) لتتحول إلى جُسيم نقطي محدد.([13])

 

 
يقول الفيزيائي (هانز باجلز) في كتابه (رموز الكون): "تكمن الصفة الكمية الخارقة للطبيعة في إدراك أنه طالما أنك لا تقوم فعلاً بالكشف عن إلكترون ما، فإن سلوكه يكون هو سلوك موجه الاحتمال، وإذا أنت نظرت إليه (أي الإلكترون)، فهو في هذه اللحظة جسيم محدود، ولكنه يعود إلى التصرف كموجه حالما تكف عن النظر إليه ... إن هذا لغريب وخارق للطبيعة"([14])، ويقول الفيزيائي الفلكي (ستيفين هوكنج): "لابد أن يكون هناك كائن خارج الكون يراقبه، لكي تنهار الدالة الموجبة للكون، لتصبح الواقع الذي نشاهده، فبدون هذا المراقب سيتبخر هذا الكون إلى مجرد دالة اختبار"([15]).
ويقول الفيزيائي (فريد آلان وولف): "إن الوعي هو العنصر الخلاق في هذا العالم، ولكن ما هو هذا الوعي؟ ... إنه ذلك العنصر الذي يقع خارج العالم المادي، والذي يقلص موجة الاحتمال مستخرجاً النتيجة المرجوة"([16]).

 

 
ويقول عالم الفيزياء النظرية (يوجين فيجنر): "عندما تم توسيع نطاق النظرية الفيزيائية لتشمل الظواهر الذرية من خلال استحداث ميكانيكا الكم عاد مفهوم الوعي إلى المقدمة ... إذ لم يعد ممكناً صياغة قوانين ميكانيكا الكم بشكل مسبق محلياً دون الرجوع إلى الوعي([17]).
ويقول عالم الفيزياء والفيلسوف (فريتجوف كابرا): "... لا نستطيع في الفيزياء الذرية أن نتحدث عن خصائص شيء ما إلا في سياق تفاعل الشيء مع المراقب"([18]).
ويقول عالم الفيزياء والفلك (جيمس جينز): "لقد اكتشفنا أن الكون يشهد بوجود قوة منظمة يمكننا تسميتها بالذهن الرياضي"([19])، ويقول عالم الفيزياء الفلكية (هوبرت ريفر): "يبدو أن الذكاء متضمن في مصير الكون"([20]).
وهكذا كما يقول (أسامة علي خضر): "إذا كانت موجة الاحتمال الإلكترونية تنهار وتتقلص عندما يتعرض الإلكترون للمراقبة والرصد، لكن من الذي يقوم بهذه المراقبة والرصد من خارج الكون حتى تتحول الأشياء إلى حقيقة؟ إنه الله جل جلاله خالق الكون، وهو القوة المطلقة الذي أظهر هذا الكون إلى حيز الوجود ... ولا مفر من هذا الاعتراف الذي نطقت به التجربة العلمية"([21]).

 

 
يقول عالم الكيمياء والفلك  (إسحاق عظيموف): "إن الأبحاث الفلكية حتى الآن لم تسفر عن شيء يمكن أن يشكل تفسيراً للخلق ليستند إلى الطبيعة البحتة"([22]).
وهكذا فقد أثبتت البحوث الذرية أن السببية لم تعد تحكم الذرة وقوانينها، وبهذا لا مجال إلى أن نسلسل العلل إلى ما لا نهاية، فالسببية الفيزيائية فشلت في تفسير وجود الكون، وبما أن السببية لم تعد تحكم الذرة وقوانينها فالعلماء اليوم يؤكدون أن حادثة خلق الكون ليس لها قانون سببي مادي([23]).
 

---------------------------------------

([1])  فقد أفترض تشارلز داروين في كتابة "أصل الأنواع" عام 1985م أعضاء ضامرة لم تعرف لها وظيفة في الإنسان سميت بالأعضاء الأثرية Rudimentary، وبلغ ما أحصاه عالم التشريح الألماني "روبرت ويدرشيم" 186 عضواً منها الزائدة الدودية، لكن أنحسرت لائحة هذه الأعضاء الأثرية المزعومة حتى تلاشت تماما حالياً، فكل التراكيب التشريحية في الحيوان والإنسان تؤدي وظيفة، والزائدة الدودية: عضو في الجهاز المناعي أول الأمعاء الغليظة يحميها من العدوى. إفادة من الدكتور الطيب/ محمد دودح
([2])  إحياء علوم الدين 4/117 وأنظر 4/112-114.
([3])  الجامع لأحكام القرآن 10/90 – 91.
([4])  مناهج الأدلة في عقائد الملة – لابن رشيد الحفيد ص 151.
([5])  الفيزياء والفلسفة – لجيمس جينز  ص159 – 160 ترجمة جعفر رجب – دار المعارف.
([6])  القرآن والكون من الإنفجار العظيم إلى الإنسحاق العظيم ص 446، ط أولى – وزارة الثقافة – صنعاء 1424 – 2004.
([7])  القرآن والكون ص 403.
([8])  القرآن والكون ص 378-103-319.
([9])  الفيزياء والفلسفة ص 168.
([10])  القرآن والكون ص 405.
([11])  القرآن والكون ص 447.
([12])  القرآن والكون ص 454.
([13])  القرآن والكون ص 449، 115-453، 450.
([14])  القرآن والكون ص 454 وأرجع إلى كتابة رموز الكون.
([15])  أنظر: القرآن والكون ص 454.
([16])  أنظر: القرآن والكون ص 455.
([17])  أنظر: القرآن والكون ص 10.
([18])  أنظر: القرآن والكون ص 10.
([19])  أنظر: القرآن والكون ص 10.
([20])  أنظر: القرآن والكون ص 10.
([21])  أنظر: القرآن والكون ص 454.
([22])  أنظر: القرآن والكون ص 11.
([23])  أنظر: القرآن والكون ص 69 – 95.

المقال السابق المقال التالى

مقالات في نفس القسم

موقع نصرة محمد رسول اللهIt's a beautiful day