البحث
غناء الحور العين و ما فيه من الطرب و اللذة
8322
2012/01/31
2024/11/14
غناء الحور العين و ما فيه من الطرب و اللذة :
ونساء الجنة, مع زهو جمالهن ورقة أبدانهن ونعومة شكلهن وسحرهن وحسنهن ومع ما تحلين به من دماثه الأخلاق وحسن العشرة, قد وهبن من الأصوات أحسنها و من الأغاني أعذبها وأطربها ، قال تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرّقُونَ * فَأَمّا الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) [الروم 14: 15]
[*] قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره :
قال: { وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } : قال قتادة: هي ـ والله ـ الفرقة التي لا اجتماع بعدها، يعني: إذا رفع هذا إلى عليين، وخفض هذا إلى أسفل السافلين، فذاك آخر العهد بينهما ؛ ولهذا قال: { فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } قال مجاهد وقتادة: ينعمون.
وقال يحيى بن أبي كثير: يعني سماع الغناء.انتهى
.
( حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِنَّ الحُورَ العِيْنَ لَتُغَنِينَ فِي الجَنَّةِ يَقُلْنَ: نَحْنُ الحُورُ الحِسَانُ خُبِّئْنَا لأَزْوَاجٍ كِرَامٍ .
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب موقوفا ) قَالَ : إِنَّ فِي الجَنَّةِ نَهْرَاً طُولُ الجَنَّةِ «حَافَتَاهُ العَذَارَى قِيَامٌ مُتَقَابِلَاتٌ» يُغَنِيْنَ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ يَسْمَعَهَا الخَلَائِقَ حَتَى مَا يَرَوْنَ أنَّ فِي الجَنَّةِ لَذَةً مِثْلِهَا ، قُلْنَا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَمَا ذَاكَ الغِنَاء ؟ قَالَ إِنْ شَاءَ اللهُ التَسْبِيْحُ وَالتَحْمِيْدُ وَالتَقْدِيْسُ وَثَنَاءٌ عَلَى الرَبِ عَزَ وَجَل .
العَذَارَى : الأبكار والمقصود الحور العين كقوله تعالى : (إِنّآ أَنشَأْنَاهُنّ إِنشَآءً * فَجَعَلْنَاهُنّ أَبْكَاراً* عُرُباً أَتْرَاباً) [ الواقعة 35: 37]
قِيَامٌ مُتَقَابِلَاتٌ : أي يقابل بعضهن بعضا على حافتي النهر .
( حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع ) أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم قَالَ : إِنَّ أَزْوَاجَ أَهلِ الجَنَّةِ لَيُغَنِينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ أَصْواتٍ مَا سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطْ إِنَّ مِمَّا يُغَنِينَ: نَحْنُ الخَيْرَاتُ الحِسَانُ أَزْوَاجُ قَومٍ كِرَامٍ ، يَنْظُرَن بِقُرَةٍ أَعْيَانٍ ، وَإِنَّ مِمَّا يُغَنِينَ بِهِ: نَحْنُ الخَالِدَاتُ فَلَا يَمُتْنَه ، نَحْنُ الآَمِنَاتُ فَلَا يَخَفْنَه ، نَحْنُ المُقِيمَاتُ فَلَا يَظْعَنَه .
الظعن : الارتحال والسفر
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
( إن أزواج أهل الجنة ) زاد في رواية من الحور
( ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد قط ) أي بأصوات حسان ما سمع في الدنيا مثلها أحد قط ، وتمام الحديث وإن مما يغنين به نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام وفي رواية وإن مما يغنين به : نحن الخالدات فلا يمتنه ، نحن الآمنات فلا يخفنه ، نحن المقيمات فلا يظعنه انتهى .
أخي الحبيب :
إنَّ من أجلِّ نعم الله في الجنة الحور العين وجوههن جمعت الجمال الباطن والظاهر من جميع الوجوه، في الخيام مقصورات، وللطرف قاصرات، لا يفنى شبابها، لا يبلى جمالها، ولو اطلعت إحداهن على الدنيا لملأت ما بين السماء والأرض ريحاً، وعطراً، وشذاً، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ما في النجوم من ضياء، راضيات لا يسخطن أبداً.
ناعمات لا يبأسن أبداً، خالدات لا يمتن أبداً، جميلة حسناء، بكر عذراء كأنها الياقوت، كلامها رخيم، وقدها قويم، وشعرها بهيم، وقدرها عظيم، وجفنها فاتر، وحسنها باهر، وجمالها زاهر، ودلالها ظاهر.
كحيلٌ طرفها *** عذبٌ نُطقُها
عجبٌ خلقها *** حسنٌ خُلُقُها
كثيرة الوداد عديمة الملل، أيها الاخوة جمالها لا تتخيله العيون، ورائحتها، وملبسها، وجمال كلامها لا يخطر على قلب. فتعلم هناك - وهناك فقط - أن فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر، وفي لحظات الجنان وبينما ذلك المؤمن ينعم ويمشي على بساط الجنة متنقلاً ما بين حدائقها، وخيامها، وأنهارها وإذا به ينظر نظرة أخرى لذلك القصر المشيد بأنواره المتلألئة وخضرته الناظرة، عندها يبشر المؤمن أن أقبل، فهذا قصرك، وداخله زوجتك تنتظرك منذ أن كنت في الدنيا، فينطلق إليها وتنطلق إليه في أجمل زفاف بينهم، السندس والإستبرق لباسهما، والذهب واللؤلؤ أساورهما، فتقبل إليه ونصيفها على كتفها خير من الدنيا وما فيها، فيعانق الحبيبان عناقاً لا تمله ولا يملها، ويجلسان في ظل ظليل بين الأشجار والرياحين، ومن حولهم أكواب موضوعة فيتبادلان كؤوس الرحيق المختوم، والتنسيم، والسلسبيل، وكأس من خمر لذة للشاربين، فيجلسان على تلكم البسط الحسان، ويتكئان على تلكم الوسائد المصفوفة، وتتوالى عليهم ومن بينهم المسرات، والخيرات، والإحسان، والمكرمات فيقولون: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر:34]. إنه عرس زفاف في هدوء ورضا يغمره السلام، والإطمئنان، والود، والأمان، ويبلغهم ربهم السلام: سَلاَمٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ .[يس:58] والملائكة يقولون لهم: سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24]. في هذا الجو العابق وهم على الأرائك متكئون يرون أنهار الجنان تتدفق من بينهم، أنهار، من ماء ولبن، وأنهار من عسل مصفى، وأنهار من خمر لذة للشاربين. يرون فاكهة كثيرة فيأكلون، ولحم طير مما يشتهون فيتلذذون.
فأبدانهم متنعمة بالجنان، والأنهار، والثمار، وقلوبهم متنعمة بالخلود والدوام في جنة الرحمن.
بعد ذلك تطيب الجلسة بينهم على ضفاف أنهار العسل فيتبادلان أجمل الأحاديث والذكريات في حب ونظرات وأترككم مع ابن الجوزي، ليصف لكم جلسته وحديثه فيقول: إن الحور العين تقول: لولي الله وهو متكيء على نهر العسل وهي تعطيه الكأس وهما في نعيم وسرور أتدري يا حبيب الله متى زوجني الله إياك؟ فيقول: لا أدري، فتقول: نظر إليك في يوم شديد حره وأنت في ظمأ الهواجر فباهى بك الملائكة وقال: انظروا يا ملائكتي إلى عبدي، ترك شهوته، ولذته وزوجته وطعامه وشرابه، رغبة فيما عندي، أشهدكم أني قد غفرت له. فغفر لك يومئذ وزوجني إياك.
فيا سبحان الله بصيام يوم شديد حره يتلذذ ذلك المؤمن وزوجته على ضفاف أنهار العسل، فهذا زفت عروسه لصيامه، وآخر لخشيته لربه وإشفاقه، وتُزفُّ العروس لأصحاب القلوب المتعلقة بالمساجد، تُزفُّ العروس للمنفقين سراً وجهراً، تُزفُّ العروس أيها الإخوة للذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، تُزفُّ العروس لأهل القرآن الذين يرتقون في الجنان، تُزفُّ العروس للذين هم لفروجهم حافظون، ولأماناتهم وعهدهم راعون، تُزفُّ العروس لعيون طالما نفرت دموعها خشية من ربها، تُزفُّ لأجساد وقلوب وهبت نفسها لله، تُزفُّ لأهل التوبة والإستغفار، تُزفُّ العروس للعفيف المتعفف، والضعيف المتضعف، والمتواضع ذي الطمرين المدفوع بالأبواب، تُزفُّ العروس لتارك المراء ولو كان محقاً، وتارك الكذب ولو كان مازحاً، تُزفُّ لمن حسن خلقه، وكظم غيظه، وعفا عمّن ظلمه، تُزفُّ لمن أفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام، الله أكبر أهل الجنان والحور أقوام آمنوا بالله وصدقوا المرسلين: وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف:43]
فيا خاطبَ الحسناءِ إن كنتَ باغياً *** فهَذا زمانُ المهرِ فهو المقدمُ
وكن مبغضاً للخائنات لحبها *** فتَحظى بها من دونهن وتنعمُ
وصم يومك الأدنى لعلك في غد *** تفوزُ بعيدِ الفطرِ والناس صومُ
واعلم أخي الحبيب : أن هذا النعيم لا ينال إلا بالجد في طاعة الله, وتقديم مراده على مراد النفس, بأداء الصلوات والذكر في الخلوات, والقيام في الظلمات.
[*]قال مالك بن دينار: كان لي أحزاب أقرؤها كل ليلة, فنمت ذات ليلة, فإذا أنا في المنام بجارية ذات حسن وجمال وبيدها رقعة فقالت أتحسن أن تقرأ؟ فقلت: نعم. فدفعت إلي الرقعة, فإذا مكتوب هذه الأبيات:
لهاك النوم عن طلب الأماني وعن تلك الأوانس في الجنان
تعيش مخلداً لا موت فيهـا وتلهو في الخيام مع الحسان
تنبه في منامك إن خيــراً من النوم التهجــد بالقرآن
كلنا نريد أن تُزفَّ إلينا تلك العروس فلماذا تضيع من بين أيدينا بلذة ساعة ومتاع دنيا؟
محرومٌ محرومٌ من شرب الخمر في الدنيا وحرم نفسه شربها مع زوجته في الجنة، محرومٌ محرومٌ من انتهك الأعراض بالزنا وحرم نفسه التلذذ بالحور بالآخرة، محرومٌ محرومٌ من استمع إلى الغناء في الدنيا وحرم نفسه سماع غناء الأشجار مع زوجته في الجنان.
[*] قال ابن عمر رضي الله عنهما: والله لا ينال أحداً من الدنيا شيئاً إلا نقص من درجاته عند الله وإن كان عنده كريم.
[*] ويقول ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر: بقدر صعود الإنسان في الدنيا تنزل مرتبته في الآخرة ، وقبل ذلك يقول ربنا عز وجل: مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً [الإسراء:19،18]
أخي الحبيب : الحور الحسان في الجنان تزفُّ إلى أفضل زوج لها بعد الأنبياء والصديقين إنه من باع نفسه من أجل الله، صاحب الدماء الطاهرة ذات الرائحة الزكية، إلى ذلك الرجل الذي يقبل على ربه بدمه الملون لون الدم، والريح ريح المسك، إنه الشهيد في سبيل الله تلكم العيون التي باتت تحرس وتجاهد في سبيل الله حتى بلغت المراد والمنى، ولن يجفّ دم شهيد حتى تتمتع عيناه بالحور الحسان.
أخي الحبيب :
إليك هذه القصة: في البصرة كان هناك نساء عابدات، وكان من بينهن أم إبراهيم الهاشمية توفي زوجها الصالح وترك لها إبراهيم فربّته أفضل تربية، حتى نشأ نشأة صالحة حتى أنَّ ولاة البصرة يتمنونه زوجاً لبناتهم، وفي يوم من الأيام أغار العدو على ثغر من ثغور الاسلام، فقام عبد الواحد بن زيد البصري خطيباً بالناس يحثهم على الدفاع عن الإسلام، وكانت أم إبراهيم تستمع إلى كلامه، وأخذ عبد الواحد يصف الحور الحسان فقال:
غادة ذات دلالٍ ومرح *** يجد التائه فيها ما اقترح
زانها الله بوجهٍ جمعت *** فيه أوصاف غريبات الملح
بدأ يصف أكثر وأكثر، فماج الناس، وأقبلت أم إبراهيم فقالت له: يا أبي عبيد، أتعرف ولدي إبراهيم؟ رؤساء أهل البصرة يخطبونه لبناتهم، فأنا والله أعجبتني تلك الجارية، وأن أرضاها زوجاً لولدي فكرّرْ عليّ ما قلت من وصفها وجمالها، فقال عبد الواحد وزاد:
تولّد نورُ النُّور من نورِ وجهها *** فمازج طيب الطيب من خالصِ العطرِ
فاشتاق الناس إلى الشهادة في سبيل الله، فقالت أم إبراهيم: يا أبا عبيد، هل لك أن تزوج إبراهيم تلك الجارية، فاتَّخذ مهرها عشرة آلاف دينار، ويخرج معك في هذه الغزوة، فلعل الله أن يرزقه الشهادة، فيكون شفيعاً لي ولأبيه يوم القيامة، فقال لها عبد الواحد: لأن فعلت لتفوزن أنت وزوجك فنادت ولدها إبراهيم من وسط الناس فقال لها لبيك يا أماه، فقالت: أي بني، أرضيت بهذه الجارية زوجة لك ببذل مهجتك في سبيل الله؟ فقال إبراهيم: أي والله يا أمي رضيت وأي رضا، فقالت: اللهم إني أشهدك أني قد زوجتُ ولدي هذا من هذه الحورية ببذل مهجته في سبيلك فتقبله مني يا أرحم الراحمين، ثم انصرفت فاشترت لولدها فرساً جيداً وسلاحاً، ثم خرج الجيش للقتال، وهم يرددون قول الله تعالى: إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ [التوبة:111]
فلما أرادت أم إبراهيم فراق ولدها أعطته كفناً وحنوطاً، وقالت له: أي بني إن أردت لقاء العدو فتكفّن بهذا الكفن وتحنّط بهذا الحنوط، وإياك أن يراك الله مقصراً في سبيله، ثم ضمّته إلى صدرها وقبّلته وقالت له: لا جمع الله بيني وبينك إلا بين يديه في عرصات القيامة، وارتحل الجيش، وودعت أم إبراهيم ولدها،
قال عبد الواحد: فلما واجهنا العدو برز إبراهيم في المقدمة، فقتل من العدو خلقاً كثيراً، ثم تجمعوا عليه فقتلوه، وكتب الله النصر للمسلمين، فلما رجع الجيش إلى البصرة غانماً منتصراً، خرج أهل البصرة يستقبلونهم، ومن بينهم أم إبراهيم ترقب ولدها فلما رأت عبد الواحد قالت له: يا أبا عبيد، هل قبل الله هديتي فأهنَّأ فقال: قد قبلت هديتك فخرّت ساجدة لله تعالى وقالت الحمد لله الذي لم يخيِّب ظنِّي وتقبَّل نسكي مني، فلمّا كان من الغد جاءت أم إبراهيم إلى عبد الواحد بن زيد فقالت: يا أبا عبيد رأيت البارحة إبراهيم في منامي في روضة حسناء، وعليه قبة خضراء، وهو على سرير من اللؤلؤ، وعلى رأسه تاجاً وإكليلاً، وهو يقول لي: يا أماه أبشري فقد قُبِل المهر، وزُفَّت العروس.
أخي الحبيب :
هذه الحور الحسان، وهذه الجنان، وهذا سبيلها، فهل رأيتم أشد غبناً ممن يبيع الجنان العالية بحياة أشبه بأضغاث أحلام يبيع الحور بلذة قصيرة وأحوال زهيدة؟ أي سفه ممن يبيع مساكن طيبة في جنان عدن بأعطان ضيقة، وخراب بوار.
فيا حسرة هذا المتخلف حين يرى ركب المؤمنين سائرين الى الجنان، ويمنع من دخولها، عندها سوف يعلم أي بضاعة أضاع.
تنبيه : إذا كانت نساء الدنيــا زينةً ومحببّة ومشتهاةً وقد خلقن من تراب الأرض, وجعلهن الله فتنة الدنيا ولم يبلغن من حسن نساء أهل الجنة ذَرَّة, فكيف يتصوّر جمال وحسن وكمال صورة نسـاء أهل الجنة؟ وهذا فى الصورة, فما بال الخُلُق والأدب والمعاملة والمعاشرة وجمال الباطن؟
إن عيون البشر في الدنيا تطيق رؤية جمال ما خُلق من طين, أما فى الجنة فإن الله يجعل العيون ترى ما فوق يخطر ببال أو يدور في الخيال , فلا يحجب الرؤية شيء هناك, فيرى ملكه كله في آن واحد, فيرى ما بَعُد كما يرى ما قَرُب, ويرى مُخَّ ساق المرأة من وراء كل ما تلبس من الحسن, فما من جمال أو نعيم له في الجنة إلا وهو يتمتع به في كل صوت, وكل صوت لذيذ, ويشم كل شيء, وكل شيء ريحه طيب, بلا اختلاط أو تزاحم خِلْقة لا تدرك الملل, في شغل فاكهون .