البحث
كلمة وجيزة عن شخصيته التعليمية
كلمة وجيزة عن شخصيته التعليمية
كما أرى من المناسب أيضاً أن أذكر كلمةً وجيزة عن شخصيته التعليمية صلى الله عليه وسلم ، تُعرِّفنا بتلك النفس الكريمة ، التي منحها الله تعالى لرسوله ، لتَصنعَ الخير للناس ، وتُبلِّغ الدين للبشر كافة .
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة ، وتَرْكِ العَنَتِ وحُبّ اليُسر ، والرِّفق بالمتعلِّم ، والحِرصِ عليه ، وبَذْلِ العلم والخير له في كل وقت ومناسبة : بالمكان الأسمى والخُلُقِ الأعلى قال الله تعالى : (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ1حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)2.
7 ـ وروى البخاري ومسلم3واللفظ للبخاري ، عن مالك بن الحُوَيرث رضي الله عنه ، قال : ((أَتَينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شَبَبَةٌ مُتَقاربون4، فأقمنا عنده عِشرين ليلة ، وكان رسول الله رَحيماً رَفيقاً ، فلما ظَنَّ أنّا قد اشتَقْنا أَهلنا ، سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه ، قال : ارجعوا إلى أهليكم ، فأقيموا فيهم ، وعلِّموهم ومُروهم ، وصلّوا كما رأيتموني أصلّي ، فإذا حضرتْ الصلاة ، فليُؤَذِّن لكم أحدُكم ، ولْيَؤمَّكم أكبركم))5.
8 ـ وروى الترمذي في ((الشمائل))6عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسْرُدُ كسَرْدِكم هذا7ولكن كان يتكلم بكلامٍ بيِّنٍ فَصْل8، يحفظه من جلس إليه)) .
9 ـ وروى فيها أيضاً9عن أنس رضي الله عنه قال : ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعيدُ الكلمة ثلاثاً لِتُعقَلَ عنه))10.
10 ـ وروى فيها أيضاً11عن الحَسَن بن علي رضي الله عنهما ، قال : سألتُ خالي هِنْدَ بن أبي هالة ، وكان وَصّافاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلتُ : صِفْ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ((كان رسول الله مُتواصِلَ الأحزان12، دائمَ الفِكرة ، ليست له راحة ، طويلَ السَّكْت ، لا يتكلم في غير حاجة ، يَفتَتِحُ الكلام
ويختِمُه باسم الله تعالى ، ويتكلَّم بجوامع الكَلِم1، كلامُه فَصْل2، لا فُضولَ ولا تقصير3.
ليس بالجافي ولا المَهين4، يُعظِّمُ النِّعمةَ وإن دَقَّتْ5، لا يَذُمَّ منها شيئاً ، غيرَ أنه لم يكن يَذُمُّ ذَواقاً ولا يَمدَحُه6، ولا تُغضِبُه الدنيا ولا ما كان لها7، فإذا تُعدِّيَ الحقُّ لم يَقُمْ لغضبه شيءٌ حتى ينتصر له8، ولا يَغضَبُ لنفسه ولا ينتصر لها .
إذا أشارَ بكفِّه كلِّها ، وإذا تَعجَّب قَلَبها ، وإذ تحدّضث اتَّصل بها وضرب براحتِه اليُمنى بَطنَ إبهامِه اليُسرى ، وإذا غضِب أعرضَ وأشاح9، وإذا فرِح غضَّ طرْفَه ، جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبسُّم ، يَفْتَرُّ عن مثل حَبِّ الغمام))10.
11 ـ وروى الترمذي في ((الشمائل)) أيضاً1عن الحسن بن علي ، قال : قال الحُسين بن علي : سألتُ أبي ـ علي بن أبي طالب ـ عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جُلسائِه فقال : ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائِم البِشْر2، سَهْلَ الخُلُق ، ليِّن الجانب ، ليس بفَظٍّ3، ولا غليظ4، ولا صَخّاب5، ولا فَحّاش6، ولا عَيّاب7، ولا مَدّاح8، يتغافَلُ عما لا يشتهي9، ولا يُؤْيِسُ منه راجِيَهُ10، ولا يُخيبُ فيه11.
قد تَرَكَ نفسه من ثلاث : المِراء12، والإكثار13، وما لا يعنيه .
وترك الناس من ثلاث : كان لا يذُمُّ أحداً ولا يَعيبُه ، ولا يطلُبُ عَوْرَتَه14، ولا يتكلَّم إلاّ فيما رَجا ثوابه .
وإذا تكلَّم أطرَقَ جُلساؤه15، كأنَّما على رؤوسهم الطَّيرُ16، فإذا سكتَ تكلَّموا ، لا يتنازعون عنده الحديث ، من تكلَّم عنده أنصتوا حتى يَفرُغ .
حديثُهم عنده حديث أوَّلِهم17. يضحكُ مما يضحكون ، ويتعجَّبُ مما يتعجَّبون منه .
ويصبِر للغريب على الجَفْوَةِ في مَنْطِقِه ومَسْألَتِه18، حتى إنْ كان أصحابُه ليَستجلبونهم19. ويقول : إذا رأيتم
طالبَ حاجةٍ يطلُبها فارْفِدوه1، ولا يَقبَلُ الثناء إلاّ من مُكافىء2، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجور3، فيقطعُه بنهيٍ أو قيام))4.
وكان صلى الله عليه وسلم يُعطي كل واحد من جُلسائه وأصحابه حقَّه من الالتفات إليه والعناية به ، حتى يظُنَّ كل واحد منهم أنه أحبُّ الناس إلى رسول الله .
12 ـ روى الترمذي في ((الشمائل)) أيضاً5عن سيدنا علي رضي الله عنه في وصفه لمجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ((كان يُعطي كل جُلسائِه بنصيبه ، لا يحسب جليسه أنَّ أحداً أكرم عليه منه)) .
وكان صلى الله عليه وسلم أتَمَّ ما يكون تواضُعاً للمتعلِّم والسائل المستفيد والضعيف الفَهْم .
13 ـ روى البخاري في ((الأدب المفرد)) ، ومسلم والنسائي6واللفظُ لمسلم عن حُمَيد بنِ هِلال ، عن أبي رِفاعة العَدَوي رضي الله عنه قال : ((انتهَيْتُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يَخطُبُ ، قال : فقلتُ : يا رسول الله ، رجلٌ غريبٌ جاء يسأل عن دينِه ، لا يدري ما دينُه .
قال : فأقبلَ عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وترك خُطبتَه حتى انتهى إليَّ ، فأُتي بكُرسيٍّ حَسِبْتُ قوائمه حديداً، قال : فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يُعلِّمُني مما علَّمه الله ، ثم أتى خُطبته فأتمَّ آخِره))7.
14 ـ وروى البخاري ، والنسائي ، وابنُ ماجه8عن شريك بن أبي نَمِرٍ أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : ((بينما نحن جُلوسٌ في المسجد ، دخل رجلٌ على جَمَلٍ فأناخَه في المسجد9، ثم عَقَلَهُ10، ثم قال لهم : أيُّكُم محمدٌ؟ ـ والنبي صلى الله عليه وسلم مُتَّكِىءٌ بين ظَهْرانَيْهم11ـ فقلنا : هذا الرجل الأبيض المُتَّكِىءُ .
فقال له الرجل : يا ابن عبد المطَّلب ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : قد أجبتُك12، فقال له الرجل : يا محمد ، إني سائلُك ومُشدِّدٌ عليك في المسألة ، فلا تَجِدنَّ عليَّ في نفسِك13، فقال : سلْ ما بدا لك14.
فقال : أسألك بربِّك وربِّ من قبْلك ، آلله أرسلَك إلى الناس كلِّهم؟ فقال : اللهمَّ نعم15. قال : فأنشدُك بالله16، آلله أمرك أن نُصلّي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ قال : اللهم نعم .
قال : فأَنشُدُك بالله ، آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة1؟ قال : اللهم نعم . قال : فأنشدُك بالله ، آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة2من أغنيائنا فتَقْسِمَها على فُقرائنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهمَّ نعم .
فقال الرجل : آمنتُ بما جئتَ به ، وانا رسولُ من ورائي من قومي ، وانا ضِمامُ بنُ ثعلَبة ، أخو بني سعد بنِ بَكْرٍ))3.
15 ـ وروى مسلم4عن أبي أيوب رضي الله عنه ((أن اعرابياً عرضَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سفر ، فأخذ بخِطامِ ناقتِه أو بزِمامِها5، ثم قال : يا رسول الله أو يا محمد ، أخبرني بما يُقرِّبني من الجنة وما يُباعدني من النار .
قال : فكفَّ النبي صلى الله عليه وسلم6ثم نظر في أصحابه7، ثم قال : لقد وُفِّق أو لقد هُدي8، قال : كيف قلتَ؟ قال : فأعاد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تَعبُدُ الله لا تُشرِك به شيئاً ، وتُقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصِلُ الرَّحِم ، دَعْ الناقة))9.
16 ـ وروى ابن السَّكن ، والطَّبراني في ((المعجم الكبير)) وأبو مسلم الكَجّي في ((السنن))10عن المُغيرة بن عبد الله اليَشْكُري أنَّ أباه حدَّثه ، قال : ((انطلقتُ إلى الكوفة فدخلتُ المسجد ، فإذا رجلٌ من قَيْس يقالُ له ابن المُنتَفِق ، وهو يقول : وُصِف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطلبتُه ، فلقيتُه بعرَفات ، فزاحمتُ عليه ، فقيل لي : إليك عنه11، فقال12: دَعوا الرجلَ ، أَرَبٌ ما لَهُ13، قال : فزاحمتُ عليه حتى خَلَصْتُ إليه14، فأخذتُ بخِطامِ راحلتِه فما غِيرَ عليَّ15.
ـ ثم قلتُ ـ : شيئين أسألُك عنهما : ما يُنْجني من النار؟ وما يُدخلني الجنة؟ قال : فنظَر إلى السماء ، ثم أقبل عليَّ بوجهِهِ الكريم ، فقال : لئن كنتَ أوجزْتَ المسألة لقد أعظَمْتَ وطوَّلتَ ، فاعْقِلْ عليَّ16:
اعبُدْ الله لا تُشرِك به شيئاً ، وأَقِمْ الصلاة المكتوبة ، وأدِّ الزكاة المفروضة ، وصُمْ رمضان .
17 ـ وروى مسلم وأبو داود والترمذي في ((الشمائل))17واللفظ لمسلم ، عن أنس رضي الله عنه : ((أنَّ امرأةً كان في عقلِها شيء ، فقالت : يا رسول الله إنَّ لي إليك حاجة ، فقال : يا أُمَّ فلان ، انظري أيَّ السِّكَكِ18شِئتِ حتى أقضي لكِ حاجتك ، فخلا معها في بعض الطُّرُق ، حتى فَرَغَتْ من حاجتها)) . وفي رواية أبي داود : ((فجلسَت فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إليها حتى قضتْ حاجتها))1.
هذا ، وقد استحسنتُ أن أُرِد ما قاله الإمام الماوَرْديُّ في بيان جوانب من شخصية هذا الرسول الكريم والمعلِّم العظيم صلى الله عليه وسلم . وفيما قاله رحمه الله تعالى تتميمٌ لما ذكرتُه هنا ، وإليك كلامه في الصفحات التالية :
--------------------------------------------------------------------------------
1 ـ قال الحافظ ابن كثير في ((تفسيره)) 2 : 403 : ((أي يَعَزُّ عليه ـ ويَشُقُّ ـ الشيءُ الذي يُعنِّتُ أُمَّتَه ويشُقُّ عليها ، ولهذا جاء في الحديث المروي من طُرق عنه صلى الله عليه وسلم قوله : بُعِثتُ بالحَنبفيّة السَّمْحة)) .
2 ـ من سورة التوبة ، الآية 128 .
3 ـ البخاري 2 : 93 في كتاب الأذان (باب الأذان للمسافرين) ، ومسلم 5 : 174 في كتاب المساجد (باب من أحق بالإمامة) .
4 ـ الشببة جمعُ شابّ . ومتقاربون أي في السِّنّ والعُمر .
5 ـ في هذا الحديث الشريف من الأمور التعليمية : ارتحالُ الشباب جماعةً إلى العالِم ، ليتلقّوا منه العِلم ، وليأخذوا عنه الفقه في الدين ، ولِيَصْطحِبوه فترةً من الزمن ، فيَشهدوا منه سُلوكه ، وهَدْيَهُ وعَمَله ، فتَستَنير بذلك أفهامهم بقُربهم منه ومُلازمتهم له ، ويأخذوا العلم مصحوباً بالعمل به ، فيكون أوضح في نفوسهم ، وأطيب في سلوكهم ، كما كان شأن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم معه .
وفي هذا الحديث أيضاً النظرُ إلى ذاته الشريفة صلى الله عليه وسلم التي هي مَجْمَعُ القُدوة ونموذج الإنسان الكامل . وفيه أيضاً : تعلُّم أحكام الشريعة منه صلى الله عليه وسلم ، وفيه أيضاً : أن الأفضل بالمتعلِّم أن يقصد من علماء عصره : الأوفى علماً ، والأعلى فهماً .. فقد كان آباءُ هؤلاء الشباب صَحابةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، التَقَوْا به وأخذوا عنه ، وعَلِموا منه ، فما اكتفى هؤلاء الشباب بالأخذ منهم ، بل قَصَدوا سيدَ العلماء ، وتاجَ الأنبياء ، وأعلم البشر صلى الله عليه وسلم .
وخصَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم هنا : الأكبر بالإمامة للصلاة فيهم ، نظراً إلى تساويهم في العلم والتعلم منه عليه الصلاة والسلام ، فإذْ تساوَوْا في ذلك كان وصف الكِبَر فيهم صفة مميزة للكبير على من دونه في السن ، فيُقدَّمُ الكبير .
أما إذا كان بعضهم أعلَم من بعض فيقدَّم الأعلم على من سواه ، لأن صفة العلم أعلم وأشرف من صفة كِبَر السن . وانظر حقوق الكبر وصفة العلم في كُتَيِّبي : ((من أدب الإسلام)) ، في الأدب 16 ، 17 ، 18 .
6 ـ ص 140 .
7 ـ أي ما كان يأتي بالكلام متتابعاً يستعجل به ، فإنه ـ إذا كان كذلك ـ يورِث لَبْساً على السامعين ، ولا يُمكِّنهم من فهمه وحفظه .
8ـأي ظاهرٍ واضحٍ مفصولٍ متميزٍ بعضُه من بعض ، بحيث يتبيَّنُه من يسمعُه ، ويُمكنُه عدُّه لو أراد عدَّه مثلاً . وهذا أدعى لحفظه ورُسوخِه في ذهن السامع ، إذْ يتروّاه تروِّياً ، فلا تبقى له فيه شُبهة ولا غموض .
9 ـ ص 140 .
10 ـ أي لتُفهم عنه ، وتَثبُت في ذهن السامعين . وذلك لكمالِ هدايته وشفقته صلى الله عليه وسلم بأُمَّتِه عامّة ، وبالمتعلِّمين خاصة . ويدلُّ هذا الحديث الشريف على أنه ينبغي للمعلِّم أن يتمهل في تقريره لما يُعلِّمُه ، ويبذُل الجهد في بيانه ، ويُعيدَه حتى يُفهم عنه .
11 ـ ص 141 ـ 143 .
12 ـ قال العلماء : ليس المراد بهذا : التألُّمَ على فَوْتِ مطلوب أو حصول مكروه من أمور الدنيا ، فإن هذا لم يكن من حال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل المراد : أنه كان دائم الاهتمام والتفكير فيما يستقبله من الامور العظيمة ، وشؤون الدعوة إلى الله تعالى ، = = وجَلْبِ الناس إليها وإدخالهم فيها ، مع ما هو عليه من جهادِ المشركين ، وتعليمِ الجاهلين ، والقيام بعبادة الله تعالى على أكملِ وجه . ويُفسِّرُ ذلك قولُ واصِفِه بعد هذه الجملة : ((دائمَ الفِكرة ، ليست له راحة ، طويلَ السَّكْت)) .
وهذه حاله في نفسه صلى الله عليه وسلم ، وسيأتي قريباً في ص 28 أنه كان في مجلسه مع الناس دائم البِشْر ...
1 ـ أي يتكلَّم صلى الله عليه وسلم بالكلمات القليلة ، الجامعةِ للمعاني العظيمة الكثيرة ، مثل :
قولِهِ : ((الدين النصيحة)) .
وقوله : ((احفظ الله يحفظك)) .
وقوله : ((اتق الله حيثما كنت)) .
وقوله : ((الحلال بيِّن ، والحرام بيِّن)) .
وقوله : ((إذا لم تستح فاصنع ما شئت)) .
وقوله : ((دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَريبك)) .
وقوله : ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء)) .
وقوله : ((إن الله طيِّب لا يقبل إلا طيباً)) .
وقوله : ((حُفَّتْ الجنّة بالمَكاره ، وحفت النار بالشهوات)) .
وقوله : ((المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويَدِه)) .
وقوله : ((مِن حُسْن إسلام المرء تركُهُ ما لا يعنيه)) .
وقوله : ((إنَّما الأعمال بالنيّات ، وإنَّما لكل امرىءٍ ما نوى)) .
وقوله : ((إنَّ الشيطان يَجري من ابن آدم مَجرى الدم)) .
وقوله : ((لا يُؤمِنْ أحدُكثم حتى يُحِب لأخيه ما يُحِب لنفسه)) .
وقوله :((ازهَدْ في الدنيا يُحِبُّكَ الله ، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس)) .
وقوله : ((ما نَهَيْتُكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم)) .
وقوله : ((لو يُعْطى الناسُ بدعواهم ، لادَّعى رجالٌ دِماءَ قومٍ وأموالَهم ، ولكن البيِّنةُ على المُدَّعي واليَمينُ على من أنكر)) .
وقوله :((لا ضَرَرَ ولا ضِرار)) . أي لا يجوز للإنسان ان يَضُرَّ نفسَه ، ولا أن يُلحق الإضرار بغيره .
وقوله : ((البِرُّ ما اطْمَأَنَّتْ إليه النفسُ واطمأَنَّ إليه القلب ، والإثمُ ما حاكَ في النفس وتردَّد في الصَّدر ، وإن أفتاك الناسُ وأفتَوْك)) .
وقوله : ((إنَّ خير الهَدي هَدْيُ محمد ، وشرَّ الأمور مُحدثاتُها ، وكلَّ بدعةٍ ضلالة)) .
وقوله : ((من أَحدَثَ في أَمرِنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ)) . أي كلُّ عَمَلٍ لا يكون على وَفْق أَمرِ الله وأمر رسوله ، فهو مردودٌ على عامِلِه ، إذ لا يُقبَلُ من الاعمال إلاّ ما كان جارياً على هَدْيِ أحكام الشريعة مُوافقاً لها . وأمثالُ هذه الاحاديث الشريفة ، من بدائع جَوامِعِه صلى الله عليه وسلم التي اختصه الله تعالى بها : كثيرةٌ ، اكتفيتُ بإيرادِ هذه النماذج منها ، وأغلَبُ ما أوردتُه هنا منها ، ذكره الإمام النووي رحمه الله تعالى في آخر كتابه ((الأذكار)) ، مع بيان مَصدرِه الذي أُخرِجَ فيه من كتب الحديث الشريف المعتمدة .
2 ـ أي فاصِلٌ مُبينٌ لما قاله فيه أتمَّ البيان ، تَقبَلُه العقول لنصاعته وحَقِّيَّتِه ، وتَستلِذُّهُ الأسماعُ لفصاحتِه وجَزالتِه .
3 ـ أي لا إفراطَ فيه ولا تفريط .
4 ـ أي ليس بغليظِ الطبع ثقيل النفس . وقولُه : ولا المَهين : أي ليس هو بالمحتَقَرِ المبتذَل ، بل كان مَهيباً مُوَقَّراً ، من رآه بَديهةً هابَهُ ، ومن خالطَهُ معرفةً أحبَّه .
5 ـ أي صغُرَت وقلَّت .
6 ـ الذَّواقُ : الشيءُ المَذوق ، سواءٌ كان طعاماً أو شراباً . فلم يكن صلى الله عليه وسلم يُذكَرُ في مجلسه الشريف المُفاضلة بين الأطعمة أو الاشرِبة ، كشأن بعض أهل الدنيا الذين يَهتمُّن بالطعام والشراب والملذّات ، وتكون حديث مجالسهم! .
7 ـ بل كان صلى الله عليه وسلم لا يَغضَبُ إلا لله تعالى .
8 ـ أي لم يقُم لدفع غضبه حتى ينتصر للحق .
9 ـ أي قبض وجهه عمن غضِب عليه ، فلا يُقابله بما يقتضيه الغضب .
10 ـ أي يضحكُ عن أسنانٍ جميلةٍ بيضاء ناصعة ، مثل اللؤلؤ المشيَّهِ بحبِّ الغمام وهو البرد .
والضَّحك في مواطنه فِعلٌ حسنٌ محمود ، لما فيه من الخير الملاقي للطباع ، والمُواتي للمقام ، فلا غرابة أن يَضحك سيِّدُ الناس وأعظم البشر صلى الله عليه وسلم .
قال أبو عمرو الجاحظ في فاتحة كتابه ((البخلاء)) ص 5 : بعدَ أن تحدَّث عن فوائد البكاءِ ومنافعِهِ التي تعود على الروح والجسم جميعاً ، قال ((فما ظَنُّك بالضَّحِك الذي لا يزال صاحبُه في غاية السرور إلى أن ينقطع عنه سببُه . ولو كان الضَّحِك قبيحاً من الضاحك أي في مواطن الضحك ـ وقبيحاً من المُضْحِك ، لما قيل للزّضهرة ، والحِبَرة ، والحَلْي ، والقَصْر المبنيِّ : كأنه يَضحكُ ضَحِكاً . وقد قال الله جلَّ ذِكرُه : (وأنَّه هو أضحكَ وأبكى وأنَّه هو أَماتَ وأحيَى) . فوََع الضَّحِك بحذاءِ الحياة ، ووضع البكاء بِحِذاءِ الموت . وإنه لا يُضيفُ اللله إلى نفسه القبيح ، ولا يمُنُّ على خَلْقِه بالنقص .
وكيف لا يكون موقِعُه من سرور النَّفس عظيماً ، ومن مَصلحة الطِّباع كبيراً ، وهو شيء في أصل الطباع ، وفي أساس التركيب ، لأن الضحك أوَّل خيرٍ يظهر من الصَّبي ، وبه تَطيب نفسه ، وعليه يَنْبُتُ شَحْمهُ ، ويكثر دمُه الذي هو عِلّة سروره ، ومادَّةُ قُوَّته . =
= ولفضلِ خِصالِ الحك عند العرب ، تُسمّي أولادَها : بالضحّاك ، وبِبسّام ، وبطَلْق ، وبطليق . وقد ضَحِكَ النبي صلى الله عليه وسلم ومَزَحَ ، وضحك الصالحون ومزحوا . وإذا مدحوا قالوا : هو ضَحوكُ السن ، وبسّامُ العَشِيّات ، وهشٌّ إلى الضَّيف ، وذوا أَرْيَحيّضةٍ واهتزاز .
وإذا ذَمّوا قالوا : هو عَبوس ، وهو كالح ، وهو قطوب ، وهو شيِّم المُحَيّا ، وهو مُكْفَهِرٌّ أبداً ، وهو كريهومُقبَّض الوجه ، وحامِضُ الوجه ، وكأنما وجهه بالخلِّ منضوح .
ــــ قال عبد الفتاح : وما اجمل قولَ الشاعر الوَصّاف المبدع :
ضَحوكُ السِّنِّ إنْ نطقوا بخيرٍ وعندَ الشَّرِّ مِطراقٌ عَبوسُ ـــــ
وللضحك موضعٌ وله مقدار ، وللمرح موضعٌ وله مقدار ، متى جازَهُما أحدٌ ، أو قصَّر عنهما أحد ، صار الفاضِل خطلاً والتقصير نَقْصاً . فالناسُ لم يعيبوا الضحك إلا بقدَر ، ولم يَعيبوا المزح إلا بقدر ، ومتى أُريد بالمزح النفعُ ، وبالضَّحِكِ الشيءُ الذي له جُعِل الضحك ، صار المزح جِدّاً والضحكُ وقاراً)) .
1 ـ ص 221 ـ 224 .
2 ـ أي دائم طلاقةِ الوجه والبشاشةِ مع الناس .
3 ـ أي ليس بغليظ الكلام ولا جافي القول .
4 ـ أي وليس بغليظ الطبع ، بحيث يَجفوه الناس ، بل كان سهْل الخُلُق ليِّن الجانب ، قال تعالى : (ولو كُنْتَ فظّاً غليظَ القلب لانفضّوا من حوْلِك) .
5ـ الصَّخَبُ هو اضطراب الأصوات وشِدَّتُها للخصومة . وصيغةُ (صخّاب) هنا صيغة نَسَب في سياق النفي ، فهي لنفي الصَّخب عن حديثه صلى الله عليه وسلم إطلاقاً ، لا في قليل ولا كثير ، على حَدِّ صيغة (ظلاّم) في قوله تعالى : (وما ربُّكَ بظَلاّمٍ للعبيد) أي لا يُنْسَبُ له سبحانه الظلمُ في قليل ولا كثير .
6 ـ الفُحش هو كل ما يشتَدُّ قُبحُه من الأقوال أو الأفعال . و(فحّاش) صيغة نسب أيضاً في مَساق النفي ، فتُفيد نفي أصل الفُحش عنه صلى الله عليه وسلم قليلِه وكثيرِه .
7 ـ أي لا يعيب الناس ، أو الأشياء ، على سبيل الانتقاص لهم ، أو الإزراءِ بها ، بل كان عفّاً متعالياً عن ذلك كلِّه .
8 ـ أي لا يُبالغ في المدح والثناء ، وإنما يُنزِّلُ الناس منازلَهم ، ويقول فيهم بالعدل والإنصاف .
9 ـ أي يُظهر الغفلة والإعراض عما لا يستحسنه من الأقوال والأفعال ، تلطُّفاً بأصحابه ، ورفقاً بهم ، وترفُّعاً عن التدخُّل في كل شيء ، وقد قال أبو الطيب : ليس الغبيُّ بسيِّدٍ في قومه لكنَّ سيِّدَ قومِه المتغابي
10 ـ أي لا يجعل راجيَه آيساً من كرمه وجوده وتلبيةِ ما أمَّله منه .
11 ـ أي لا يُخيِّب الراجي فيه صلى الله عليه وسلم ، بل يُلبّي له رجاءَه .
12 ـ أي الجِدال ولو بحقّ .
13 ـ أي من الكلامِ أو المال .
14 ـ أي لا يَتتبَّعُ عوراتِ الناس وسَقَطاتِهم ، ولا يَتجسِّس عليهم ويَتفحَّصُ عن عُيوبِهم وزلاّتِهم .
15 ـ أي نظروا بأبصارهم إلى الأرض ، وأَصغَوْا إليه لاستماع كلامه ، مع سُرورهم وارتياحهم بحديثه ، وذلك من أعلى الأدبِ والتبجيلِ للسادةِ والكُبراء .
16 ـ أي يسكنون السكون التامَّ ـ مع السكوتِ ـ عند كلامه ، هيبةً له وإجلالاً ، وتعلُّماً واستفادة .
وقولُه : (كأنَّما على رؤوسهم الطير) كنايةٌ عن ذلك السُّكوتِ والسُّكونِ التامّ . وأصلُهُ أنَّ الغراب يقعُ على رأس البعير ، فيلقُطُ منه القُراد ، فلا يتحرَّك البعير حينئذٍ ، لئلا ينفِرَ عنه ويبقى القُرادُ في رأس البعير فيُؤلِمُه ، فقيل منه : كأنَّ على رؤوسِهم الطير .
17 ـ أي من بَدَأ أوَّلاً بالحديث منهم فهو المتحدِّثُ حتى يَفرغ ولو كان أدناهم ، ثم يَتحدَّثُ غيرُه بعده .
18 ـ أي يصبر عليه في جفاِ نُطقِه وغِلْظَةِ كلامه وخُشونة سؤاله . وقد كان يقع هذا من جُفاةِ الأعراب أهلِ البادية ، الذين لم يختلطوا بالناس .
19 ـ أي يستجلبون أولئك الأعراب إلى مجلسه صلى الله عليه وسلم ، ليستفيدوا من سؤالهم له ، إذ يسألونه ما يَهاب أصحابُه السؤال عنه توقيراً له .
قال أنس رضي الله عنه : ((كنا نُهينا في القرآن أن نَسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء ، فكان يُعجِبُنا أن يَجيء الرجلُ من أهل البادية العاقلُ فيسألَه ، ونحن نسمع)) . رواه مسلم 1 : 169 و171 ، والنسائي 4 : 121 .
والآية التي يُشير أنسٌ رضي الله عنه إلى وُرودِ النهي فيها ، هي قولُه تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تَسُؤكم) ، وقد كانوا قبلَ نزولها يسألون ، ويكثرون السؤال ، عما هو ضروري وغير ضروري ، فنُهوا عن السؤال غير الضروري ، وسُمِح لهم بالسؤال عما يُفيدُ ويُحتاجُ إليه .
ولذا قال : (كان يُعجبُنا أن يجيء الرجل العاقل) وذلك لكونه أعرف يكيفية السؤال وآدابه والمهم منه ، وأدْرى بحُسن المراجعة ، وبهذا يَعظُمُ الانتفاع بالسؤال ويعُمُّ النفعُ بجوابه أيضاً . =
= قال الإمام ابن القيِّم رحمه الله تعالى في ((زاد المعاد)) 3 : 121 : ((وكانوا يورِدون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يُشكِلُ من الأسئلة والشُّبُهات ، فيُجيبُهم عنها بما يُثلِجُ صدورهم ، وقد أورد عليه صلى الله عليه وسلم الأسئلة أعداؤه وأصحابه ، أعداءه للتعنُّت والمُغالبة ، وأصحابُه للفهْمِ والبيان ، وزيادة الإيمان ، وهو يُجيبُ كُلاًّ عن سؤاله ، إلاّ ما لا جواب عنه ، كسؤالهم عن وقت السّاعة)) .
1 ـ أي فأعينوه أو أَعطوه ، يُقال : رَفَدَه وأرْفَده إذا أعانه أو أعطاه .
2 ـ أي لا يَقبل المدح إلا من مُكافىء على إنعام حصل من النبي له ، فهو لا يُحِبُّ أن يُحمَد بما لم يفعل ، صلى الله عليه وسلم .
3 ـ أي حتى يقع في الجوْر ومُجاوزة الحق في كلامه .
4 ـ وفي هذا الحديث الشريف ما لا يخفى من نهاية كماله صلى الله عليه وسلم ، ورفقِه ، ولُطفِه ، وحِلْمِه ، وصبرِه ، وصفْحِه ، ورأفَتِه ، ورحمَتِه ، وعظيم أخلاقِه ... وكلُّ ذلك مطلوبٌ من المعلِّم منا الاقتداءُ فيه برسول الله صلى الله عليه وسلم المعلِّم الناصح الأمين .
5 ـ ص 212 .
6 ـ ((الأدب المفرد)) ص 511 رقم 1164 (باب الجلوس على السرير) ، ومسلم 6 : 165 في كتاب الجمعة ، والنسائي 8 : 220 في كتاب الزينة (باب الجلوس على الكرسي) .
7 ـ قال الإمام النووي في ((شرح صحيح مسلم)) 6 : 165 : ((في هذا الحديث تواضُعُ النبي صلى الله عليه وسلم ورِفقُه بالمسلمين ، وشفقتُه عليهم ، وخفْضُ جناحِه لهم ، وفيه استحبابُ تلطُّفِ السائلِ في عبارتِه وسؤالِه العالمَ .
وفيه المبادَرةُ إلى جواب المستفتي ، وتقديم أهمِّ الأمور فأهمِّها ، ولعله كان سأل عن الإيمان وقواعده المهمّة ، وقد اتفق العلماء على أن من جاء يسأل عن الإيمان وكيفية الدخول في الإسلام وَجَب إجابتُه وتعليمُه على الفور .
وقعودُه صلى الله عليه وسلم على الكرسي ليسمَع الباقون كلامه ويروا شخصه الكريم)) . انتهى كلام النووي . قلتُ : وفيه أيضاً جواز جلوس المعلِّم على الكرسي أثناء التعليم ، وأنه لا يلزمه أن يعلِّم واقفاً .
8 ـ البخاري 1 : 148 ـ 149 فقي كتاب العلم ، النسائي 4 : 122 ـ 123 في فاتحة كتاب الصوم ، ابن ماجه 1 : 194 في كتاب إقامة الصلاة . والحديث بنحوِ ما هنا في ((مسلم)) 1 : 169 ـ 171 ، و((سنن الدارمي)) 1 : 130 .
9 ـ أي في ساحة المسجد ، ففي رواية الدارمي 1 : 131 من طريق ابن عباس رضي الله عنهما : ((فأناخَ بعيره على باب المسجد ، ثم عَقَلَه)) .
10 ـ أي ربطه بشيء عند باب المسجد لئلا يشرد .
11 ـ قوله : (بين ظهرانيهم) أي بينهم . وفيه ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من التواضُع وترك التكبُّر ، وفيه أيضاً جوازُ اتكاءِ الإمام بين أتباعه .
12 ـ أي سَمِعتُك ، فقُل ما تريد .
13 ـ وفي ((سنن الدارمي)) 1 : 130 ـ 131 من طريق ابن عباس رضي الله تعالى عنه : ((إني سائلُك فمشدِّد مسألتي إياك ، ومُناشِدُك فمُشدِّد مناشدتي إياك)) . وفي رواية : ((إني سائلك ومُغلِّظٌ في المسألة فلا تجِدَنَّ في نفسك)) .
وقوله (لا تجِدنَّ) أي لا تغضبنَّ من مُساءلتي وتشدُّدي فيها .
14 ـ وفي ((سنن الدارمي)) 1 : 131 : ((لا اجِدُ في نفسي فسَلْ عما بدا لك)) . وفي الحديث بيان تواضعِه صلى الله عليه وسلم ، ورِفقُه بالسائل المستفيد على تشديده في السؤال وتغليظِه فيه ، وفيه أنه ينبغي للمتعلِّم أن يقدِّم بين يدي سؤالِه مقدِّمة يتلطَّفُ فيها ويعتذر فيها ليَحسُنَ موقِعُ سؤالِه عند المعلِّم ، وهو من حُسن التوصُّل إلى المقصود .
15 ـ أصلُ الجواب قوله (نعم) ، وذكر لفظ (اللهم) للتبرُّك وليدُلَّ على تيقُّنِه في الجواب ، فكأنه قال : يا الله إني أُشهدُك أنَّ ما أقولُ حقٌ .
16 ـ أي أسألُك بالله .
1 ـ أي شهر رمضان .
2 ـ أي الزكاة .
3 ـ وأخرج النسائي والبغوي هذا الحديث عن أبي هريرة ، وجاء في آخرة : ((فلما أنْ ولّى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فَقِهَ الرجل)) .
قال عبد الفتاح : ما أغفل هذا الرجل السائل ، وما أحسنَ مدْخَلضهُ وتقديم اعتذاره بهذا التمهيد لأسئلته التي سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستحلفه على جواب كل سؤال منها ، فقد توثَّق تمام التوثق من صِدق الصادِق المصدوق صلى الله عليه وسلم .
فلما استوفى أسئلته وأُعطي أجوبتها أعلَن إسلامه ، وانه رسول قومه الذين أوفدوه وهم تبعٌ له ، ليعلموا صدق الرسول الداعي للإيمان بما جاء به من عند الله ، فيُسلموا ، فهم لم يوفدوه عنهم إلاّ وهم على تمام الثقة من رجاحة عقله ، وثاقبِ نظرِه ، وصادقِ تفرُّسِه ، فلله دَرُّهم ودَرُّه ، ولذا قال سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما : ما سمِعنا بوافد قوم قطُّ ، كان أفضل من ضِمام . وكان سيدنا عمر رضي الله عنه يقول : ما رأيتُ أحداً أحسنَ مسأَلةً ، ولا أوجَزَ من ضِمام بن ثعلبة . رضي الله عنه وأرضاه .
واسم (ضِمام) مأخوذ من ضِمام الشيء ، وهو ما يَشملُه وينطوي عليه . يقال : التقوى ضِمامُ الخير كلِّه .
4 ـ 1 : 172 ـ 173 في كتاب الإيمان . وأصلُ الحديث عند البخاري 3 : 261 في فاتحة كتاب الزكاة ، والنسائي 1 : 234 في كتاب الصلاة (باب ثواب من أقام الصلاة) .
5 ـ قوله (بخطام ناقته) أي ناقةِ النبي صلى الله عليه وسلم . والخِطام هو الزِّمامُ ، وهو كلُّ ما وُضِع في أنف البعير ليُقْتادَ به .
6 ـ أي سكت عن الجواب هُنَيهة .
7 ـ تعجُّباً من حُسن سؤاله .
8 ـ أي وُفِّق للسؤال عما يَهُمُّه ويحتاج إليه ، أو هُدي إلى ذلك بفضل الله تعالى ، والشكُّ من الراوي ، والمعنى في اللفظين متقارب .
9 ـ إنما قال ذلك لأن الأعرابي كان مُمسكاً بزِمام الناقة ليتمكّضن من سؤاله بلا مشقّة ، فلما حصل جوابُه قال : دعها . وفي الحديث بيانُ غايةِ تواضُعِه صلى الله عليه وسلم للسائل وشفقته عليه ، ومع جفائه وتعرُّضه للسؤال في غير وقته .
10 ـ كما في ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)) 3 : 264 ـ 265 في أول كتاب الزكاة .
11 ـ أي ابعُد عنه .
12 ـ أي النبي صلى الله عليه وسلم .
13 ـ قوله (أربٌ) أي الحاجة ، و(ما) زائدة ، كأنه قال : له حاجةٌ ما .
14 ـ أي وصلتُ إليه .
15 ـ يعني فما غَضِب عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيرُه من أصحابه . وفيه من تواضُع النبي صلى الله عليه وسلم وخفضِ جَناحِه للسائل المستفيد ما لا يخفى .
16 ـ أي فافهم ما أقوله جيِّداً .
17 ـ مسلم 15 : 82 ، وأبو داود 4 : 257 ، و((الشمائل)) ص 205 .
18 ـ أي الطُّرُق .
1 ـ قال الإمام النووي في ((شرح صحيح مسلم)) 15 : 82 : ((في هذا الحديث بيانُ تواضُعِه صلى الله عليه وسلم ، بوقوفه مع المرأة الضعيفة ، ليَقضي حاجتَها ويُفتيَها في الخَلْوةِ ، ولم يكن ذلك من الخَلْوةِ بالمرأة الأجنبية ، فإن هذا كان في مَمَرِّ الناس ومُشاهدتِهم إياه وإياها ، ولكن لا يَسمعون كلامَها ، لأن مسألتها مما لا يُظهَرُ ، والله أعلم)) .