البحث
أشجار الجنة وبساتينها وظلالها
12842
2011/11/02
2024/11/15
أشجار الجنة وبساتينها وظلالها :
ومن نعيم الجنة الخالد, كثرة الأشجار, ووفرة طيب الثمار, وغرائب الأطيار, فأشجارها لا يقدر قدرها إلا الذي خلقها ، من كثرة أغصانها وطول عمودها وانسياب أركانها وأعوادها, ولقد أودع الله فيها من جمال الشكل وحسن المنظر وبهاء اللون ورونق المظهر وامتداد الظل وطيب الثمار مالا يخطر على بال أو يدور في الخيال .
أشجــار الجنة من أنواع شتَّى, من يواقيت منوّعة, يغشاها ألوان بعد ألوان لا نهاية لألوانها وبهجتها , تتغيّر الألوان بغير أسباب, تهب ريح الجنة فتصفق الأوراق بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها, تَردُها طيور وعجائب بجمال ورَوَقْ لا تصفه الألسنة, فيتنعّم الرائى, والآكل, والسامع)مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (]الأنسان:13, 14 [
وقال تعالى: (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مّخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مّنضُودٍ * *وَظِلّ مّمْدُودٍ * وَمَآءٍ مّسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لاّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ) [الواقعة 27: 33]
فِي سِدْرٍ مّخْضُودٍ : والمخضود الذي قد خضد شوكة أي نزع وقطع فلا شوك فيه وهذا قول بن عباس ومجاهد ومقاتل وقتادة وأبي الأحوص وقسامة بن زهير وجماعة .
وَطَلْحٍ مّنضُودٍ : فأكثر المفسرين قالوا إنه شجرة الموز .
وَظِلّ مّمْدُودٍ :
( حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ سَنَةٍ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}.
(حديث أ َبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ فَذَهَبْتُ أَتَنَاوَلُ مِنْهَا قِطْفًا أُرِيكُمُوهُ فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ " . فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا مَثَلُ الْحَبَّةِ مِنَ الْعِنَبِ ؟ قَالَ : " كَأَعْظَمِ دَلْوٍ فَرَتْ أُمُّكَ قَطُّ " .
الدلو :إناء يُستقى به من البئر ونحوه
قط :بمعنى أبدا.
وأشجار الجنة ساقها من ذهب كما في الحديث الآتي :
( حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي ) أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلَّا وَسَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ.
ومن أشجار الجنة شجرة طوبى ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامهاكما في الحديث الآتي :
( حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع )أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:طُوبَى شَجَرَةٌ مَسِيرَةَ مِائَةِ سَنَةٍ، ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا.
وقال تعالى: (ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ) [الرحمن: 48] وهو جمع فنن وهو الغصن .
وقال تعالى: (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ) [الرحمن: 68]
(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح الترغيب والترهيب موقوفاً ) قال : نخل الجنة جذوعها من زمرد خضر وكربها ذهب أحمر وسعفها كسوة لأهل الجنة منها مقطعاتهم وحللهم وثمرها أمثال القلال والدلاء أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد ليس فيها عجم .
(حديث عتبة ابن عـبد السلمى رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) قال:» كنت جالساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابى فقال:يا رسول الله أسمعك تذكر فى الجنة شجرة لا أعلم شجرة أكثر شوكاً منها ـ يعني الطلح ـ , فقال رسول صلى الله عليه وسلم :إن الله جعل مكان كل شوكة منها ثمرة ( يعني من شجرة الطلح في الجنة) مثل خصية التيس الملبود ـ يعني المخصي ـ , فيها سبعون لوناً من الطعام لا يشبه لون آخر » .
(حديث أ َبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ فَذَهَبْتُ أَتَنَاوَلُ مِنْهَا قِطْفًا أُرِيكُمُوهُ فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ " . فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا مَثَلُ الْحَبَّةِ مِنَ الْعِنَبِ ؟ قَالَ : " كَأَعْظَمِ دَلْوٍ فَرَتْ أُمُّكَ قَطُّ " .
الدلو :إناء يُستقى به من البئر ونحوه
قط :بمعنى أبدا.
أخي الحبيب: تصور نفسك وأنت تملك واحدة من تلك الأشجار, كيف ستكون نشوتك وكيف سيكون سرورك وفرحتك, وكيف وهي أشجار كثيرة, عديدة ومتنوعة, فمنها أشجار الرمان ومنها أشجار العنب ومنها أشجار السدر ومنها أشجار الطلح, ولا تظن أخي الحبيب, أن هذه الفاكهة هي نفسها التي نراها في الدنيا, بل إن فواكه الآخرة لا تشبه فواكه الدنيا سوى في الاسم فقط كما صح ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه .
إنها أشجارها دائمة العطاءوافرة الخضرة 00 ممتدة الظلال00 في كل حال . قد تشابهت أشكال ثمارها, بيد أن كنهها ومذاقها يختلف. وهذا من لطائف نضجها وعجائب قدرة الله في إبداعها, قال تعالى (كُلّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رّزْقاً قَالُواْ هَـَذَا الّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مّطَهّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [البقرة: 25]
ومن تلك الأشجارما إن ظلها ليسير فيه الراكب مائة عام وما يقطعه.
( حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن في الجنة لشجرة، يسير الركب في ظلها مائة سنة، واقرؤوا إن شئتم: {وظل ممدود}. [ الواقعة 30 ]
ومن تلك الأشجار سدرة المنتهى :قال تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىَ * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىَ * عِندَهَا جَنّةُ الْمَأْوَىَ) [النجم 13: 15]
( حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ـ حديث الإسراء ـ :"ثم انطلق بي-أي: جبريل- حتى انتهى إلى سدرة المنتهى ونبقها فلال هجر, وورقها مثل آذان الفيلة, تكاد الورقة تغطي هذه الأمة فغشيها ألوان لا أدري ما هي, ثم أدخلت الجنة, فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك" .
ومن تلك الأشجار ما يخرج منها ثياب أهل الجنة:
( حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع )أنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:شَجَرَةٌ مَسِيرَةَ مِائَةِ سَنَةٍ، ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا.
ومما يزيد أشجار الجنة بهاء وجمالاًأن سيقانها من الذهب :
( حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب.
الله أكبر.. ما ألذ ثمارها وما أبهى أشجارها فطوبى لمن أحسن غراسها,في الدنيا بذكر الله وتهليله تسبيحه وحمده وتكبيره.
( حديث ابن مسعودرضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
قيعان: جمع قاع وهي الأرض المستوية الخالية من الشجر.
غراس جمع غرس وهو:ما يستر الأرض من البذر ونحوه.
(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قال سبحانالله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر غرس الله بكل واحدة منهنشجرة في الجنة .
فاغرس.. أيها الأخ الكريم: بساتين الأشجار بأسهل الأذكار فهي كلمات خفيفة سهلة, وما أكثر الغافلين عنها, المشتغلين بلغو الكلام وربما الهذر الحرام. مساكين هؤلاء الغافلون شغلهم غراس الدنيا, فاشتغلوا به ونسوا حظهم في الآخرة,ولم يزل يلهيهم طول الأمل وحب الدنيا, حتى باغتهم الموت .
ومع كثرة أشجار الجنة وثمارها, فإن أهل الجنة يرغبون في الزرع وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة :
( حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ،وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ فَقَالَ لَهُ أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ قَالَ فَبَذَرَ فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ وَاللَّهِ لَا تَجِدُهُ إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم .
وهذا يدل على أن في الجنة زرعا وذلك البذر منه وهذا أحسن أن تكون الأرض معمورة بالشجر والزرع .