البحث
نبيُّ اللهِ إبراهيمُ عليه السلام
سوف نُناقِشُ في هذا القسم بتوسُّعٍ العديدَ من مزايا بعضِ الرُّسُل الذين لَفَتَ اللهُ انتباهَنا إليهم في القرآن الكريم .
كان إبراهيمُ عليه السلام أَحَدَ هؤلاء الرُّسُل. وحين كان إبراهيمُ صغيراً، ولا يُوجد أحدٌ مِن حَولِه يُذكِّرُه بِوُجود الله، قام بِفَحْصِ السموات، فقادَهُ هذا لِيَفْهمَ أنَّ اللهَ يَخلُقُ كلَّ شيءٍ، ويذكُر لنا القرآنُ هذا كما يلي:
(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُون إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (سورة الأنعام: 75 – 79)
ودعا إبراهيمُ قومَه ألاَّ يعبدوا إلا الله.
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِين وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (سورة الشعراء: 69 - 82 )
وحاوَلَ أعداءُ إبراهيمَ قَتْلَهُ حين دعاهُم للإيمان بالله، فأَشعلوا ناراً عَظِيمَةً وألقَوهُ فيها، ولكنَّ اللهَ حمَاه ونجَّاه منها .ويُخبرُنا القرآنُ بهذا كما يلي:
(فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (سورة العنكبوت: 24 )
(قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ) (سورة الأنبياء: 69)
وبِما أنَّ اللهَ يَخلُقُ ويَتَحكَّمُ في كُلِّ شيء، فقد منعت إرادتُه النارَ مِن حَرْقِ إبراهيمَ، وهي مُعجِزَةٌ مِنَ اللهِ، ودلِيلٌ على قُدْرَتِه التي لا حدود لها. ولا يحدُث شيءٌ على وجه الأرض إلا بإرادةِ الله، إذ لا يُمكِنُ لِشيْءٍ أن يحدُثَ إلا بإرادته وتحت سيطرتِه. وإذا لَمْ يُرِد الله، فلا يُمكِنُ لِشخصٍ أن يُؤذِيَ أو يَقتُلَ شخصاً آخر، وذلك مِصداقًا لِقوله تعالى:
(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) (سورة آل عمران: 145)
ولَمْ يَمُتْ إبراهيمُ رغم أنَّه أُلقِيَ في النار، لأَنَّ أجَلَ موته الذي حدَّده الله مُسبَقاً لم يكن قد حان بعدُ، فأنْجَاه اللهُ من الناس بإِذْنِه.
ويُخبِرُنا الله في إحدى آياتِ القرآنِ الكريم أنَّ إبراهيمَ كان رجلاً ذا شخصيَّةٍ نموذجية مثالية فيقول:
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) (سورة هود: 75)
ويُحِبُّ اللهُ الناسَ الذين يخلصون وُدَّهم وقلوبَهم لَه، كما تُظهِر الآيةُ، وعدَمُ التمرُّد وامتلاءُ صَدْرِ الفَرْدِ بالخيرِ والخُضوعِ لأوامر الله، صفاتٌ يُحبُّها الله.