البحث
رحمته صلى الله عليه وسلم أثناء الحرب
3335
2012/05/05
2024/10/12
الفصل الرابع: رحمته صلى الله عليه وسلم أثناء الحرب
لعل الكثير مِمَّنْ يقرأ عنوان هذا الفصل يتعجّب قائلاً: وهل في الحرب رحمة؟!
والواقع أن هذا التعجّب صحيح في عُموم المعارك التي تجري وَفْقَ أيّ منهجٍ من مناهجِ الأرض. غير أنّ منهج الإسلام ليس منهجًا أرضيًا تَعْتَرِيهِ نَوَاقِصُ البشر، وتُؤَثِّرُ فيه أهواؤُهم، إنما هو منهجٌ إلهيٌّ سماويٌّ ليس فيه نقاطُ ضعفٍ، أو ثغرات. ثم كانت حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير دليلٍ على واقعيّة هذا المنهج، فَطَبَّقَ كلّ بُنُودِهِ دون تفريطٍ أو تحريف. وكان من أَهَمِّ بُنُودِ هذا المنهج الراقي بُرُوزُ عنصرِ الأخلاقِ بشكلٍ عام، والرحمة بشكلٍ خاص، حتى شَمِلَتِ الأخلاق – حقيقةً - كل مَنَاحِي الحياة. وكانت الحربُ من الأمورِ التي لم يَسْتَثْنِهَا هذا المنهجُ الرفيعُ، فجاءت حروب الإسلام أخلاقيّة بمعنى الكلمة.
وباستقراء سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في المعارك الحربيّة المختلفة، سواءً ما فعله بنفسه صلى الله عليه وسلم ، أو ما كان يُوصِي به صحابته yجميعًا في عمليّاتهم الحربيّة تَتَّضِحُ لنا ملامحُ هذا المنهج الأخلاقيّ الرائعِ الذي مَارَسَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وطبَّقه عمليًّا في حياته تطبيقًا واقعيًّا يؤكِّد عمق الإيمان بهذا المنهج، مما كان له أَثَرٌ إيجابيٌّ بارزٌ على الجيلِ الأوَّلِ ومن تَبِعَهُمْ، فرأينا استمراريّة هذا المنهج الأخلاقيّ من خلال الفتوحات الكثيرة التي تَمَّتْ في عهد الخلافةِ الراشدةِ وصَدْرِ الإسلام.